×
محافظة القصيم

120 مليونا لمشاريع بلدية في المذنب

صورة الخبر

الدول والشعوب والسياسات ليست ما نتمنى. ولا ما نبسِّط. بعد تنحّي حسني مبارك، تمنيت أن تدخل مصر مرحلة من الهدوء والاستقرار وتخرج من عزلتها العربية، برئاسة عمرو موسى. ولم يكن عمرو موسى في شباب حمدين صباحي ولا في حماس محمد البرادعي، وهذا تماما ما كان مطلوبا لمصر في مرحلة انتقالية صعبة، كل واحد يريدها أن تكون له وحده بعد قعود طويل. تلاحقت الأحداث وازداد الغليان وامتلأت الشوارع وكثرت الحرائق وصارت ملاعب الكرة ساحات قتل جماعي، وظهر فجأة شيء من جحيم يدعى سيناء، بدل انتخاب سياسي متمرس ومصري وطني وعربي متزن وديمقراطي عاقل، تم انتخاب المهندس محمد مرسي. ومهما كانت النسبة ضئيلة، فهذا خيار الناس وهذا عرف الاقتراع. لكن مصر لم تشهد الاستقرار يوما واحدا. استمرت في الانهيار وفي الحرائق. وبدل أن تحتضن الرئاسة جميع المصريين، بدأت في إبعاد كل من ليس حزبيا. وبدأت عمليات الإلغاء في أقدم وأعز مؤسستين في مصر: القضاء والجيش. لو جاء عمرو موسى لكان أول عمل له إعادة مصر إلى جميع العرب. كان أول عمل لمحمد مرسي تخريب مصر في الخارج، كما في الداخل، وجعل أكبر دولة عربية تعمل بتوجيه ورعاية وقيادة أصغر دولة عربية. ولم يعد القضاء والجيش وحدهما من يجب تغييره، بل صار يقتضي تغيير ألف عام من الأزهر. لم يتعرض مرسي للنظام، بل لجوهر مصر ولصورتها. وفي ظلّه، تعرض أيضا مصيرها، من بوابة سيناء. وتعرضت هيبتها التاريخية. وصار في الإمكان أن يُخطف نفر من الجيش ثم يُعاد من دون أن تعرف مصر من الذي يَخطف جيشها، ولماذا؟ أيام السادات خُطفت طائرة مصرية إلى قبرص فأرسل السادات قوة عسكرية في أثرها. وسقط في معركتها مدنيون وضحايا. لكن الرسالة كانت أن أحدا لا يمس مصر. مرسي استقبل الجنود المخطوفين العائدين وكأنهم كانوا في مأدبة عشاء أو نزهة في الصحراء. المقترع الأول للدستور، كان «الإخوان». لم يعرفوا كيف يربحون ولا كيف يخسرون. منذ مجيء مرسي لم تعرف مصر يوما هادئا، ومنذ ذهابه، لم تعرف ليلة هادئة. لذلك، جلست تنتظر الدستور لكي تخرج من كابوس الفوضى الذي يلاحقها ويمنعها من النوم أو العمل. لكي تُستعاد مصر من فوضى الحجارة والرعاع والشوارع والبطالة، لا بد من مؤسسة قادرة على حماية الدستور. وقبل أن تحمي نصوصه، عليها أن تحمي جوهر مصر وروح مصر، وتحمي خصوصا، وحدة مصر. وهي ما تعالى عليه محمد مرسي فيما تواضع أمام فتوات سيناء واللغة التي خاطب بها إسماعيل هنية، الدولة القائمة عبر الأنفاق منذ سبعة آلاف عام. الاستفتاء على الدستور كان استفتاء واضحا على مصرَ، وعلى روح مصر، وعلى جوهر مصر، وعلى عروبتها، وعلى مكانتها. خصوصا على كرامتها.