لا تزال محدودية الموازنة المخصصة للأندية الأدبية العقبة التي يرى رؤساء هذه الأندية أنها تقف دون تحقيق المشاريع الثقافة التي يتطلعون إليها، وبالتالي الانتقال إلى مرحلة أكثر جدية من مجرد إقامة الفعاليات. ولا تسنح فرصة للقاء بوزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة إلا وتكون المطالبة برفع الموازنة في قائمة الأولويات. وقال رئيس نادي الباحة الأدبي حسن الزهراني إن الأندية الأدبية لا تقيم فعالياتها سوى بدعم من «أهل الخير والإحسان». ويرى بعض المثقفين ضرورة رفع الموازنة إلى 3 ملايين ريال، لكي تضطلع الأندية بدورها، فيما رأى البعض أن قضية جمود أنشطة الأندية ليس سببه الموازنة فقط. وذكر مثقفون أن مليون ريال مبلغ جيد، لو تم إنفاقه بشكل موضوعي، وعدم المبالغة في صرف المكافآت على مجلس الإدارة ورؤساء اللجان، مشيرين إلى الطفرات الثقافية التي تتحقق في بلدان موازنة مؤسساتها الثقافية أقل من نصف ما يتقاضاه النادي الأدبي الواحد، ومع ذلك هناك أنشطة وإصدارات وترجمات وحراك ثقافي؟ وقال مدير فرع الجمعية السعودية للثقافة والفنون بجدة الروائي عبدالله التعزي لـ«الحياة» إن الموازنة من الممكن الاستفادة منها «بالصورة التي تجعل من الأندية الأدبية منارات للثقافة المنتجة والمتجددة، على رغم أن وضع الأندية الأدبية بصورة عامة يبدو جامداً وغير متحرك بالصورة التي يرغب فيها المثقفون والأدباء، ولكن ليس بسب المال فقط، ولكن هذا ليس موضوعنا هنا»، مشيراً إلى أنه «لو نظرنا بصورة موضوعية إلى قيمة الموازنة الحالية والموضوعة قبل أكثر من 30 عاماً تقريباً فأعتقد بأنه حان الوقت لتتواكب الموازنة مع التضخم، ولا بد من أن تكون الثقافة والأدب والفنون الإنسانية جزءاً من تنمية المجتمع ووضعه في الطريق الحضاري المتنامي إلى الأفضل»، لافتاً إلى أن موازنة مصر مثلاً في فترة قريبة،» تبلغ أضعاف ما يصرف على الأندية الأدبية، وهذا مقارنة بدخل مصر القومي. المقارنة يجب أن تتناسب مع الدخل وليس القيمة فقط، ثم إن إنتاج الأندية يجب أن يقيم وتحاسب وتناقش بصورة قانونية وإنتاجية. ولا بد من أن يكون هناك مقياس يقارن جميع الأندية ببعض ويعطى مؤشراً صحيحاً للقيمة الحقيقية لما تقدمه الأندية». ولخص الشاعر والكاتب سعد الثقفي معضلة موازنة الأندية الأدبية في أربع نقاط، «الأولى هي في استحداث الملتقيات في النقد والشعر والقصة والرواية. وهذه في الحقيقة استحدّثت مع مجيء الأكاديميين للأندية الأدبية، إذ تحول النادي من راعٍ للثقافة لمختلف أطياف الشعب إلى ثقافة نخبوية في هذه الملتقيات أوجدها الأكاديميون الذين أحترمهم وأقدّرهم. ولكن مثل هذه الملتقيات تثقل الموزانة ومكانها الجامعات والدرس الأدبي لا النادي. ولكِ أن تتصوري مقدار الهدر في التذاكر للمدعوين والفنادق وما إلى ذلك. ويكون المردود عملاً أكاديمياً صرفاً لا علاقة له برسالة النادي الأدبي. والنقطة الثانية التي تضعف الموازنة هي في استحداث جوائز في كل نادٍ أدبي تذهب عادة خارج الوطن ولا تحقق أهدافها. ويفترض أن تكون هناك جائزة واحدة لفروع متعددة ولأبناء الوطن فقط وبرعاية وزارة الثقافة والإعلام لا برغبات مجالس الأندية الأدبية. وتتمثل النقطة الثالثة في تلك الموائد التي تُبسط بعد كل مناسبة. وأي نادٍ وُجِد، فقد وجد لملء العقول لا لملء البطون. ومن أراد من أعضاء النادي أن يبين لنا كرمه الفياض، فعليه أنْ يدعونا لبيته لا في النادي. والنقطة الرابعة والأخيرة تتمثّل في زيادة مكافآت أعضاء مجلس الإدارة بمن فيهم الرئيس، والحقيقة كلهم موظفون ويزورون النادي في المساء ولا يستحقون غير مكافآت رمزية. فهذه المكفآت تأخذ ما مجموعة 25 في المئة من موازنة أي نادٍ أدبي كما ذكر ذلك رئيس نادٍ سابق»، مؤكداً أن كل ذلك أدى إلى هدر موازنة النادي الأدبي، فيما لا نجد أكثر من 10 في المئة يصرف على الكتب في المتوسط. وأقل منها أو مثلها تصرف على المناشط الأخرى، فعلى من يريد زيادة الموازنة أن يفسر لنا كيف تذهب موازنته الحالية أولاً». فيما أوضح عضو مجلس الإدارة في نادي أبها الأدبي ظافر الجبيري قائلاً: «بدءاً لا بد من القول إن المبلغ المخصص لكل نادٍ أدبي قد تم إقراره منذ عقود خلت، وأصبح التحديث لزاماً ومن التحديث رفع هذه الإعانات بسبب موجات الغلاء المتلاحقة. وعن مساعدات أو مساهمات أهل الخير فليس في هذا عيب حتى وإن كنا في دولة غنية كما يشير السؤال، لأن الأمر يدخل في الدعم الواعي لأنشطة الأندية الأدبية وفق رؤية عن قرب لحاجات النادي، وقد يدخل بعض هذا الدعم في الجانب الترويجي والدعائي أو الرعاية لبعض الأنشطة الأدبية من لدن القطاع الخاص». وأكد الجبيري أن المليون ريال «لم تعد كافية، ومن هنا تأتي المطالبة برفع المخصصات للأندية، وهي في طريقها بأن تقر بمشيئة الله، إلى ثلاثة ملايين ريال للوفاء بالحاجات التشغيلية والرواتب والمكافآت والاستضافات وتكاليفها، والصرف على الطباعة والإصدارات الدورية والمناشط المتعددة للنادي، كما يجب الأخذ في الاعتبار أن اللجان الثقافية الناشئة في المحافظات تحتاج إلى موازنة ومبالغ ليست بالقليلة للقيام بأنشطتها المساندة والمكمِّلة لأنشطة النادي».