×
محافظة مكة المكرمة

سعر الماشية يتجاوز 1200 ريال بالخرمة

صورة الخبر

مراكش: حاتم البطيوي قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، إن طريق السلام شاق وطويل، ويتطلب تضحيات جساما من جميع الأطراف، مشيرا إلى أنه يقتضي أيضا التحلي بروح التوافق والواقعية، وبالشجاعة اللازمة لاتخاذ قرارات صعبة وحاسمة، ينتصر فيها منطق العقل والحكمة والأمل والحياة، على نزوعات الحقد والتطرف واليأس والعدوان، لما فيه صالح شعوب المنطقة. ومن هذا المنطلق، أوضح العاهل المغربي، الذي كان يتحدث أمس في الجلسة الختامية للدورة العشرين للجنة القدس، أن «اجتماع اليوم (أمس) يعد رسالة للعالم، أننا أمة متعلقة بالسلام، حريصة على تحالف الحضارات والثقافات». وأضاف الملك محمد السادس قائلا: «إن تشبثنا بهوية القدس، ليس فقط لأنها أولى القبلتين وثالث الحرمين، ولكن أيضا لتظل كما كانت دوما، رمزا لوحدة الأديان السماوية، وفضاء للتعايش بين أهلها في جو من السلام والوئام». بدوره، قال أبو مازن، إن القدس، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، هي مفتاح السلام العادل والمنشود، مجددا تمسكه بخيار السلام العادل الذي يؤمن الحرية والسيادة واستقلال الشعب الفلسطيني. وقال أبو مازن في هذا الصدد «نجدد تمسكنا بخيار السلام العادل الذي يؤمن الحرية والسيادة والاستقلال الناجز للشعب الفلسطيني ويخرج منطقتنا من دوامة العنف والنزاع نحو آفاق السلام الذي تريده شعوبنا لتنعم بالأمن والأمان والاستقرار والرخاء». وفي ختام كلمته، سلم الرئيس الفلسطيني، الملك محمد السادس نسخة من التقرير الأخير عن الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس. من جهته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن أي إجراء قانوني أو إداري تتخذه إسرائيل بغرض تغيير طابع ووضع المدينة المقدسة لا يكتسي أي شرعية قانونية. وذكر مون، في رسالة إلى الملك محمد السادس، أن «موقف منظمة الأمم المتحدة في ما يتعلق بالقدس واضح، أي تدبير أو إجراء قانوني أو إداري تتخذه إسرائيل بغرض تغيير طابع ووضع المدينة المقدسة لا يكتسي أي شرعية قانونية»، مضيفا أن مثل هذه التدابير «تتعارض مع قواعد القانون الدولي وتعرقل البحث عن حل الدولتين». وكان الملك محمد السادس قد وجه رسالتين إلى مون والبابا فرنسوا حذر فيهما من أي اتفاق مع إسرائيل من شأنه تكريس ممارسة الاحتلال. وأكد مون أيضا في رسالته أنه يشاطر انشغالات العاهل المغربي في ما يتعلق بالمدينة المقدسة. وقال «أشاطركم انشغالاتكم لأن كل عمل يتعلق بالقدس يجد صدى له في العالم، ولذلك يتعين، بالضبط، أن تظل رمزا عالميا للسلام والأمل، القدس تمثل جوهر طموحات المسلمين واليهود والمسيحيين. يجب أن تظل مفتوحة ويمكن للجميع ولوجها». وأشار مون في رسالته، من جهة أخرى، إلى أنه سيذكّر «وفد الكرسي الرسولي بموقف منظمة الأمم المتحدة في ما يتعلق بقضية القدس بمجرد أن تتاح لي الفرصة». وفي سياق ذلك، أعربت الدورة الـ20 للجنة القدس عن إدانتها وشجبها لسياسة فرض الأمر الواقع التي تعتمدها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس الشريف. وأدانت اللجنة في بيان أصدرته في ختام أشغالها، التي ترأسها الملك محمد السادس، وحضرها الرئيس الفلسطيني، جميع ممارسات إسرائيل العدوانية وغير القانونية، والتي تسعى إلى تغيير مركز القدس الشريف القانوني وطابعها الحضاري وتركيبتها الديمغرافية، بالتضييق على سكانها الفلسطينيين من خلال سحب هوياتهم وهدم منازلهم وإرغامهم على هجر مواطنهم، إلى جانب مواصلة الاستيطان ومصادرة الأراضي وبناء الجدار العازل لتطويق القدس الشريف وعزله عن محيطه الفلسطيني الطبيعي. وأعربت اللجنة في البيان، الذي تلاه صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، عن رفضها قرارات سلطات الاحتلال منع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى والسماح للمتطرفين اليهود بالدخول لساحاته وتدنيسه واستمرار الحفريات به وحوله، وإدخال أي تغييرات على الوضع القائم في المسجد الأقصى قبل الاحتلال، بما فيها المحاولات غير القانونية لتقسيمه بين المسلمين واليهود، زمانيا ومكانيا، تمهيدا للاستحواذ عليه واعتباره جزءا من المقدسات اليهودية. وعلى صعيد متصل، عد البيان الختامي أن المفاوضات المستأنفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، منذ يوليو (تموز) الماضي، تشكل محطة حاسمة في الوصول إلى السلام، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عمليات السلام المتعددة، وتؤكد، في هذا الصدد، أهمية التصدي لجميع الأفعال التي تناقض هدف السلام وتديم وتعمق الاحتلال القائم منذ 46 سنة. ودعت لجنة القدس إلى تنامي الوعي بالمسؤولية الجماعية الدولية تجاه القدس الشريف. وعدت أن «أي دولة أو مؤسسة أو منظمة أو جماعة أو فرد يسعى إلى الحفاظ على هوية القدس الشريف ورمزيتها هو مساهم فعلي في بناء السلام وتوفير شروط تحقيقه وتيسير أجندة الباحثين عنه». ودعت اللجنة جميع مكونات المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتها والضغط على إسرائيل من أجل إيقاف عملياتها الاستيطانية غير القانونية وانتهاكاتها لحقوق الشعب الفلسطيني وإعلاناتها الاستفزازية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشريف، وتصريحات بعض مسؤوليها وادعاءاتهم غير القانونية بضم القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وذلك من أجل تهيئة المناخ المناسب لإنجاح المفاوضات المستأنفة والتوصل إلى حل عادل وشامل على أساس حل الدولتين تعيش بموجبه دولة فلسطين وإسرائيل جنبا إلى جنب. وعدت لجنة القدس أن من شأن التوصل إلى هذا الحل «الإسهام في بناء علاقات سلام طبيعية بين إسرائيل وجيرانها والعالم الإسلامي وفقا لمبادرة السلام العربية». وبعد أن أكدت دعمها للموقف الفلسطيني في المفاوضات المستأنفة، رحبت اللجنة بـ«الدور الجاد للولايات المتحدة، راعية هذه المفاوضات التي يجب أن تحسم في جميع قضايا الحل النهائي، وعلى رأسها القدس الشريف، عاصمة لدولة فلسطين المستقلة، وفق جدول زمني محدد واستنادا إلى قرارات الشرعية الدولية». كما أكدت أهمية قيام دولة فلسطين بالتشاور مع رئاسة اللجنة ودعوتها إلى المساهمة في ما يتعلق بمستقبل القدس الشريف. ورحبت اللجنة أيضا بالمبادئ التوجيهية التي تبناها الاتحاد الأوروبي و«التي تمكن الهيئات الإسرائيلية ونشاطاتها في القدس الشريف وباقي الأرض الفلسطينية المحتلة منذ يونيو (حزيران) 1967 من الحصول على المنح والأدوات المالية المتأتية من الاتحاد الأوروبي»، داعية هذا الأخير إلى «الالتزام بهذه المبادئ التوجيهية والقيام بدور أكثر فعالية لمواجهة عملية تهويد القدس الشريف». في غضون ذلك، انعقدت أمس أيضا الدورة الثانية للمجلس الإداري لوكالة بيت مال القدس الشريف برئاسة محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية المغربي، وجرت المصادقة على برنامج عمل الوكالة والخطة الخمسية 2014-2018، التي تقدر تكلفتها التمويلية بما يناهز 30 مليون دولار. وسيجري رصد هذا المبلغ المالي لتمويل عدة مشاريع في إطار هذه الخطة، موزعة على قطاعات متعددة تهم التعليم والصحة والشباب والرياضة والثقافة، وبرامج المساعدة الاجتماعية وكذا قطاع الإسكان وترميم البنايات وشراء الأراضي والعقارات. وقال بوسعيد، في كلمة خلال هذا اللقاء، إن جميع الدول الأعضاء تحدوها مسؤولية متقاسمة في المساهمة المالية الفعلية والقارة في تمويل المشاريع المبرمجة من طرف الوكالة التي تعد نموذجا رائدا لبلورة المشاريع الاجتماعية المسطرة لفائدة المقدسيين في إطار موجه ومتناسق. وأكد بوسعيد أنه يتعين على جميع الدول الأعضاء تحمل مسؤوليتها، في تمكين الوكالة التي تبقى ملكا للجميع، من الاضطلاع بمهمتها على أحسن وجه، مشددا على أن المملكة المغربية وتنفيذا للتعليمات الملكية، ملتزمة بمواصلة مساندتها لبرامج عمل الوكالة، وتهيب بالدول الأعضاء الأخرى، تعزيز وتقديم الدعم المالي الفعلي والمتواصل للوكالة لتحصين وتيرة الإنجازات، وبالتالي الحفاظ على هوية القدس الشريف والمقدسيين. وأشار إلى أنه بفعل الإشراف المباشر للملك محمد السادس ودعمه ومساندته المادية والمعنوية لوكالة بيت مال القدس، وعلى الرغم من الظرفية الحالية، فقد أنجزت الوكالة العديد من الورش التنموية مما أسهم في تحسين ظروف عيش المقدسيين والحفاظ على هوية القدس الشريف وجعلها بذلك مصدر ثقة لسكان القدس ومؤسساتهم. وتجدر الإشارة إلى أن الخطة الجديدة التي أعدتها وكالة بيت مال القدس الشريف، والتي تمتد للسنوات الخمس المقبلة، وتكمل بنود الخطة 2006-2014، تهدف إلى تحقيق انتظارات وآمال أهل المقدس ومؤسساتهم والاستجابة لمتطلباتهم في العيش الكريم من خلال تدخلات موجهة للقطاعات الاجتماعية التي تندرج في إطار المهام المنوطة بالوكالة. وتأخذ الخطة الخمسية الجديدة لوكالة بيت مال القدس، بعين الاعتبار جميع المبادرات الإسلامية والعربية والدولية الرامية إلى وضع حد للتحديات المتزايدة التي تواجهها مدينة القدس، ومنها الخطة الاستراتيجية لدعم القطاعات الحيوية في القدس، التي أعدتها السلطة الوطنية الفلسطينية وقدمت لمؤتمر المانحين المنعقد في باكو (أذربيجان) في 10 يونيو الماضي. كما تأخذ الخطة الجديدة بعين الاعتبار الاستشارة الواسعة التي قامت بها الوكالة مع ممثلي سكان القدس ومندوبين عن مؤسساتهم الفعالة في لقاء تشاوري نظم بالرباط في 23 أبريل (نيسان) الماضي، كما تكتسي أهمية بالغة في ما يتعلق بالحد من حالة التشتت والتداخل والتنافر التي تطبع عمل عدد من المتدخلين في القدس، وذلك بالسعي إلى توحيد الجهود وتأطيرها وفق تنسيق يحترم الاختيارات ويحفظ للجهات الممولة حقوقها كاملة في الإشراف والتتبع والمواكبة. وخلال الاجتماع ذاته، صادق أعضاء المجلس الإداري لوكالة بيت مال القدس على تقرير الأنشطة الإدارية 2006-2013 والحسابات الختامية برسم الفترة 2006-2012. وجرى تقييم واستعراض أهم الإنجازات التي حققتها الوكالة برسم الخطة السابقة، والتي شملت مشاريع وبرامج استثمارية لفائدة سكان القدس الشريف بقيمة إجمالية بلغت ما يناهز 30 مليون دولار. وواصلت لجنة القدس أمس أشغال دورتها الـ20 بعقد جلسة تفاعلية بين أعضاء اللجنة والشخصيات الدولية المدعوة للدورة. وأشاد مختلف المتدخلين، خلال هذه الجلسة. وتتميز هذه الدورة بحضور مبعوثين رفيعي المستوى، يمثلون الدول الأعضاء الدائمة بمجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي، وحاضرة الفاتيكان، والأمم المتحدة، والجامعة العربية. كما تشكل مناسبة لتحديد رؤية موحدة للبلدان الإسلامية وبحث الوسائل والآليات الكفيلة بالتصدي للمحاولات الإسرائيلية الرامية لتهويد وطمس معالم مدينة القدس التاريخية والحضارية والإنسانية، وللخروقات السافرة والمتكررة التي تمس طهارة وقداسة المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، الذي يحظى بمكانة خاصة في قلوب المسلمين كافة.