القاهرة: محمد عبده حسنين تسعى السلطات المصرية جاهدة لاحتواء مطالب وغضب بعض شباب «ثورة 25 يناير»، قبل أيام من إحياء الذكرى الثالثة للثورة المصرية، التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك ونظامه مطلع عام 2011. وقال مراقبون وعدد من شباب الثورة إن توجه الدولة أخيرا بالحديث إلى شباب الثورة «يأتي بعد محاولات البعض تشويه الثورة والناشطين بها، وإحجام كثير من الشباب عن المشاركة في الاستفتاء على الدستور، بالإضافة إلى الحيلولة دون استقطابهم من جانب الإخوان المسلمين»، التي أعلنت نيتها التظاهر في هذا اليوم. وعقد الرئيس عدلي منصور أمس اجتماعا موسعا مع عدد من شباب القوى الثورية للتباحث حول مطالبهم، وكذلك سبل إحياء الذكرى الثالثة للثورة يوم السبت (المقبل)، بعيدا عن أعمال العنف. فيما تعهدت الشرطة المصرية بتأمين «احتفالات الثورة»، والتصدي لدعوات جماعة الإخوان المسلمين للتظاهر في ميدان التحرير (وسط القاهرة)، عبر الدفع بـ260 ألف شرطي و500 مجموعة قتالية لتأمين إحياء الذكرى الثالثة. وتستعد قوى وحركات شبابية لتنظيم فعاليات سياسية مختلفة تبدأ في الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، وأبرزها «جبهة طريق الثورة»، و«الاشتراكيون الثوريون»، و«حركة شباب 6 أبريل»، و«حزب الدستور»، و«مصر القوية». وسيعلن المشاركون عن خط سير المظاهرات المفترض إطلاقها خلال 25 يناير، في مؤتمر صحافي يعقد اليوم (الأربعاء) في مقر جبهة طريق الثورة. وقالت الناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح، أحد الوجوه البارزة في ثورة يناير «إن لدى معظم شباب الثورة حاليا هاجس عودة نظام مبارك مرة أخرى للحكم بوجوه جديدة، وإن على السلطة الحالية أن تتبرأ من ذلك». وشددت عبد الفتاح في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» على أن أبرز مطالب الشباب حاليا، التي سبب تجاهلها حالة من الغضب بينهم، هي «وقف الهجمة الشرسة التي يشنها سياسيون وبعض وسائل الإعلام لتشويه شباب الثورة، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، مع إتاحة المزيد من الحريات». ونوهت إلى أن نزولهم يوم السبت المقبل للتظاهر «لن يكون احتفالا كما يدعي البعض، وليس أيضا انتقاما، بل هو دعوة لتصحيح مسار الثورة لاستكمال أهدافها». وكانت تصريحات إعلامية قد نقلت عن الفريق أول عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش، أكد فيها أنه لا عودة للوجوه القديمة. كما سعت قيادات أمنية للتواصل مع قيادات إعلامية من أجل التخفيف من حدة الانتقادات التي توجه عبر منصات إعلامية لنشطاء ثورة 25 يناير. وأعلنت حركة «تمرد» المشاركة في الاحتفال بذكرى الثورة، في ميادين مصر بالقاهرة والمحافظات، وأكدت أن «مشاركتها في إحياء الثورة تعد احتفالا بما جرى إنجازه في خارطة الطريق وإقرار الدستور، كأول إنجاز ديمقراطي شعبي، وكذلك التأكيد على مطالب ثورة 25 يناير من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية». في المقابل، أعلن حزبا المصريين الأحرار، والمصري الديمقراطي، مقاطعة المظاهرات وعدا أن الدعوة للخروج يوم 25 يناير دعوة للاقتتال الداخلي. وتضامن معهما حزب النور السلفي. وقال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، إن الحركة لن تشارك في ذكرى 25 يناير سواء بالتظاهر أو الاحتفال، فالحركة لديها موقف ثابت من فكرة الحشد والحشد المضاد الذي سيشهده هذا اليوم، مشيرا إلى أن الحركة ستكتفي بالتضرع إلى الله بأن يحفظ دماء المصريين. وقالت مصادر أمنية رفيعة المستوى بوزارة الداخلية إنه «جرى رصد مخططات لتنظيم الإخوان الإرهابي لارتكاب أعمال عنف وشغب خلال يوم السبت، ومحاولة استغلال الاحتفال للوقيعة بين القوى الثورية والسياسية من جانب، والشرطة والجيش من جانب آخر». وأكدت المصادر الأمنية لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن وزارة الداخلية وضعت خطة أمنية شاملة لتأمين الاحتفال بذكرى ثورة 25 يناير، مشيرة إلى أنه تقرر الدفع بنحو 260 ألفا من رجال الشرطة لتأمين الاحتفال بمحافظات الجمهورية، يشملون 180 تشكيل أمن مركزي، و120 تشكيلا احتياطيا، و500 مجموعة قتالية، بالإضافة إلى عشرات المدرعات الحديثة ذات البرجين. وأوضحت المصادر أن الخطة تتضمن تأمين المنشآت الهامة والحيوية بالتنسيق مع القوات المسلحة، وفي مقدمتها مقر البرلمان، ومجلس الوزراء، ومبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون، والبنك المركزي، لضمان إجهاض محاولة البعض لاقتحامها أو التعدي عليها، بالإضافة إلى تأمين الميادين. من جانبه، أكد الفريق السيسي أن القوات المسلحة والشرطة تتصدى بكل قوة وحسم لأي محاولة لتهديد أمن المصريين، وقال السيسي خلال زيارة لوزارة الداخلية لتهنئة رجال الشرطة بعيدهم «إننا قادرون على توفير الأمن لبلادنا»، مشيدا بـ«الدور الوطني الذي يقوم به رجال الداخلية في حفظ الأمن والاستقرار»، وأضاف «مصر أمانة في رقابنا وأرواحنا فداء للمصريين». وكان التحالف الوطني لدعم الشرعية، المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي، دعا أنصاره للاحتشاد طوال أيام الأسبوع، خلال فعاليات ما سماه «أسبوع التصعيد الثوري» استعدادا للذكرى الثالثة لثورة يناير. وتوعد بيان للتحالف أمس بما سماه «موجة ثورة طويلة»، وقال إن «الموجة الثورية المقبلة مع رياح استرداد ثورة 25 يناير، ستكون موجة ثورية طويلة ومتتابعة في قلب القاهرة». من جانبها، حذرت قيادات دينية من اللجوء للعنف خلال مظاهرات السبت المقبل. ووصف وزير الأوقاف الدكتور محمد جمعة، دعوات البعض للنزول في 25 يناير للاحتجاج والتظاهر البعيد عن السلمية أو لتخريب منشآت الدولة أو تعطيل مصالح المواطنين بأنها «دعوات إفساد يرفضها الدين الإسلامي». كما أكدت دار الإفتاء المصرية أن «الاحتجاجات والمظاهرات التي تحيد عن السلمية، وتمتد فيها يد التخريب إلى منشآت الدولة وتعطيل مصالح المواطنين غير مقبولة شرعا»، مشددة على «ضرورة أن تتسم كافة مظاهر الاحتجاج بالسلمية والحفاظ على الأرواح والممتلكات».