أحمد زكي يماني مثقف ورجل دولة سعودي؛ شغل منصب وزير البترول لأكثر من ربع قرن، وكان بذلكمن أبرزالمؤثرين في مسيرةمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) التي تنظم سياسات إنتاج وأسعار الطاقة في الدول الأعضاء فيها. المولد والنشأة وُلد أحمد زكي يماني يوم 30 يونيو/حزيران 1930 في مكة المكرمةلأسرة محافظة، إذ كان والده عالما شرعيا وقاضيا في الحجاز، كما تقلد الفتوى في إندونيسيا وماليزيا. أما جده يماني فكان مفتيا في تركيا، ولقب "يماني"لأن أجداده كانوا من اليمن. تأثر بوالدته التي قال عنها في حلقة من برنامج "زيارة خاصة" بثتها قناة الجزيرة: "يصعب أنك تسأل ابنا مفتون بأمه عن والدته، كانت أولا امرأة صدوقة.. كانت معروفة أيضا بالتدينوحافظة للقرآن..، سافر والدي وكانت وحيدة لكنها ربت أولادها وأنا كنت آخر أبنائها..، ماتت رحمها الله وعمرها 103" سنوات. الدراسة والتكوين بعد أن حصل على المرحلة الثانوية في مكة المكرمة سافر أحمد زكي يماني إلى العاصمة المصرية القاهرة لينال فيها درجة الليسانس في الحقوق عام 1952. وفي 1955 حصل على منحة لدراسة القانون في الولايات المتحدة الأميركية بمعهد نيويورك للقانون المقارن. وفي عام 1956 واصل دراسته العليا بكلية الحقوق في جامعة هارفرد فحصل من هناك على درجة الماجستير، وبعدها حصل على درجة الدكتوراه من جامعة أكستر البريطانية. الوظائف والمسؤوليات في عام 1958 شغل يماني منصب المستشار القانوني لمجلس الوزراء السعودي، وفي 1960 عُين وزير دولة عضوا في مجلس الوزراء، ثم أصبح وزيرا للبترول والثروة المعدنية عام 1962 بقرار من الملك فيصل بن عبد العزيز، وظل في منصبه هذا حتى عام 1986. وفي 1988 أسس مركز دراسات الطاقة العالمي، كما أسس مركز الفرقان للتراث الإسلامي في لندنعام 1990. التجربة الوظيفية ترك يماني بصمته على صناعة النفط في السعودية، حيث أسس هيئة البترول والثروة المعدنية (بترومين). وفي عام 1964 أسس جامعة البترول والمعادن لتخريج مهندسين سعوديين. اكتمل في عهد يماني تأميم شركة "أرامكو" لتكون شركة وطنية خالصة في عام 1980. كما سعىلإنجاح سياسة الملك فيصل بتحويل النفط إلى سلاح إستراتيجي بعد نكسة 1967، مما أدى لإغضاب الحكومتين الإسرائيلية والأميركية. وفي حرب أكتوبر 1973 تولى تنفيذ مبادرة فيصل بقطع إمدادات النفط للتأثير على مسار الحرب التي كانت قد اندلعت بين مصر وإسرائيل، فبدأ في السعي لخفض إنتاج النفط 10% ثم 5% شهريا، ثم رفع السعر منثلاثة دولارات إلى 11,65 دولارا، مما أضر كثيرا باقتصاد الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي كانت تدعم إسرائيل. وصف علاقته بالملك فيصلبأنها"علاقة كانت متميزة خاصة أنالرجل منحني ثقته وأعطيته كل وقتي وإخلاصي وولائي..، عملت معه السنوات الطويلة جدا من حياتي وأنا لصيق به". في يوم 21 ديسمبر/كانون الأول 1975 أُخذ يماني وعدد من وزراء أوبك رهائن من قبل مسلحين يتزعمهم راميريز سانشيز المعروف بكارلوس. وهي الحادثة المعروفة بحادثة فيينا. ومن أبرز الخاطفين المناضل يومها في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) اللبناني أنيس النقاش والذي كان يعرف حركيا بـ"خالد". وقعت الحادثة عندما كان الوزراء يعقدون اجتماعا في فيينا، وطلب محتجزوهم الحصول على فدية مقابل الإفراج عنهم، ما عدا يماني ووزير النفط الإيراني. لاحقا طلب كارلوس طائرة لتقله مع المخطوفين إلى الجزائر ووضع متفجرات تحت مقعد يماني. وعندما وصل للجزائر طالب بطائرة أخرى تقلهم إلىبغداد وهو ما لم يتم، فقد تدخل الرئيس الجزائري هواري بومدين وأقنع الخاطفين بالإفراج عن الوزراء مقابل السماح للخاطفين بمغادرة الجزائر. وبحسب مذكرات يماني فإن كارلوس كان يخطط لقتله مع الوزير الإيراني، ويقول إن العملية كانت ممولة من رئيس عربي يعتقد أنه العقيد الليبي الراحل معمر القذافي. ومن المؤكد ضلوع منظمة التحرير الفلسطينية في واقعة الخطف،وأنها ذات بعد سياسي في المقام الأول يخدم بعض الدول العربية المصنفة من قبل الفلسطينيين على أنها مناصرة لقضيتهم. وقد أكد أنيس النقاش -في برنامج "لقاء اليوم" على قناة الجزيرة عام 2000- أن دولة عربية عضوا في منظمة أوبك دعمت عملية الخطف لكنه رفض تحديدها بالاسم. وفي عام 1986 أقيليمانيبقرار من الملك فهد بن عبد العزيز بسبب خلافات حول السياسة النفطية التي يجب أن تنتهجها السعودية وعدم موافقته على بعض الصفقات النفطية، إضافة لرفضه زيادة أسعار النفط بشكل كبير خوفاً من تأثيراتها الاقتصادية لاحقاً، ومُنع حينها من مغادرة البلاد. انتقد يمانيحرب الخليج الأولى (الحرب العراقية الإيرانية) ثم الغزو العراقي للكويت، وقال إن ذلك"من الأخطاء الفادحة التي أدت إلى حرمان العرب من أي قوة سياسية على البترول، وفتح المجال لدخول القوة الأميركية المهيمنة على منطقة الخليج العربي". الجوائز والأوسمة مُنحت لليماني-المعروف بولعه بالآثار الإسلامية-شهاداتدكتوراه فخرية من جامعات في أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وأوروبا وآسيا والشرق الأوسط، وتقلد أوسمة من دول عظمى ودول صديقة للسعودية.