ناقش خبراء وأكاديميون في مؤتمر "الاستثمار في البحوث والابتكار من أجل المجتمع" بالدوحة قضايا تتعلق بالاستثمار الإستراتيجي والتحديات البحثية في مجال أمن المياه والأمن الإلكتروني وحلول الطاقة الشمسية والمتجددة، بالإضافة إلى الرعاية الصحية. وقدّم هؤلاء خبراتهم العلمية وطرقهم المبتكرة التي يسعون من خلالها إلى مواجهة التحديات التي تواجه دولة قطر ودول المنطقة في هذا المجال. ويعدُّ المؤتمر، الذي عقد الثلاثاء، أحد أهم الفعاليات البحثية في دولة قطر لاجتذابه أفضل العقول البحثية في الدولة وخارجها، ويهدف إلى الارتقاء بالبحث العلمي في قطر ودول المنطقة، وتمكين الباحثين من أدوات البحث العلمي للتغلب على قضايا التنمية التي لا يمكن تحقيقها دون بحث علمي رصين. التنمية الشاملة وفي كلمتها بافتتاح المؤتمر أعربت رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمعالشيخة موزا بنت ناصرعن إيمانها المبنيِّ على المعطيات الواقعية بأن قطر واحدة من أكثر البلدان النامية المؤهلة للاستثمار المجدي في البحث العلمي وفقا لمتطلبات التقدم ومواجهة مختلف التحديات التنموية. وأوضحت الشيخة موزا أن دولة قطر تتوافر فيها تقريبا جميع عناصر التنمية الشاملة القائمة على البحث العلمي، وفي مقدمتها الإرادة السياسية والتعليم النوعي والموارد المالية ومراكز البحوث والتطوير، بالإضافة إلى شراكات علمية وأكاديمية عالمية. الجلسة الرئيسية للمؤتمر (الجزيرة) وفي مداخلته بجلسة "الاستثمار الإستراتيجي في البحوث من أجل البحث العلمي والابتكار" قال رئيس جامعة قطر الدكتور حسن الدرهم إن دولة قطر -عبر مؤسساتها العلمية- أرست العديد من المبادرات التي من شأنها تعزيز البحث العلمي والابتكار، "لكن علينا أن ندرك أنَّ كلمة الابتكار بسيطة لكنها بواقع الأمر أكثر تعقيدا عندما نأتي لتطبيقها على أرض الواقع"، وفق تعبيره. ويضيف "عندما نتحدث عن مؤسساتنا التعليمية فإن أحد الدروس التي تعلمناها هي أن المقاس الواحد في المؤسسات الأكاديمية لا يناسب الجميع، لذلك نحن مواجهون بعدة تحديات تستدعي منا أن نعمل على أن يكون الاستثمار في الموارد البشرية من كافة التخصصات ضمن أولوياتنا، وهذا ما جعلنا نركّز على دعم الابتكار والاستفادة من الكوادر العلمية". نجاح من جهته، أكد المدير التنفيذي لمركز قطر للابتكارات التكنولوجية الدكتور عدنان أبو دية أهمية البحث العلمي وتشجيعه كونه الركيزة الأساسية للوصول إلى التنمية المستدامة، مشيرا إلى أنه دون تنمية الموارد البشرية لن تتحقق التنمية الشاملة. وأضاف أنه قام مع فريق من الباحثين بتطوير خدمة "مسارك" التي هي عبارة عن حزمة من الخدمات والتطبيقات للنقل الذكي والسلامة على الطرقات والخدمات اللوجستية، تم تطويرها بالشراكة بين وزارة البلدية والبيئة، ومركز قطر للابتكارات التكنولوجية، الذي يعدّ أول مركز مستقل للابتكارات في المنطقة. أبو دية: البحث العلمي ركيزة أساسية للتنمية الشاملة (الجزيرة) وعبّر أبو دية عن سعادته بحصول فريقه على جائزة أفضل ابتكار مقدمة من المؤتمر هذا العام، مؤكدا أن الفائز اليوم هو فريق عمل متكامل استطاع أن يعمل على مدار أربع سنوات لابتكار نظام سجّل نحو عشرة ملايين من البيانات لمساعدة الشركات في تحسين بيانات الحركة المرورية. بدوره، قال سوريش ساتشي نائب المدير المنتدب لوكالة العلوم والتكنولوجيا والبحوث في سنغافورة إن التحديات التي تواجه الباحثين في بعض البلدان هي ضعف التمويل والفصل بين التخصصات واعتماد مناهج قديمة لا تتماشى مع متطلبات البحث الحديث. وروى تجربة سنغافورة في هذا المجال، حيث جمعت 5400 من النوابغ وحملة الشهادات العليا لإحداث ثورات بحثية حققت ما يشاهده العالم اليوم من ثورة علمية في البلاد. وأضاف "تحقق هذا النجاح لإدراكنا أن الباحثين يفضلون العمل مع بعضهم البعض، فالبحث يتغير وثقافة المختبر المنفصل انتهت بالنسبة للباحثين في سنغافورة التي يعمل فيها الآن الكيميائي بجانب الفيزيائي والاقتصادي". وتابع "يتعيّن علينا أن ندرك أن أهم أسباب النجاح في البحث العلمي تتلخص في الانفتاح واجتذاب عقول أجنبية والعمل مع جنسيات مختلفة لزيادة قدرات المعاهد والتكنولوجيا لخدمة البحث العملي"، مؤكدا أن التمويل ضروري لنجاح ومواصلة الأبحاث التي يجب أن تعمل كافة مؤسسات الدولة على دعمها.