يوم تاريخي" بهذه العبارة عبر رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو عن رضاه عن الاتفاق بين بلاده والاتحاد الأوروبي لمواجهة أزمة الهجرة. اتفاق يعد محوره الرئيسي هو موافقة أنقرة على لعب دور الشرطي على الحدود الأوروبية، إذ عليها بموجبه قبول استعادة كل المهاجرين الذين يصلون بدءًا من يوم غد الأحد من تركيا إلى الجزر اليونانية، بمن في ذلك اللاجئون السوريون. وسيعمل الاتحاد الأوروبي من جانبه على فتح الحوار حول ملفات تتعلق بمفاوضات انضمام أنقرة إلى النادي الأوروبي، والبدء تدريجيا بإلغاء تأشيرة دخول المواطنين الأتراك إلى فضاء شينغن، كذلك تخصيص المزيد من المساعدات المالية لإدارة ملف اللاجئين المتواجدين على الأراضي التركية. تساؤلات وإذا كان الاتفاق استثنائيا ومؤقتا -كما يشدد المسؤولون الأوروبيون- فإنه يثير رغم ذلك الكثير من التساؤلات، فكما يقول الخبير في الشؤون الأوروبية، جوريك كوشويكس، للجزيرة نت إن التاريخ المعاصر عرف حتى وقت قريب جدا من اندلاع الصراع في سوريا العديد من الحالات التي قامت فيها أوروبا بعمليات مذهلة عبر النقل جوا للاجئين من مناطق الصراع واستقبالهم وتأمين الحماية اللازمة لهم. غير أن الأمر هذه المرة لا يتعلق باستقبال اللاجئين، بل بالعمل على إعادتهم من حيث أتوا، وهو ما وصفه كوشويكس بالأمر الغريب، مشيرا إلى الشكوك الكبيرة بشأن فرص نجاح هذا الاتفاق، فجميع خبراء الهجرة معززين بدلائل من التاريخ يشددون على أنه لا يوجد شيء يمكن أن ينال من عزيمة المنفيين في محاولتهم للوصول إلى حيث يعتقدون أنهم سيجدون حياة أفضل. صورة تذكارية لرؤساء الدول الأوروبية المجتمعين في القمة الأوروبية(الجزيرة) انتقادات حقوقية كما يواجه الاتفاق الأوروبي-التركي جملة من الانتقادات من خبراء في شؤون الهجرة واللجوء ومنظمات حقوقية،فحسب دومينيك غيبير، رئيس الجمعية الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن الاتفاق يُمكِّن الاتحاد الأوروبي من تجاهل كل المعاهدات الدولية المتعلقة بضرورة حماية اللاجئين، فهو مستعد لتقديم كل التبريرات القانونية التي تسوِّغ له وضع حد لوصول اللاجئين والمهاجرين إلى أراضيه. وحول اعتبار تركيا بلدا آمنا يمكن إعادة المهاجرين إليه، قال مدير مكتب منظمة العفو الدولية في بلجيكا، فيليب هانسمانس، "عندما نقول إن تركيا لا تحترم حقوق الإنسان وحرية التعبير يرد علينا المسؤولون الأوروبيون بأن هذا ليس الموضوع الرئيسي ولا علاقة له بملف اللاجئين". وأشار إلى أن نحو 90% من اللاجئين القادمين من سوريا إلى الأراضي التركية لا يعيشون في مخيمات ويفتقرون إلى الخدمات الأساسية. كما أن بينهم الكثير من الأطفال. وأنقرة لا تتعامل معهم جيدا، وهي ليست بلدا آمنا للجوء". غياب القيم الأوروبية ويعتبر مجموعة من السياسيين من مختلف الاتجاهات أن الاتفاق الأوروبي-التركي ينتهك القيم الأوروبية التي ترتكز على مجموعة من المبادئ الكونية. ويرى غي فرهوفستات، رئيس الكتلة الليبرالية في البرلمان الأوروبي، في حديث للجزيرة نت أن الاتفاق الحالي يتعارض مع التزامات أوروبا بموجب اتفاقيات جنيف. وقال "يجب علينا تجنب الترحيلالجماعي، كما أنه لا يمكن أن تُترك للأتراك حرية اتخاذ قرار بشأن من يمكنه الدخول إلى الأراضي الأوروبية لاجئا، وإلا فإن الأفغان والأكراد، على سبيل المثال، الهاربين من الحرب والمجازر، لن يجدوا حماية". ويشدد المسؤولون السياسيون والدبلوماسيون الذين عملوا من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق على نواحيه الإيجابية بنوع من الحذر يمتزج بالخجل كما يلاحظ جوريك كوشويكس، الذي أضاف بلهجة تنم عن سخرية "أي شرعية نمتلكها الآن لإعطاء الدروس في الوقت الذي انتهكنا قيمنا بدل الدفاع عنها".