ما من شك بأن الذي يجري في المنطقة الآن، هو الأكثر تشويشا منذ الحرب العالمية الثانية. تصدع في المحاور التقليدية، وتشكل محاور أخرى على أنقاضها. تعقيد في المشهد من كل جهة. الغريب في الأمر أن السعودي يحضر دائما في الأزمات، وهذا ربما ناتج عن التوظيف الشبابي للجهاد في أفغانستان منذ الثمانينيات، بحيث أصبح الشباب هدفا واضحا لكل من لديه أزمةٍ أو مشكلة في الشرق أو الغرب. سمعنا عن شاب سعودي في جبهة النصرة يقتل شابا سعوديا في داعش! هذا هو المشهد الآن، لوحة سوريالية صعبة الفهم والتحليل، ولا يمكن أن تقرأ على لون واحد أو تفسير واحد ولا شكل واحد. أجزم أن التاريخ سيذكر هذه المرحلة بشيء من الإرهاق، وأن الأجيال ستدرسها مرحلة معقدة مرتبكة! لكن من المذنب في كل هذا الضجيج؟ وأين مكمن العلة؟! بالتأكيد هم المحرضون، وقد قال رجل مسؤول هو الدكتور عبداللطيف آل الشيخ رئيس الهيئات، بالنص: «هؤلاء المتطرفون يروعون أهالي الشبان المغرر بهم، ويدفعون بهم إلى هناك حتى يقتلوا أو يسجنوا أو يذلوا، وهم يقضون إجازاتهم في أجمل المنتجعات السياحية العالمية، ويركبون أفخم السيارات، ويدرس أبناؤهم في دول العالم المختلفة، إن هؤلاء يغررون بالشبان باسم الجهاد، وإرسالهم إلى مواطن الفتن والقتال، وهم وأبناؤهم ينعمون برغد العيش». هذا التشخيص من شيخ مسؤول ليس من آحاد الناس، يضع المشرط على الجرح، ويكشف بالتفصيل الأزمة التي نعاني منها. حتى نجنب أبناءنا هذه المزالق، علينا أن نوقف الداعين إليها. وها هو آل الشيخ يهاجم بفضاعة من أنصار دعاة النفير، فهم لم يتحملوا أن يخرجهم أحد من المناطق الرمادية للوضوح والعلن!. القصة ليست سهلة، ومئات من أبناء هذه البلاد، بل الآلاف، باتوا وقودا لمعارك الآخرين، فيما الحسرة والألم يبقيان للوالدين، والأقارب، والأهل، والأحباب.. وقبل ذلك الوطن الذي يغتال في شبابه ووعيه! عكاظ