•• عوّدنا الدكتور أحمد محمد العيسى وزير التعليم على التفكير العلمي الممنهج.. وهو التفكير الذي يبدأ بوضع الفرضية.. ويمر بعمليات الاختبار والتحليل وينتهي إلى طرح المقترحات والتوصيات.. •• عودنا على ذلك من خلال كتبه وأبحاثه ودراساته العميقة لمعضلات التعليم في بلادنا.. بصورة كان معها الإنسان يتمنى أن يراه في يوم من الأيام صانع قرار.. وقد كان. •• ولذلك فإنني ما زلت.. أقول ما زلت أثق بأن الوزير العيسى قادر – إن شاء الله – قادر على المواءمة بين ما تناولته أبحاثه وكتبه ودراساته.. وبين التطبيق الفعلي لتلك الرؤى والنظريات والنتائج التي توصل إليها.. مع إدراكي الشديد لمدى الصعوبات التي واجهها بمجرد دخوله الوزارة وملامسته للواقع.. ومعايشته للمشكلات الحقيقية التي أنتجت عملية تعليمية "مفخخة" وبيئة عمل تحتاج إلى إصلاحات جذرية ليس بمقدور الوزير أو الوزارة وحدها أن تُصلحها على الإطلاق.. •• ذلك جانب.. •• أما الجانب الآخر فإنه يتمثل في اتفاق الجميع مع الوزير على أهمية وضرورة الارتقاء بمخرجات التعليم تحقيقاً للنقلة النوعية المنشودة ولو بعد عشرين سنة من الآن.. إذا نحن بدأنا من الآن وبصورة صحيحة.. •• لكن ما تحدث به الوزير إلى وسائل الإعلام ونشر يوم الجمعة قبل الماضي عن التوجه نحو التوسع في خدمات المركز الوطني للقياس والتقويم/قياس، خلال ترؤسه مجلس إدارة المركز في الرياض في اليوم السابق.. جعلني أتساءل: •• كيف نطبق معايير قياس في ظل منظومة تعليمية تحتاج إلى إصلاح جذري بدءاً من الروضة والتمهيدي.. ومروراً بمراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي – كما هي قائمة الآن - وانتهاء بالمرحلة الجامعية.. وما بعدها من مستويات علمية عالية؟ •• صحيح ان تطبيق قياس قد ضمن لنا تحسيناً محدوداً للمخرجات النهائية للعملية التعليمية.. •• لكن هذا التحسين قذف لنا بمئات الآلاف من الشباب والشابات في الشوارع.. وأخشى ما أخشاه أن يتحول كل هؤلاء إلى مطايا في يد قوى الشر.. ومنظماته.. أدوات جاهزة لتنفيذ مخططاته الخطيرة والمقلقة للجميع.. لا سيما وأننا لم نهيئ قنوات تعليمية متعددة.. ومتنوعة.. وكافية.. وعريضة تستوعب من لفظتهم الجامعات وتحولهم إلى عناصر بناء تساهم في تلبية احتياجات السوق.. سواء بتطوير وتوسيع مجالات التعليم في التخصصات الفنية.. والتقنية.. والمهنية.. أو بالتوسع في مجالات التدريب المكثف بالتعاون مع القطاع الخاص الذي لم يتحمل بعد مسؤولية جادة في هذه العملية نتيجة للفجوة العريضة بينه وبين مؤسسات القطاع العام وأجهزته المختلفة.. •• يضاف إلى ذلك.. •• ان العملية التعليمية الناجحة في أي بلد في هذا العالم قد ارتكزت على إغناء الجوانب التربوية.. وتنمية القدرات العقلية.. وبناء الشخصية المستقلة.. وهذا مفقود بالكامل في مؤسستنا التعليمية بالصورة المنهجية التي تحدثت عنها.. •• لذلك أقول.. إن الاهتمام بعملية التقويم مهم.. وضروري.. وصحيح.. لكنه لا يتقدم على إعادة هيكلة التعليم وتنظيمه وتنظيفه من الأساس. •• وأنا أعرف أن الوزير لا يملك صلاحية "هدم" مؤسسات أو أجهزة قائمة.. لكنني أعرف أنه يستطيع أن يعمل مع أجهزة الدولة المعنية الأخرى وفي الاتجاهين وبتدرج محسوب في عملية التقويم.. وفي اختبارات الجودة النوعية وبواقعية لا تخلق لنا مشاكل جديدة يصعب حلها.. •• وإذا أذن لي الوزير فإنني لا بد وأن أقول له.. انه ومع إدراك مختلف التحديات التي تحيط بك.. إلا أن رغبة الدولة والمجتمع في إصلاح البنية الأساسية للتعليم كفيلة بأن تُعينك بشيء من الصبر والعمل الدؤوب على تصحيح الأوضاع.. وتحقيق الهدف من وراء دمج التعليم العالي والتعليم العام.. أملاً في إعادة بناء العملية التعليمية من أجل المستقبل الأفضل؟ *** •• ضمير مستتر: •• (الذين يصنعون مستقبل أوطانهم.. يدفعون أثماناً غالية ولكنها ضرورية للنهوض بها).