إذ كنا نحارب الأفكار المتطرفة فمن باب أولى مراجعة الأنظمة التي تجيز لأي جهاز أو هيئة تعطيل المجتمع بحجج متطرفة أيضا، فالدولة عبارة عن منظومة متجانسة تقوم كل جهة منها بتكميل الجهات الأخرى من خلال قرارات وأنظمة تكاملية سنتها الدولة من غير أن تكون متضاربة الأهداف والرؤى. والدولة مجتمعة تقف ضد التطرف حماية لأفرادها ومصالحها من أن تتعطل أو تتخثر في أوردة المجتمع بالأفكار والممارسات المتطرفة مما تؤدي إلى جلطات متعددة، ومحاربة التطرف ليس محصورا على ما يطرح من أفكار وآراء فقط، إذ أن هناك أفعال أكثر تطرفا وأعم تأثيرا.. ومشاهدة الواقع الاجتماعي يجعل المرء يضع عدة تساؤلات بسبب التضارب العنيف بين ما يتم سنه كتشريع نظامي يوازيه تعطيل حكومي في الوقت نفسه، فمثلا: - هل نحن بحاجة إلى مستشفى خاص بالنساء وآخر خاص بالرجال؟ - هل نحن بحاجة إلى مطار خاص للرجال ومطار آخر خاص بالنساء؟ - وهل نحن بحاجة إلى شارع يخصص للنساء وآخر يخصص للرجال؟ هذه الأسئلة تكون ساذجة وغبية لو قليت في مكان آخر غير مجتمعنا، وكثير من الأمور البدهية نحتاج فيها لزمن طويل من اللغط والحروب الكلامية قبل أن تصبح واقعا ملموسا. ونذكر العديد من الحروب الاجتماعية التي غدت واقعنا الاجتماعي من غير أن تتحقق ظنون حاملي السلم بالعرض إذ أن الطريق متسع للجميع. وتدخل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في رفض تشغيل الفتيات في الصيدليات، يكون تدخلا متعسفا، فالهيئة جهاز داخل الدولة ووزارة العمل جهاز داخل الدولة وكلاهما يطبقان أنظمة الدولة ولا يحق لأي منهما التدخل في القرارات والإجراءات المتخذة لتحقيق الأهداف المرسومة لكل جهة فما بالك إذ كان التدخل معطلا لسياسة تكاملية تقوم بها الدولة لحلحلة مشكلات جمة تعترض مسيرة مجتمع. وتدخل الهيئة في أعمال الجهات الأخرى بالمنع أو الرفض، يجعل منها جهة فوق التشريع والقوانين التي رسمتها وارتضتها الدولة في تسيير مصالحها، وهذا ما لا يجب أن يحدث، فالسيادة لا تتعدد من المكان الواحد. والسؤال هنا هل تعلم الهيئة عدد خريجات كليات الصيدلة في المملكة؟ وقبل الإجابة هناك عشرات الأسئلة لو علمت الهيئة الإجابة عنها لربما أدركت أنها تعطل حركية المجتمع فيما لا يغضب الله ولا رسوله.. لكن ماذا تقول؟