ما كشفه المتحدث باسم حملة شهادات الدكتوراه الراغبين في الانتقال للجامعات السعودية الدكتور خالد بن جزاء الحربي، عن أن 160 دكتوراً في تخصصات متنوعة ودقيقة لم تقبلهم الجامعات، التي تقوم في نفس الوقت، بالبحث عبر الملحقيات الثقافية عن متخصصين وافدين لتوظيفهم، وأن الجامعات السعودية تتفنن في صناعة الأعذار لرفضهم، كاشفاً عن أن أحد أعضاء مجلس الشورى طالبهم بالهجرة، والبحث عن فرص مناسبة خارج الوطن. مؤشر خطير لا ينبغي السكوت عليه أو تجاهله.. خاصة وأن وطننا في ظرف اقتصادي متأثر بلا شك بالأوضاع العالمية، ويجب التركيز على الأيدي والعقول الوطنية، كما تدعو جميع استراتيجياتنا التنموية ومؤسساتنا الرسمية. لا يمكن أن أفهم أبداً، كيف أن جامعة سعودية، ترفض أبناءنا من حملة الدكتوراه، وبعضهم له كفاءته التي لا تقل أبداً عن نظيره "الأجنبي"، وفي نفس الوقت تطلب وظائف من دول عربية، وتتعاقد معهم رغم أن بعضهم لم يعمل في جامعة في بلاده، أو يعمل معلماً، وبعضهم متقاعدون أو عاطلون، كما قال د.الحربي؟! إذا كان هذا صحيحاً، وأعتقد أن فيه كثيرا من الوجاهة، ألا يبدو هذا نوعاً من التفنن في صناعة الأعذار غير المقبولة ويتحمل مسؤوليته من يتعمد تجاهل الكفاءات السعودية، ويصيبها بالإحباط، بعد رحلة كفاح علمية مضنية ليست قصيرة، وربما استنزفت الكثير من أموال الدولة ذاتها، التي ابتعثتهم مثلاً، أو شجعتهم على الدراسة على حسابهم الخاص؟ ألا يعني هذا هدراً في الناتج الوطني مرتين.. مرة في رحلة العلم، وأخرى في فاقد التكلفة للمشوار التحصيلي والاغتراب وغيرها؟ ثمَّ.. هل يكون الحلّ كما نُسب لعضو مجلس الشوري هو في الهجرة للخارج، وبالتالي تضييع فرصة ذهبية على الوطن للاستفادة من أبنائه؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ لا يمكن أبداً لأي مسؤول عاقل يشارك في صناعة القرار بالجامعات السعودية بعد كل ما قرأت أو سمعت أن يسمح بمثل هذا العبث والتفريط غير المعقول، ولا يمكن إطلاقاً أن نتشدق دوماً بالسعودة، وباستقطاب الكفاءات العلمية الوطنية، بينما يضع بعضنا العراقيل، ويختلق المبررات لرفض وجودهم.. لأنه لا ذريعة أبداً تبرر استبعاد هؤلاء، وإلا فلماذا كان الجد والاجتهاد من الأساس. أخيراً.. عارٌ على أي شخص أن يتسبب في تفريغ الوطن من أبنائه وكفاءاته.. وعارٌ علينا جميعاً ألا يجد سعوديّ وظيفة تناسبه في وطنه، والعار الأكثر فيمن يقبل مثل هذا الكلام أو التصرفات غير المسؤولة.! hhaifamohammad231@gmail.com