تعليقا على حدث مهم استثمره الشيخ يوسف القرضاوي ذات مرة قريبة قلت: (إن الشيخ القرضاوي مثلما هو شخصية دينية فإنه أيضا شخصية سياسية تعرف جيدا ألاعيب السياسة وتمارسها بدهاء تحت غطاء الدين، ولا أحد يستطيع القول إن القرضاوي ليس لاعبا أساسيا مهما في ما حدث ويحدث في مصر بعد ثورة 25 يناير حتى وإن كان غير موجود بشكل مباشر في المؤسسة السياسية الرسمية، كما لا يمكن لأحد أن ينفي النفس السياسي في الحضور الديني للشيخ القرضاوي طوال السنوات الماضية عبر وسائل الإعلام). حين قلت ذلك فلأني دائما لا أشعر بارتياح لمن يوظف الديني في السياسي، ويتقلب في مواقفه وآرائه بحسب مقتضيات الظروف السياسية ممتطيا صهوة الدين ومحاولا تطويعه أو اعتسافه ليتسق مع توجهه، وليست هناك حاجة للتدليل على أن القرضاوي من أساطين هذا النوع الذي يتقنع بواجهة دينية تحاول التمويه على الوجه الإيديولوجي السياسي الانتهازي لفكر جماعة الإخوان المسلمين الذي أظهره بسفور شديد بعد ثورة يناير، وبسفور أشد بعد اعتلاء الإخوان سدة الحكم في مصر، ثم أصبح فاضحا بعد تمكن منظومتهم من الاستحواذ على السلطة في أكثر من بلد عربي لأن اللحظة التأريخية قد حانت لتحقيق حلم إدارة العالم العربي ومن بعده العالم الإسلامي، وطالما هو رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فإنه المخول مستقبلا ليكون ملهم العالم الإسلامي وزعيمه الروحي وموجهه الأوحد. ولكن بعد ثورة الشعب المصري في 30 يونيو على فترة كارثية من حكم الإخوان واتضاح حقيقتهم بأن مصر وشعبها وأمنها لا تعني لهم شيئا، وبعد هبة الجيش المصري لتخليص مصر من قبضتهم العبثية بإزاحة الرئيس مرسي أصابت رموزهم لوثة عنيفة من الجنون جعلتهم يشعلون نار الفتنة ويسفكون الدم ويفجرون في القول ضد شعب مصر والذين وقفوا معه في محنته وبادروا إلى مساعدته على الخروج من أزمته، وكان القرضاوي في مقدمتهم، فبعد أن كال الإهانات للشعب المصري وجيشه وحكومته تطاول على الأزهر وعلمائه، لأنهم وقفوا مع الحق وحرصوا على أمن مصر ووحدتها ومستقبلها، ولأن كل ذلك غير كاف بالنسبة له ها هو يسرف في التطاول ليصل إلى الزعماء الذين آزروا مصر الشقيقة وشعبها. لقد كانت الكلمة التي ألقاها القرضاوي قبل يومين بمثابة نزع القناع الأخير عن دجل ونفاق مارسه طويلا، فقد كشفت مغالطته وكذبه وتزييفه للحقيقة التي يعرفها الشرفاء والأحرار من أبناء مصر الذين ذكرهم وهو ليس منهم. يا شيخ يوسف.: حين تطالب القادة المخلصين بأن يرجعوا إلى الحق ودين الله فإنك الأولى بأن ترجع إليه، لأنك أنت الذي تجرأت عليه بتحريضك على الفتنة والاقتتال والتخريب تحيزا لجماعتك التي نكثت بعهودها مع شعب مصر ودمرت مقدراته الوطنية وخانته في أرضه وأمنه وهددت سلمه الاجتماعي ووحدته وتصالحه التأريخي. إن دين الله الذي يأمر بالحق هو الذي دفع المملكة بأن تكون أول المبادرين للوقوف مع شعب مصر الذي عبر عن إرادته، والمليارات التي قدمها مع إشقائه زعماء الخليج لم تكن لقتل المصريين كما تقول بل لدعم اقتصاد مصر وشرفاء مصر وأحرارها، وحين قدموها فلأنهم يعرفون أنها لن تقع في أيدي عصابة من المرتزقة يتآمرون بها على مصر التي لا يعترفون بأنها وطنهم. كما أن قولك إن مليارات السعودية والخليج هي وقود المسيرة الظالمة التي تقتل المسلمين ليس سوى إمعان في التزييف لأنك وجماعتك من قدمتم أولئك المخدوعين بكم قرابين مجانية في سبيل وباء السلطة وداء التسلط الذي أعماكم. الزعماء الشرفاء هم الذين باركوا لمصر قدرتها على حل أزمتها من داخلها، وليس الذين وصلت بهم الخيانة إلى حد التوسل للأجنبي بالتدخل عسكريا لإعادتهم إلى السلطة، فأي ضمير وأي شرف وأي دين يدعيه الخونة.