ثلاثة تدابير رئيسة كشف عنها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ظهر أمس لوضع حد لتداعيات فضيحة وزير المالية جيروم كاهوزاك الذي افتضح أمر امتلاكه حسابات سرية في سويسرا وسنغافورة واستغلال المعارضة اليمينية لها لإضعاف الحكومة والرئيس على السواء. فبعد عشرة أيام على اعتراف الوزير المقال بفعلته والزلزال الذي أحدثته والأضرار التي ألحقها بالأكثرية الحاكمة، سعى هولاند لإطفاء النيران باستعجال سن قانون متعدد الأهداف عرض خطوطه الكبرى بعد جلسة مجلس الوزراء في كلمة تلفزيونية هي الثانية له في الأيام الأخيرة.ويتمثل الهدف الأول بتوفير «الشفافية» المالية وإبعاد الشبهات ليس فقط عن الوزراء الذين فرض عليهم أن يكشفوا علنا عن ثرواتهم وممتلكاتهم وأعطاهم مهلة تنتهي بداية الأسبوع المقبل، بل أيضا عن النواب وكبار الموظفين في الإدارات العامة. ومن أجل ذلك، يريد هولاند إنشاء «هيئة مستقلة» تماما هدفها التدقيق فيما يعلنه الوزراء والنواب بحيث يتأكد الفرنسيون أن المسؤولين «لا يستغلون وظائفهم من أجل الإثراء» غير المشروع، يضاف إلى ذلك، أن القانون المرتقب الذي سيقدم نصه قريبا جدا إلى البرلمان سيمنع على النواب ممارسة عدد من المهن التي من شأنها إدخال نوع من التداخل بين وظيفة النائب كمدافع عن مصلحة المجموع ومهنته وكمدافع عن مصلحة الجهة التي يعمل من أجلها. وأولى المهن التي تريد الحكومة إدراجها على اللائحة مهنة المحاماة في ميدان الأعمال.وفي المقام الثاني، يريد هولاند أن يتشدد القانون في محاربة التهرب الضريبي والفساد والإخراج غير المشروع للثروات والأموال من البلاد عن طريق إيجاد جهاز قضائي متخصص في هذه القضايا. وهذه «النيابة العامة المالية» ستتولى إدارة التحقيقات مدعومة بمكتب مركزي لمحاربة الفساد والغش الضريبي مع تشديد العقوبات التي يمكن فرضها على المخالفين بما فيها حرمانهم من الاحتفاظ بمناصبهم التي انتخبوا من أجلها نوابا أو في الإدارات المحلية وحرمانهم من الترشح لها بشكل مؤقت أو دائم.وفي المقام الثالث، تريد الحكومة الفرنسية أن تتشدد في الحرب على الفراديس الضرائبية في سويسرا، لوكسمبورغ، سنغافورة، جزر الكايمان أو غيرها. والخطوة الأولى إجبار المصارف الفرنسية على نشر لائحة فروعها ونشاطاتها كل عام وفي كل أنحاء العالم مع السعي لدفع بلدان الاتحاد الأوروبي لتطبيق التدبير نفسه، والثانية تدفع باتجاه نشر لائحة سنوية بالفراديس الضرائبية. ويريد هولاند إقناع الدول الأوروبية الرئيسة (ألمانيا، بريطانيا، إيطاليا وإسبانيا) تبادل المعلومات حول ثروات المواطنين الفرنسيين في هذه الدول وثروات مواطني هذه الدول في فرنسا بشكل يقضي على السرية المصرفية وعلى التهرب الضريبي.ويراهن الرئيس الفرنسي على هذه الإجراءات لاستعادة المبادرة السياسية وجبه المعارضة اليمينية التي تتهم اليسار بالفساد. وبدأت مقترحات هولاند بإثارة جدل حاد يمينا ويسارا، وخصوصا في موضوع إجبار الوزراء والنواب على الكشف عن ثرواتهم. ويتهم اليمين هولاند بالسعي لـ«حرف الانتباه» عن فضيحة كاهوزاك وعن الحاجة لتغيير الحكومة أو على الأقل لإجراء تعديل وزراي وهذا ما يرفضه الرئيس الفرنسي رفضا قاطعا في الوقت الحاضر.وفي حين يعاني هولاند من تراجع شعبيته ومن الشكوك بفعالية السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها حكومته، فضلا عن الإساءة المترتبة على فضيحة كاهوزاك، فإنه يعول على مقترحاته الجديدة لالتقاط الأنفاس وتحسين موقعه السياسي من خلال إحداث تشققات في صفوف المعارضة بانتظار أن تفعل الإجراءات الاقتصادية والإصلاحات التي أقرتها حكومته فعلها بتحسين الأداء الاقتصادي لفرنسا وعودة النمو الذي من دونه سيستمر عهده في التخبط والانتقال من أزمة إلى أخرى.