×
محافظة المنطقة الشرقية

السعودية: الأربش ترد على حملة دعم حسين الراضي بعد دفاعه عن حزب الله: هل نصرالله أهم من الحسين؟

صورة الخبر

تشق المركب عباب النيل، تتمايل بدلال فوق سطحه الأزرق، يصدح البحارة بأغاني النوبة الشعبية فتطرب لألحانهم أمواج النهر الوديعة. من شمال مصر إلى جنوبها، ينتشر الجمال الطبيعي كما فطره الله سبحانه. على ضفاف النهر تمتد حقول قصب السكر وأشجار المنجا والجوافة، وفي أقصى الجنوب تشهد أجمل عناق للطبيعة بين الجبال والحقول الخضراء عند أعتاب النهر الخالد. تشعر بالانبهار يملأ قلبك وتسري السعادة والفرحة في عروقك كطفل يتراكض مذهولا في حديقة الملاهي. في مدينتي الأقصر وأسوان جنوب مصر، تجد الجمال والحب والأساطير الملونة، تغرق في الشمس والدفء والتاريخ العتيق، كلما توغلت في المشي على الأرض، توغلت قدمك في الغوص في أعماق الزمن فإذا بك تجد نفسك غارقا حتى أذنيك في أساطير عالم ما قبل الميلاد بآلاف السنين! في المعابد والمقابر الفرعونية تتجسد أمامك الأساطير المزخرفة لتحلق بك في عالم من الفن والخيال وطرافة الحكايات. يطرق سمعك صوت المرشدة السياحية وهي تروي حكايات أجيال طويلة من الأساطير الفرعونية عن آلهة متعددة الأشكال والمهام، فتشعر بالعجز عن متابعة كل ما تقول، تفقد بوصلتك وتضيع في متاهات نسخ الحكايات المتشابهة، تسرح متأملا طبيعة عقل الإنسان وما فطر عليه من تناقض! فهذا العقل الفرعوني الذي ارتقت قدراته حتى استطاع أن يصنع هذا الفن المعماري الخالد النابض بالحياة عبر كل هذ القرون، هو نفسه ذلك العقل الفرعوني الذي آمن بتلك الأساطير فقدسها وخضع لمقتضياتها!! من أعلى الجبل تطل عليك القرية النوبية، تحكي ما تبقى من حضارة النوبة بعد أن أغرقتها بحيرة السد العالي، تشرق عليك القرية فخورة بحضارتها تروي ما يقوله عنها محمد منير، تتجول في السوق الشعبي، فترى الوجوه المنكسرة تحكي كساد الحال مع كساد السياحة، تطوف النساء الطرقات يحملن في أيديهن بضاعة ساذجة، وما إن يلمحن ظلك حتى يأتين يتراكضن مسرعات يتسابقن على اقتناصك، يطوقنك يعرضن عليك عقودا ملونة، طواقي مزركشة، تماثيل من الخشب الملون، يتوسلن إليك أن تشتري منهن، يحلفن أن وراءهن أطفالا ينتظرون الطعام وأن لهن أياما لم يأت أحد ليشتري منهن شيئا، تشعر بالإشفاق فتقرر أن تقتني منهن ما لا تحتاج إليه وما لا يعجبك وتدفع مقابلا لذلك أضعاف أضعاف قيمة أمثاله، تدفعه راضيا، تشعر بالسعادة لأنك تعلم أنك لا تدفع ثمنا لمشتريات أنت أصلا لا تحتاجها، وإنما تدفع ثمنا لإدخال شيء من السعادة إلى تلك القلوب البائسة.