وتأتي عند الدويك صفة التوليف والتركيب عبر طريقة تأليف الكتاب سواء من التأسيس النظري لمفهوم تاريخ السيرة، ومن عملية تبيان مصاعب البحث عن شخصية طواها النسيان. ومن ثم محاولة التأريخ لشخصية والده زكي مراد -دون أن ينكر أيضاً الدور غير المباشر للمغني عبد اللطيف البنا- بوصفه مغنياً مؤسسياً من شخصيات القرن العشرين التي مهدت، بشكل غير مقصود، لمغنيين كبيرين: محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش مثلا قطيعة مع مغني تيار الغناء التقليدي المتواتر (غناء الشيوخ والمداحين). وبعد ذلك الدخول في صلب الكتاب في وضع ثلاثة فصول مخصص أولها عن عملية مزدوجة بين التنقيب والتركيب لسيرة ذاتية لمنير مراد، وهي التي ستكون عماد ما سيكتبه في الفصلين اللاحقين من سيرة ثقافية لاحقاً عن دوره في مجالي السينما والاستعراض من جهة ومن أخرى التلحين والغناء. يجادل في فصل "ما حدش شاف: منير مراد" عن عدم ضبط معلومات عدة. سنة الولادة وتعليمه الأكاديمي، وتحول اسمه من موريس إلى منير. إذ حملت مقدمات الأفلام السينمائية بين عامي 1941-1948 اسمه الأصلي ثم ظهر اسم منير لاحقاً عام 1949. لكن اللافت هو أن معلومات علاقته بالملحن محمد عبدالوهاب ليست بالوافية من حيث إن منيراً يبدو الضحية الأولى- وهو ما لن يقوله الدويك- من بعد المطرب والملحن جلال حرب والملحن رؤوف ذهني اللذين انفجرت معلومات مبكرة أدلى بها شهود من المطربات والعازفين والخبراء.. عن نسبة ثلث ألحان عبدالوهاب بين الثلاثينيات والأربعينيات حتى الستينيات إليهما (7)، ولا يغرب عن البال أن ثلثاً آخر مقتبساً من أعماله(8)، وما تبقى هو ما يمكن نسبته إليه!. فالمرويات الشفوية عن تلك الفترة تحفظ عن ليلى مراد في جلساتها بأن ورشة عمل أقامها عبدالوهاب مع منير مراد ورؤوف ذهني أثناء العمل على وضع ألحان أغاني فيلم "غزل البنات"، فكانت على النحو التالي أغنية "أبجد هوز" وحوارية "عيني بترف" لمراد، و"اتمخطري واتمايلي يا خيل" و"ماليش أمل" لذهني ، ولعبدالوهاب أغنية "الحب جميل".. لكن ما هي المعلومات عن علاقته بعبدالوهاب؟ هي أنه تعرف إليه أثناء اشتراك ليلى مراد في فيلم "يحيا الحب" (1937) حيث عزف منير مقطوعة موسيقية تدعى "حبي" لعبدالوهاب، فلفت انتباهه، واعتمد عليه في حفظ الألحان التي ترد على خاطره، وقد يستعيدها منير بعد أن يضيف إليها فيستحسن ذلك عبدالوهاب، وامتد إلى أن يعتمد عليه في سفراته مترجماً للفرنسية والانجليزية.