لم تكن المعلومات عن قرب فتح الحوار المباشر مع الولايات المتحدة الأولی من نوعها ولن تكون الأخيرة. وحالت شروط الأميركيين المسبقة ونازعهم إلى الاستكبار دون نجاح هذه المساعي. وأُوجه نصيحة من القلب إلى باراك حسين أوباما، وهو رئيس دولة تربعت قرنين من الزمن علی عرش الجغرافيا السياسية في العالم. وعلی رغم الظلم التاريخي الذي أنزلته الحكومات الأميركية بهم، ينظر الإيرانيون نظرة مختلفة إليك. فأنت وعدتَّ ناخبيك بالدخول في حوار مباشر مع إيران قبل دخولك البيت الأبيض. وفي رسالة عيد النوروز أبلغتنا رغبتك في حل المشكلات بين البلدين وإقامة أفضل العلاقات مع إيران لكن، للأسف، لم نحصد في السنوات الخمس الماضية سوی التهديد والضغوط والعقوبات الاقتصادية . في نهاية ولايتك الأولی أعلنت أنك ستفرض أقسی العقوبات الاقتصادية علی إيران. ما هي الأسس المنطقية التي دعتك إلى انتهاج العنف ضد شعب مستقل؟ ما الرسالة الإنسانية من وراء هذه التهديدات والعنف المبرمج؟ لماذا هذا العداء لشعب في بلد تاريخه ضارب في القدم، وعريق أكثر من بلدك؟ أميركا سعت في خمسينات القرن العشرين إلی انقلاب عسكري لإسقاط حكومة وطنية في إيران. ودعمت أكثر الأنظمة السياسية في العالم استبداداً ووقفت مع النــظـام الشاهنـشاهـي. وسـعت إلى إشعال فتيل حرب أهلية في إيران ودعم الانفصاليين، وعادت طهران في الحرب العراقية - الإيرانية. وأنتم تستقون مصادر معلوماتكم من عناصر معادية للثورة مثل المنافقين (مجاهدين خلق). ولا يريد الكيان الصهيوني المفتقد للشرعية استئناف العلاقات بين أميركا وإيران. السيد أوباما، إذا كنت جدياً في السعي إلى علاقات مع إيران، وجب عليك إعادة النظر في مصادر معلوماتك عنها، وهي التي تصلك عن إيران التي نهضت من دمار حرب دامت 8 سنوات، وخرجت من 35 عاماً من المؤمرات التي حيكت ضدها وهي اليوم قوية، مستقرة ومتحدة. تتذرع واشنطن اليوم بالبرنامج النووي للضغط علی الإيرانيين. لم تملك إيران برنامجاً نووياً، حين شنت عليها الحرب وأقسی أنواع الحروب الناعمة. والآن أنتم تشاهدون المكانة التي تتمتع بها إيران في المنطقة، والغريب أن صدام لم يسقط بأيدينا وإنما بيد من دعموه لمحاربتنا. تعلمون أن إيران تدعو إلی نزع السلاح النووي في العالم، ولا تريد إنتاجه ليس خوفاً منكم ومن إسرائيل وإنما احتراماً لمبادئ الإسلام. لماذا تكررون اتهاماً ثبت عدم صدقيته؟ هل تعتقد بأن الحوار ينجح في أجواء من الكذب والافتراء؟ نعتقد بأن مثل هذا الحوار يفاقم غياب الثقة بيننا. وشروط إيران لحوار مثمر هي وقف مناصبتها العداء ورفع اليد عن الأموال الإيرانية المحتجزة لديكم، والاعتراف بالثورة الإسلامية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ورفع العقوبات الاقتصادية التي شملت الأدوية وتخلي وزارتي الدفاع والخارجية ووكالة الاستخبارات الأميركية عن مشروع الحروب الصليبية. والابتعاد عن الضغوط الإسرائيلية والجهات المتطرفة مفيد ويمهد لأجواء صادقة تحمل الاحترام المتبادل. لا أخفي عليك أن قرع طبل العداء لإيران لا يخدم مصالحكم كما لا يخدم مصالح الشعبين والسلم العالمي. اسمح للنخب في البلدين بالحوار وستقف على حقائق غابت عنك طوال هذه المدة. عليكَ أن تأخذ العِبْرَة من التاريخ وتحترم الشعوب. لقد حذر الإمام الخميني من تفكك الاتحاد السوفياتي، فاتعظ واحذر إزاء مستقبل بلدك. * زعيم حزب المؤتلفة الإسلامي الأصولي، عن «رسالت» الإيرانية، 27/ 7/ 2013، إعداد محمد صالح صدقيان