جدة عبدالعزيز الخزام بدأ حياته العملية معلماً في «بيش».. وأحجار «عسفان» فتنته في مرحلة المغامرات الصحراوية مع حلول الذكرى السنوية الثالثة لوفاته، يعود الشاعر محمد الثبيتي للصعود إلى النقطة العليا من الاهتمام في الساحة الثقافية السعودية، ووسط صدور عدة كتب نقدية حول تجربة الشاعر السعودي الكبير، ومع إعلان نادي جدة الأدبي عن عرض مخطوطة ديوانه الشعري الشهير «التضاريس» في متحف النادي خلال الأيام المقبلة، بدأ أصدقاء للشاعر الراحل وأقارب في تدوين سيرة حياته الحافلة والكشف عن جوانب مجهولة لم يتم التطرق إليها سابقا في مسيرته الشعرية والحياتية بعامة. وتشهد مختلف الوسائط الإلكترونية على الإنترنت محاولات متعددة يقودها شعراء وكتاب وأقارب للراحل، وتتزامن مع هذه المناسبة التي تحل في شهر يناير من كل عام. إهمال واهتمام وعلى خلاف الإهمال الذي لقيه الشاعر الراحل في فترة مرضه الأخيرة، التي لم يجد فيها من يتكفل بعلاجه، وحتى في يوم وفاته حين لم يحضر مراسم الصلاة عليه ودفنه سوى عدد محدود من أصدقائه، فقد تشكلت في هذه المناسبة عدة تيارات قوية كلها تدفع باتجاه إعادة اكتشاف «قمة الشعر» السعودي وتقديمها للحظة الثقافية الراهنة بالشكل الذي يليق بها. وينظر عدد من الكُتَّاب والمراقبين في المشهد المحلي بايجابية لمثل هذه المحاولات. ويقول لـ «الشرق» الكاتب والروائي عبدالله الحارثي إن أي عمل يحاول الاقتراب من عالم الشاعر الراحل سيظل عملاً ناقصاً ولن يكتمل أبداً، مبيناً أن عالم الثبيتي متعدد الاتجاهات والمستويات، ومن المهم تدوين مثل هذه المحاولات التي نشاهدها حالياً على مختلف الوسائط الحديثة بما يساعد في الكشف عن ثراء هذا العالم الواسع وغناه. التفوق الدراسي وتحفل مختلف الوسائط الإلكترونية على الإنترنت بعديد من المدونات والمنشورات التي تتجه نحو رصد سيرة ومسيرة الشاعر الثبيتي. ودعا الشاعر هاشم الجحدلي المهتمين إلى المشاركة في محاولته الجديدة في القيام بهذا الرصد الذي يشاركه فيه أحد أقارب الراحل وهو العميد حسن الثبيتي. وفي المنشورات الأولى لرصد مرحلة الطفولة لدى الشاعر الراحل يتذكر العميد الثبيتي أن شاعر التضاريس، الذي ولد عام 1369هـ في قرية «الشّروط»، وهي من قُرى «بني سعد» جنوب الطائف، كان متفوقاً في الدراسة ويتنافس على الأولوية مع زميله -الدكتور حالياً- «عائض بن صافي». ويكشف العميد الثبيتي عن الأثر الكبير الذي تركه جده الشاعر العامي «منيع الله»، والذي كان بمنزلة «اللسان» لقبيلة «الثبتة» التي يرجع إليها الشاعر الكبير، حيث كان الفقيد دائماً ما يروي قصائده «بأرقى ما يتخيله العقل البشري». جوانب طريفة ولا تنحصر محاولات رصد مسيرة حياة الثبيتي في الجوانب الحياتية والثقافية التي ساهمت في تشكل تجربته الشعرية الكبيرة، ولكن تلك المحاولات كشفت عن جوانب طريفة من اهتمامات الراحل. ويروي العميد حسن الثبيتي بعضاً من رحلاتهما الصحراوية، حين قادتهما المصادفات ذات مغامرة إلى الجبال المطلة على مدينة جدة، و»هناك تفنن شاعرالتضاريس في تجميع أنواع نادرة من الأحجار ذات الأشكال العجيبة والألوان المتعددة وكأنه يجمع سنوات الطفولة والصبا التي انفرطت من سني عمره، ويرتبها حجراً حجراً». ويضيف الشاعر خالد قماش بأنه وجد لدى الثبيتي مجموعة من الحصى البيضاوية الملساء والمونة الأنيقة وأنه سأله عن مصدرها «فأخبرني بأنها نتاج رحلة برية ماتعة إلى عسفان». مرحلة التدريس ومع هذا الاحتفاء الكبير، يكشف الشاعر إبراهيم زولي، بأن الشاعر الراحل، الذي كان يحمل درجة البكالوريوس في علم الاجتماع وانتهت به مسيرته العملية موظفاً في إدارة التعليم بمكة المكرمة، عمل معلماً بمدينة بيش في منطقة جازان بداية حياته العملية، وأن آخر أمسياته المحلية كانت في الظبية بجازان قبيل سفره اﻷخير لليمن. لكن الروائي أحمد الدويحي يضيف بأن آخر أمسية شعرية للثبيتي كانت في مدينة المكلا اليمنية في مركز بافقيه وقدمتها الدكتورة فاطمة إلياس، وأنه لأول مرة في حياته يرى الجمهور يقدم الذهب والساعات لشاعر. وتمتلئ المنشورات بعديد الصور والمخطوطات والوثائق التي ينشر بعضها للمرة الأولى، منها أن من أوائل الأبيات التي كتبها الشاعر الراحل هو قوله وهو في سن الـ16: «إذا جاد الزمان لنا بيوم وصالاً، جاد بالهجران عاماً». ويُعد الشاعر محمد الثبيتي واحداً من أهم الشعراء السعوديين وأشهرهم على المستوى العربي، أصدر عدداً من الأعمال الشعرية ومنها «عاشقة الزمن الوردي»، «تهجيت حلماً.. تهجيت وهماً»، «بوابة الريح»، «التضاريس»، و»موقف الرمال..». وحصل على عديد من الجوائز أهمها: جائزة نادي جدة الثقافي عام 1991م عن ديوان «التضاريس»، جائزة أفضل قصيدة في الدورة السابعة لمؤسسة جائزة البابطين للإبداع الشعري عام 2000م، عن قصيدة «موقف الرمال.. موقف الجناس»، وجائزة «شاعر عكاظ» عام 2007م.