دعا المشاركون في المنتدى السعودي الدولي للرعاية الصحية الذي تختتم فعالياته بجدة، اليوم (الثلاثاء)، برعاية مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، إلى خفض التكلفة العلاجية في دول الخليج التي تعد الأغلى عربيا. وشددوا على ضرورة التوسع في الاستثمارات الصحية وإنشاء الجامعات والكليات والمعاهد لمواجهة النقص الكبير الذي تشهده الموارد البشرية في القطاع الصحي بالدول الست، في ظل توفر 20 طبيبا لكل 10 آلاف شخص وهي نصف النسبة الموجودة في دول أوروبا، وأشاروا إلى أهمية تشجيع الابتكارات والأبحاث العلمية وزيادة معدل الانفاق على الجانب التعليمي والعلمي خلال السنوات المقبلة. وكشف الخبراء المشاركون في الجلسات العلمية لليوم الثاني للمنتدى عن وجود 6 مدن طبية عملاقة في السعودية والإمارات وقطر والبحرين قادرة على تعزيز فرص دول الخليج في الدخول بقوة إلى سوق السياحة العلاجية التي تلتهم مليارات الدولارات سنويا، نتيجة سفر الكثيرين للعلاج في عدد من الدول الأوروبية والآسيوية والعربية، مطالبين بضرورة التوسع في إنشاء المشروعات الصحية الضخمة وغير التقليدية، خصوصا «المنتجعات الطبية» لجذب السياحة العلاجية. مدن طبية وطرح أكثر من 30 خبيرا ومختصا أوراقا مهمة ورؤى وأفكار عديدة على مدار 5 جلسات أمس، تناولت الأولى نمو المدن الطبية في سوق الرعاية الصحية الناشئ بمنطقة الشرق الأوسط، وتطور التدريب للأطباء والوصول بنصيب المنطقة من سوق السياحة العلاجية المزدهر إلى أعلى المعدلات المطلوبة. وأدار الجلسة د. إبراهيم الملحم، رئيس مجلس الإدارة الجمعية السعودية للإدارة الصحية بالسعودية، بمشاركة د. عبدالرحمن المعمر، الرئيس التنفيذي، لمدينة جامعة الملك سعود الطبية، و د. محمود اليماني الرئيس التنفيذي لمدينة الملك فهد الطبية، ود. علي العبيدلي، رئيس وقائد مجموعة الشؤون الأكاديمية بشركة أبو ظبي للخدمات الصحية، ود. عامر شريف، الرئيس التنفيذي لمدينة دبي الطبية. وأشار «الملحم» إلى الفرص المتعلقة بالرعاية الصحية في منطقة الخليج، وقال: «في وقت تخطط فيه السعودية ودول الخليج الأخرى للتوسع بشكل كبير في التعليم الطبي للنهوض بالعلاج، تطوير التدريب الطبي للأطباء والوصول بنصيب المنطقة من سوق السياحة العلاجية المزدهر إلى أعلى المعدلات، تنمو حركة إنشاء المدن الطبية بما في ذلك مدينة الملك فهد الطبية، وهي الأكبر والأكثر تقدما واستقلالية في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك مدينة الملك عبد العزيز الطبية بالرياض بما تحويه من كلية للطب وكليات للتمريض والعلوم الطبية المساعدة». واستعرض المشاركون في الجلسة 4 مدن طبية أخرى قادرة على تعزيز قدرة دول الخليج على المنافسة في السياحة العلاجية، تتمثل في مدينة الملك عبد الله في البحرين التي تحتضنها جامعة الخليج العربي، وتركّز على تدريب الأطباء والمشاركة في المعرفة. كما قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بإنشاء وتطوير مدينة دبي للرعاية الصحية، كأول منطقة رعاية صحية حرة في العالم، ويمكن ذلك ملّاك المستشفيات، كليات الطب، أو المراكز الترفيهية من امتلاك ما يصل إلى 100% من الأسهم. كما أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة كذلك مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي، التي تحتوي على العديد من مراكز التميّز. وأنشأت دولة قطر مدينة حمد الطبية، وهي ثاني أكبر منشأة للرعاية الصحية في الشرق الأوسط. وأكد الدكتور محمود اليماني الرئيس التنفيذي لمدينة الملك فهد الطبية أن هذه المدن تسهم في تحفيز الجودة في قطاع الرعاية الصحية الناشئ بتبني وتطوير مناهج طبية متوافقة مع المناهج الدولية وتبادل المعرفة والمهارة، وكذلك المشاركة في رفع معايير الممارسة الطبية. كما أن هذه المدن تمثل الطريق نحو تخريج عدد أكبر من الأطباء الذين توجد حاجة ماسة لهم، مشيرا إلى الإحصائيات الدولية في مجال الصحة، حيث يصل معدل متوسط عدد الأطباء مقارنة بعدد السكان في دول الخليج هو 20 طبيبا لكل 10,000، بينما هو في أوروبا 40 لكل 10,000. مما يكشف عن النقص في عدد الممارسين الصحيين الذي يمثل ظاهرة عالمية، إلا أنه يزداد شدة في دول مجلس التعاون الخليجي الست: السعودية، البحرين، قطر، دولة الإمارات العربية المتحدة، الكويت وعمان. تخفيض التكاليف وحثت الجلسة العلمية الثانية التي أقيمت تحت عنوان (تحسين الصحة السكانية في الشرق الأوسط)، برئاسة الدكتور عبد الوهاب الخميس الأستاذ المساعد للصحة العامة بالجامعة السعودية الإلكترونية، إلى أهمية تشارك القطاعين العام والخاص في إطلاق الكثير من المشاريع الصحية والطبية بهدف زيادة العرض الذي سيساهم بدوره في تخفيض تكلفة العلاج، وحظيت الجلسة بمشاركة الأستاذة الدكتورة سلوى الهزاع عضو مجلس الشورى، الأستاذ ورئيس قسم طب وجراحة العيون، مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، جامعة الفيصل بالرياض، ود. عمر الشنقيطي، الأستاذ مساعد، بمركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية، ود. نهى دشاش استشاري طب الأسرة بوزارة الصحة السعودية، والأستاذ الدكتور أحمد منديل المسؤول بالبحوث الإقليمية للشرق الأوسط. وأشار «الخميس» إلى أن الحد من زيادة نفقات الرعاية الصحية مع تحسين صحة السكان هو التحدي الأكثر أهمية وصعوبة الذي يواجه صانعي السياسات الصحية، ليس في السعودية ودول الخليج فحسب؛ بل في كل دول العالم، وقال إن دور الابتكار في تطوير هذه الأهداف المجتمعية هو مثار جدل، حيث يرى الكثيرون أن الابتكار هو السبب الرئيس في تزايد التكلفة، بينما يرى آخرون كثيرون أن الابتكار هو أمر حتمي لتطوير جودة رعاية المريض والنتائج المبتكرة. وتناولت البروفسورة سلوى الهزاع محور الطب الشخصي من مفهومه إلى فوائده من قدرته على تقديم العلاج الصحيح وللشخص المناسب وفي الوقت والجرعة والكمية المناسبة، وقالت إن هذا المفهوم الحديث نسبيا سيغير مستقبلا آلية تقديم الرعاية الصحية، مشيرة إلى أن هذا المفهوم الحديث لا يزال في الخطوات الأولى والمعلومات والدلائل العلمية ما زالت في بداياتها إضافة للتكلفة العلاجية المرتفعة والصعوبات الأخرى المتعلقة بالأخلاقيات الطبية وغيرها. أما الدكتورة نهى دشاشة، فتناولت في محاضرتها مفهوم التكلفة من زاوية مفهوم جودة الحياة. وكيف يمكن حسابها حسب المرجعيات العلمية، كما تطرقت إلى مفهوم العلاقة بين التكلفة والعلاج ومفهوم الفعالية الاجتماعية وموقعنا من هذا المفهوم في المملكة العربية السعودية والتوجهات الدولية المستقبلية نحو هذا المفهوم. من جهته، أشار الدكتور عبد الوهاب الخميس رئيس الجلسة إلى أن هذه المحاور مهمة جدا، خصوصا في ظل سعي وزارة الصحة لخصخصة خدماتها الصحية، مبينا أن الإنفاق على الخدمات الصحية ينقصها كفاءة الانفاق وليس فقط زيادة الإنفاق عليها. وبين أن هذه الكفاءة لها جوانب متعددة بما فيها رفع كفاءة الصحة العامة للناس. وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية تسعى نحو تطبيق مفهوم التغطية الصحية الشاملة في دول منطقة الشرق الأوسط الذي لا يمكن تطبيقه دون الحديث عن جوانب التكلفة والكفاءة الاجتماعية كأحد محاور تحقيق التغطية الصحية الشاملة. 20 مليار سنويا وتناول المشاركون في جلسة السياحة العلاجية التكلفة الباهظة التي تدفعها دول الخليج بهدف علاج المرضى بالخارج التي تصل إلى ما يزيد على 20 مليار ريال سنويا، وترأس الجلسة د. كابي حنّا المدير التنفيذي لوحدة ديوك لأبحاث الطب التحويلي قبل السريري، بمشاركة منصور أحمد، مدير الدراسات بجامعة كوليرس العالمية بالإمارات العربية المتحدة، وبايج بيترسون، نائبة المدير التنفيذي بمؤسسة هانتسمان للسرطان بالولايات المتحدة الأميركية. وقدر الخبير كابي حنا قيمة السياحة العلاجية بنحو 50 مليار دولار أميركي حول العالم، وتحظى بالدعم في منطقة الخليج. وفي الأعوام الأخيرة، أسهم تضافر جهود دول الخليج في تعزيز قطاع الصحة في المنطقة بالمرافق والمنشآت العصرية، وفق أعلى المستويات العالمية لجذب السياح الراغبين في العلاج، وقال إن ما يواجهه العالم من زيادة تدفق المرضى والممارسين الصحيين، وكذلك التقنية الطبية، والتمويل الرأسمالي والتشريعات التنظيمية العابرة للحدود الوطنية، أدت مجتمعة إلى ظهور أنماط استهلاكية وإنتاجية جديدة لخدمات الرعاية الصحية خلال العقود الأخيرة. وأشار منصور أحمد، مدير الدراسات بجامعة كوليرس العالمية بالإمارات العربية المتحدة إلى أن أحد أهم العناصر الجديدة لزيادة التجارة في الرعاية الصحية اشتمل على انتقال المرضى عبر الحدود طلبا للعلاج الطبي وللصحة السليمة، وهي الظاهرة المتعارف على تسميتها «السياحة العلاجية». تتحقق السياحة العلاجية عند اختيار المستهلكين السفر عبر الحدود الدولية بنية الحصول على شكل من أشكال العلاج الطبي. هذا العلاج قد يمتد ليشمل الاستفادة من كل أوجه الخدمات الطبية، إلا أنه، وعلى الأغلب، يشمل الاعتناء بالأسنان، والجراحة التجميلية، والجراحات الاختيارية غير الطارئة، وعلاج العقم. وتناولت بايج بيترسون، نائب المدير التنفيذي بمؤسسة هانتسمان للسرطان بالولايات المتحدة الأميركية تحوّل المرضى باتجاه انتقال المرضى من الدول الأكثر غنا والأكثر نموا إلى الدول الأقل نموا للحصول على الخدمات الصحية، وقالت إن السبب الرئيس لذلك هو انخفاض تكلفة العلاج في هذه الدول، حيث ساعد على ذلك ملائمة أسعار الرحلات الجوية، وتوافر المعلومات عبر الشبكة العنكبوتية. بناء على أحدث التقديرات، فإن 55 مليار دولا أميركي من الإنفاق في الرعاية الصحية قد خرجت من الولايات المتحدة الأميركية خلال العام الماضي. رابط الخبر بصحيفة الوئام: دول الخليج تدخل سوق السياحة العلاجية بـ«6» مدن طبية عملاقة