×
محافظة حائل

استحداث جامعات تطبيقية في الخطة المستقبلية للتعليم العالي

صورة الخبر

الدمام عبدالوهاب العريض العالمية لا تأتي بدفع تكاليف ترجمة كتاب وطباعته واقع الكتاب العربي تراجيدي.. إذا لم يكن بائساً أفزّ من نومي للكتابة وعيني نصف مغمضتين أعيش حالة تلبس مع أبطال أعمالي ثماني ساعات يومياً أبدى الكاتب والروائي العراقي نجم والي، استياءه من الوضع في بلاده منذ عشر سنوات، في الجزء الأول من حواره مع «الشرق»، موضحاً أن عراق اليوم ليس هو العراق الذي سجنوا ونفوا وماتوا من أجله. كما بيَّن أن تجربته الأدبية نضجت في الغربة، التي أنجز فيها كتبه العشرة، لافتاً إلى أن الغربة ضرورية للكتاب كي تنضج تجربته. وفي الجزء الثاني من الحوار يواصل والي حديثه عن تجربته الكتابية في الغربة، حيث يقيم في أوروبا منذ أكثر من ثلاثين عاما، ويتطرق إلى غيابه عن المناسبات الثقافية والأدبية العربية، وعن الإبداع العربي، وزيارته للمملكة ضمن عمل مشترك مع السفارة الألمانية في الرياض. بعينين مغمضتين بين كل عمل روائي وآخر، نجد أن نجم يكتب شيئاً جديداً، لكنه مسكون بروح واحدة (الوجع، الألم، والغربة)، على الرغم من أن الغربة تغيب في بعض الأعمال مثل رواية «تل اللحم»، التي جسدت عملا بصرياً بلغة مكتوبة.. كيف يتعايش نجم مع أبطال أعماله؟ - عليك أن تسأل مَنْ تشاركني الحياة في هذه الحالة، ستقول لك، كيف أنني أصبح إنساناً آخر. فما أن أبدأ بكتابة رواية، حتى أكون مسكوناً بها ليل نهار. أحياناً أفزّ في الليل، وأذهب لطاولة الكتابة، وأكتب بعينين نصف مغمضتين، لا وقت حر لي، في النزهة أو في التسوق، أثناء تناول وجبات الطعام، دائماً شخوصي حاضرون، حتى في السفر يسافرون معي. وعندما أنتهي من عمل، أكون أنجزت ما يكفي من الخراب للمحيطين بي. المشكلة لا تنتهي، لأنني سأدخل في كآبة، أحزن لمفارقة شخوصي لي، حزن لا يعادله إلا من جُرح بسبب هجران حبيب له. «ماركة» نجم هل هذا يعني بأنك موجود ضمن شخصية جميع أعمالك الروائية؟ - نعم ضمن كلهم، وفي كل لحظات العيش، في طيبتهم وغيهم، في فرحهم وبكائهم، في سجنهم وحريتهم، لا يهم إلى أي معسكر ينتمون، هم بشر دُمغوا كلهم بدمغة الماركة هذه التي اسمها، نجم والي. حب جديد كيف تستطيع التخلص من شخصية البطل حينما تنتقل إلى عمل آخر؟ - أليس ذلك ما نفعله في الحب أيضاً؟ إنها مسألة وقت ويقع المرء في حب جديد. وإلا فلا معنى للحياة. أتذكر صديقة سألتها ذات مرة: «كيف تتحملين وحدتك، بعد طلاقك من زوجك؟»، قالت: «هل تعرف، الرجل مثل الباص، أحياناً يتأخر قدومه، لكنه سيأتي لا محالة». نفس الشيء مع أبطالي، لا يهم الوقت الذي سيأخذه لقدومه، لكنه سيأتي لامحالة. عمل يومي هل هذا يعني بأن الروائي يعيش حالة تلبس لبطل العمل؟ - أظن، أن الكاتب المبدع لا يمكن أن يكون غير ذلك. ومن يجلس معدل ثماني ساعات في اليوم عدا نهاية الأسبوع طبعاً، كما أفعل أنا، لا يستطيع التصرف غير ذلك. هل تعرف ماذا قال توماس مان يوماً؟ قال: على الكاتب أن يجلس على الأقل ثماني ساعات يومياً، لأنه مثل مدير مكتب، شخوصه هم موظفون عنده، عليه ألا يتركهم خارج مراقبته لحظة واحدة، وإلا فسيهربون من العمل! روايات الشعراء يخلط بعض الكتاب بين الرواية والسيرة، لذا نجد بعض من تميزوا في الكتابة الشعرية أصدروا أعمالاً روائية. ماذا تقول عن أمثال هؤلاء؟ - الخلط بين الكتابة والسيرة هو سم الإبداع. نعم، أنت تستفيد من سيرتك، ليس هناك كاتباً لم ولا يفعل ذلك، لكن في اللحظة التي تدرك أن الذي يتحدث، وأن الذي تصفه هو أنت لا غير، عليك تغيير بوصلة الكتابة، باتجاه الشخصية الموجودة أمامك على الورق، أي أن تخرج من جلدك. ولأن الشعراء العرب طغاة بطبيعتهم، من الصعب عليهم أن يخرجوا من أناتهم المفخمة، يُمكن وصف كتابتهم النثرية بكل شيء باستثناء أنها رواية. ألم ينجح بعضهم في كتابة الرواية؟ - حتى الآن لا أعرف شاعراً عربياً كتب ما يمكن أن نطلق عليه رواية، ناهيك عن أن نقول عنها رواية جيدة، ولا يهم أنه كتب ذلك بحسن نية، كما حصل سابقاً، لأن اليوم وبسبب انحطاط الجوائز العربية، راح حتى أنصاف الشعراء ومحررو الصفحات الثقافية يكتبون الرواية، طمعاً في الحصول على «البوكر» أو غيرها من الجوائز العربية. عمود ورواية تنقل نجم بين الكتابة في المسرح والعمود الصحفي والترجمة والقصة القصيرة والرواية، وبين اللغة العربية واللغات الأخرى. أين يجد نجم نفسه اليوم بين كل هذا؟ - أنا كل هؤلاء، لكن تظل الرواية وكتابة العمود الصحفي هما الأساسيان. في العمود أكتب الأفكار التي لا أستطيع تضمينها في الرواية، أغلب الأعمدة هي تعلقيات ومواقف عما يجري أمامنا. الكتابة العربية كيف ينظر نجم إلى واقع الكتاب باللغة العربية مقارنة باللغات الأخرى؟ - تراجيدي، إذا لم يكن بائسا. من ناحية، الكاتب يكتب ويدفع للناشر لكي ينشر كتابه، إذا لم نتحدث عن أنه هو الذي يصلح كتابه ويروج له. ولكي يملك الكاتب قوت يومه يعمل في الصحافة الرسمية أو الحزبية. النتيجة لا يبقى منه غير الاسم. الناشرون العرب يتغذون من كبد الكاتب، والصحافة تنقض على ما فيه من روح. أما الكاتب المتمرد على التابوات والسلطات، فإن لم يصمت، أمامه ثلاث خيارات: إما السجن، أو النفي، أو الموت! أما زلت تقرأ الإبداع العربي، أم توقفت عند مرحلة معينة؟ - من حين إلى آخر. أظن ذلك أمراً يحدث لكل الكتّاب في العالم، إنهم لا يقرأون إلا نادراً كتباً لشركائهم في المواطنة. نوع من الابتعاد عن الجو المحيط، أو نوع من الفضول لمعرفة كيف يتعامل كتّاب من مجتمعات أخرى مع تلك المجتمعات. وفي حالتي الأغراء كبير، لأنني أقرأ آداباً أخرى في لغاتها الأصلية. في الألمانية والإسبانية والإنجليزية. وعلى الرغم من ذلك أقرأ لبعض الزميلات والزملاء. فيروس التملق يلاحظ غياب اسم نجم كثيراً عن المهرجانات العربية، لكنه يحضر عالمياً. ما سبب ذلك؟ - هل قرأت أسماء المشاركين في المهرجانات العربية؟ إنهم هم في كل المهرجانات. لا حاجة لذكر أسماء طبعاً. إنهم يدعون بعضهم، يدورون من مهرجان إلى آخر، يعتاشون على فتات السلطات. المهرجان الوحيد الذي دُعيت إليه، هو الدورات الأربع لملتقى الرواية العربية في القاهرة. من ناحية أخرى، بحار على الأرض مثلي، مدمن على السفر، سيجلب السفر للمهرجانات الملل له لا غير. المهرجانات العربية لا تضيف للمبدع شيئاً، إذا لم تعدِه بفيروس التملق للسلطات. نهم سعودي أثناء زيارتكم إلى السعودية ضمن عمل مشترك مع السفارة الألمانية في الرياض، قدمت ورش حول الكتابة، وهذا يدفعني لسؤالك عن رأيك في الكتابة الروائية السعودية. - لاحظت وجود نهم وفضول بالكتابة. النثرية قبل كل شيء. وهذا وحده أمر إيجابي. السوق الأدبية العربية، وإن كانت شروطها مدمرة، لأن من يستطيع الدفع، يستطيع أن ينشر ما يشاء، إلا أنها أيضاً مثل أي سوق أخرى مفتوحة. في النهاية كما في السوق، البضاعة الجيدة، مهما حوربت أو هُمشت، ستثبت نفسها. المركز والجاه والسلطة قد توصل هذا العمل أو ذاك إلى القمة، لكننا نعرف أن النجاح السريع يلحقه سقوط سريع. طريق العالمية بعض هؤلاء الكتاب وصلوا إلى العالمية. هل تعتقد أن سبب ذلك يعود لمستوى أعمالهم الجيد أم نتيجة للعلاقات؟ - أعرف من تقصد، لكن ترجمة عمل إلى لغة أخرى لا يعني بالضرورة الوصول إلى العالمية. العالمية هي مشاركة ونشاط، أن تضيف ككاتب إنجازات جديدة، على مستوى الكتابة الأدبية، على مستوى السلوك، الإنجاز الثقافي. العالمية، أن يفرض عملك ترجمته إلى لغات أخرى، أن تكون هناك استمرارية. ولأننا لا نريد ذكر أسماء، أتذكر كاتبة سعودية شابة، كتبت رواية «بيست سيلير» (الأعلى مبيعاً) هنا عندكم، تُرجمت روايتها هذه إلى الألمانية قبل عشر سنوات تقريباً، صرحت من مكان إقامتها في أميركا في لقاء مطول مع صحفية ألمانية، بأنها بعد عشر سنوات ستتوج بـ«نوبل». كم رثيت الكاتبة الشابة هذه، إنه جهلها وغرورها اللذان قاداها إلى هذه القناعة، الكذب على نفسها، ها هي عشر سنوات تمر ولم أقرأ عملاً آخر لها. العالمية علو أدبي، لا تأتي بالنجاح الاستهلاكي السريع أو بدفع تكاليف ترجمة كتاب وطباعته من جهة غير دار الناشر كما حدث لكتاب سعودي صدر وبطبعة أنيقة حديثاً في ألمانيا. جديد نجم ما جديد نجم باللغة العربية، وآخر إصداراتك باللغات الأخرى، تحديداً الألمانية التي أصبحت لغتك الثانية اليوم؟ - الجديد هو «كتاب الميلانكوليا»، رواية من تسع قصص، ستصدر قريباً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان، إضافة إلى مختارات شعرية ترجمتها عن الألمانية لأحد أكبر شعراء ألمانيا المعاصرين، ميشائيل كروغر. كتاب يحتوي على 230 صفحة، ضمت قصائد الشاعر من عام 1976م وحتى 2009م، وسيصدر بعد أيام عن دار المدى. وفي الألمانية ستصدر رواية «بغداد مالبورو» بترجمة شيخ المترجمين الألمان هارتموت فيندريش في نهاية شهر فبراير المقبل، كما ستصدر لي للمرة الأولى قصة للأطفال. تجربة جديدة بالنسبة لي، لكنني استمتعت بها بشكل كبير. اقرأ أيضاً: الجزء الاول