توفي المترجم والباحث والمفكر والناقد السوري جورج طرابيشي الأربعاء الماضي في باريس عن 77 عاما، تاركا خلفه إرثا كبيرا من المؤلفات والترجمات التي أثرى بها المكتبة العربية على مدى نصف قرن. ولد طرابيشي في مدينة حلب عام 1939، وحصل على الليسانس في اللغة العربية، ثم درجة الماجستير في التربية بجامعة دمشق. وعمل مديرا لإذاعة دمشق بين عامي 1963و1964، ورئيسا لتحرير مجلة دراسات عربية بين عامي 1972و1984، كما عمل محررا رئيسا لمجلة الوحدة أثناء إقامته في لبنان بين عامي 1984و1989. غادر لبنان إلى فرنسا التي أقام بها متفرغا للكتابة والتأليف، وترجم العديد من أعمال كبار المفكرين والفلاسفة الغربيين، مثل: هيجل وفرويد وجان بول سارتر وسيمون دي بوفوار وغيرهم . قدم الطرابيشي عددا من الدراسات والأبحاث في الفكر والفلسفة والنقد الأدبي، منها المسألة القومية ورمزية المرأة في الرواية العربية ومذبحة التراث في الثقافة العربية المعاصرة ومصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام ومعجم الفلاسفة ومن النهضة إلى الردة وغيرها. ومن أبرز أعماله الفكرية سلسلة نقد نقد العقل العربي، وهو عمل موسوعي استغرق فيه نحو عقدين، وهو نقد لمشروع الكاتب والمفكر المغربي محمد عابد الجابري في نقد العقل العربي، إذ احتوى على قراءة ومراجعة للتراث اليوناني والتراث الأوروبي الفلسفي والتراث العربي الإسلامي ليس الفلسفي فحسب، بل أيضاً الكلامي والفقهي والصوفي واللغوي. وقد صدر منه خمسة مجلدات في نقد نقد العقل العربي كان آخرها الجزء الخامس عن دار الساقي، بيروت 2010. يذكر أنه أشار في مقاله الأخير الموسوم بـ ست محطات في حياتي المنشور في الثالث والعشرين من فبراير الماضي، إلى التحولات في تدينه، والتوجه البعثي، ودخول السجن، وصولا إلى اهتمامه بدراسات سيجموند فرويد، التي أثرت فيه كثيرا، وعلاقته بالدكتور محمد عابد الجابري.