أثار تقرير صحفي عن حذف اسم وصورة السياسي المصري المؤيد للديمقراطية محمد البرادعي من كتاب مدرسي انتقادات لاذعة لوزارة التربية والتعليم المصرية حتى من أشد معارضي الرجل الحائز على جائزة النوبل للسلام. ونشر موقع صحيفة التحرير الخاصة على الانترنت أمس الاثنين تقريرا تضمن صورة ضوئية لصفحة في كتاب القراءة للصف الخامس الابتدائي الذي درس العام الماضي وكانت تحتوي على اسم وصورة البرادعي. ونشرت الصحيفة صورة ضوئية أخرى لنفس الصفحة من كتاب العام الحالي لكن دون ذكر للبرادعي. وأكدت وزارة التربية والتعليم في بيان صدر أمس الاثنين حذف اسم وصورة البرادعي من كتاب العام الدراسي الحالي لكنها نفت مسؤولية الوزير الحالي الهلالي الشربيني عن ذلك وقالت إن هذا القرار اتخذته لجنة تطوير المناهج في عهد الوزير السابق محب الرافعي. وحصل البرادعي على جائزة نوبل في السلام عام 2005 بالمناصفة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي شغل منصب مديرها العام منذ ديسمبر كانون الأول 1997 وحتى نوفمبر تشرين الثاني 2009. ويختلف المصريون حول الدور الذي لعبه البرادعي داخليا بعد تركه للوكالة التابعة للأمم المتحدة. ويعتبره مؤيدوه من أبرز دعاة الديمقراطية والإصلاح بينما وصل الحال ببعض منتقديه لاتهامه بالخيانة والعمالة للغرب. وعاد البرادعي لمصر عام 2010 ولعب دورا في الحشد للانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك عام 2011. كما كان معارضا للمجلس العسكري الذي أدار البلاد مؤقتا بعد مبارك ولجماعة الإخوان المسلمين التي تولت الحكم لفترة وجيزة. وعُين البرادعي نائبا للرئيس المؤقت عدلي منصور بعد إعلان الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي للإخوان في يوليو تموز عام 2013 إثر احتجاجات حاشدة على حكمه. لكنه استقال بعدما فضت قوات الأمن بالقوة اعتصامين لأعضاء ومؤيدي الجماعة في أغسطس آب من نفس العام. ومن أشد منتقدي البرادعي الكاتب الصحفي حمدي رزق لكنه كان واحدا ممن هاجموا وزارة التربية والتعليم في مقال نشر على موقع صحيفة المصري اليوم الخاصة اليوم الثلاثاء. وكتب رزق وهو أيضا من مؤيدي الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي لم أكن يوماً من شيعته ولا أنصاره... ولكن ليس من حقك ولا حقي ولا حق غيرك، اختلافاً أو اتفاقاً، حذف اسم وصورة البرادعي من الكتب المدرسية. ووصف رزق هذا الإجراء بأنه جريمة سياسية و إهانة للتاريخ. وقال الروائي والمعارض المصري علاء الأسواني على حسابه على تويتر وسط تعليم فاشل ومدارس لا تصلح للآدميين ... تحذف وزارة التعليم اسم د. البرادعي من المنهج لخلافه مع السلطة. هكذا وصلنا للحضيض. وأضاف في تغريدة ثانية حذف اسمه من المنهج مجرد نفاق رخيص بائس. *التاريخ لن يزيفه أحد ورغم تأكيدها لحذف اسم وصورة البرادعي من الكتاب لكن القائمين على الوزارة حاليا دافعوا عن أنفسهم وألقوا بأصابع الاتهام على الوزير السابق محب الرافعي. وقال بشير حسن المتحدث باسم الوزارة لرويترز عبر الهاتف اليوم الثلاثاء نختلف مع الدكتور محمد البرادعي سياسيا وننتقده انتقادا يصل إلى حد الهجوم عليه بسبب مواقفه ضد مصر لكن التاريخ لن يزيفه أحد. التاريخ لا يكتبه شخص.. تكتبه الأمة. وأضاف الثابت والذي لا يستطيع احد انكاره حصول الدكتور محمد البرادعي على جائزة نوبل. وجاء ذكر البرادعي في اختبار لمعلومات الطلاب بعد موضوع عن للروائي المصري الراحل نجيب محفوظ الحائز على نوبل في الآداب. وكان التدريب يتضمن معلومات وصورا عن ثلاثة مصريين آخرين حصلوا على نوبل وهم البرادعي والرئيس الراحل أنور السادات والعالم أحمد زويل. واقتصر الاختبار هذا العام على السادات التي فاز بنوبل للسلام وزويل الذي فاز بنوبل في الكيمياء. وقال حسن إن واقعة حذف واسم وصورة البرادعي من الكتاب كانت قبل عام عندما قررت لجنة تطوير المناهج في عهد الرافعي ذلك. وأضاف أنه عندما تولى الوزير الحالي منصبه في سبتمبر أيلول الماضي كانت الكتب الجديدة طبعت بالفعل. ولم يتسن لرويترز الاتصال بالرافعي للتعقيب لكنه قال في اتصال هاتفي مع برنامج تلفزيوني مساء أمس الاثنين إن مناهج الفصل الدراسي الثاني تبدأ طباعتها وتسليمها للمدارس في الفصل الدراسي الأول الذي لم أكن أصلا موجودا فيه. وبدأ العام الدراسي الحالي يوم 28 سبتمبر أيلول بعد أيام من إقالة الرافعي وتعيين الشربيني خلفا له. وقال المتحدث باسم التربية والتعليم إن لجنة تطوير المناهج تبرر حذف اسم البرادعي من المنهج بعد ورود شكاوى من أولياء الأمور. ووصف تلك الحجة بأنها شيء غير مقنع. وأضاف أن اللجنة خضعت للتحقيق اليوم الثلاثاء وسينتهي التحقيق معها غدا الأربعاء. وردا على سؤال حول ما إذا كانت الوزارة ستعيد المنهج السابق العام المقبل قال حسن إن هناك لجانا تعمل حاليا على تطوير مناهج العديد من المواد. وأضاف إذا كان هناك شيء يتناول نوبل فلا بد وأن يتضمن صورة واسم الدكتور محمد البرادعي. ولم يعلق البرادعي في حسابه على تويتر على الواقعة لكنه أعاد نشر تغريدة للإعلامية اللبنانية ليليان داود التي تقدم برنامجا في قناة تلفزيونية مصرية خاصة تقول فيها لا ينتقص من مقام عالم حذف اسمه من كراسة وورق، بل يعيبك أن يذكر التاريخ جهلك. ونقلت صحيفة التحرير عنه قوله في تصريحات لها إن رد الفعل يثلج صدري ويؤكد قناعتي بأن العقول ما زالت حرة محلقة والضمائر ما زالت يقظة أبية. وأضاف القيم الإنسانية لا بد حتما في النهاية وأن تنتصر، هكذا يعلمنا التاريخ، ولن نكون استثناء. المصدر: رويترز