×
محافظة المنطقة الشرقية

10 ملايين كتاب ورقي تحت الطلب.. وتطبيقات حديثة لتقديم الكتاب الإلكتروني

صورة الخبر

أعلن أكراد سورية وحلفاؤهم من مقر سابق لحزب «البعث» الحاكم في محافظة الحسكة، أمس، الفيديرالية في منطقة «روج آفا» (غرب كرستان) باعتبارها النظام السياسي الجديد لتنظيم العلاقة بين «الشعوب السورية» بدل «النظام المركزي» السابق، الأمر الذي قوبل بانتقادات من الحكومة السورية والمعارضة وتركيا وبتقارب وجهات النظر بين الأطراف الثلاثة المتخاصمة على رغم خلافاتها الكثيرة. وكان حوالى ٢٠٠ مندوب وممثل لـ ٣١ حزباً كردياً وآشورياً وسريانياً اجتمعوا في مدينة الرميلان التي تضم أحد أهم آبار النفط شرق سورية، والخاضعة لسيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردي وتحالف عسكري يضم مقاتلين عرباً، وكان الجيش الأميركي استعمل مطاراً زراعياً قربها في عملياته الداعمة لـ «قوات سورية الديموقراطية» في قتالها تنظيم «داعش» وطرده من مناطق واسعة في شمال سورية وشمالها الشرقي. وتحت شعار «سورية الاتحادية الديموقراطية ضمان للعيش المشترك وأخوة الشعوب»، عُقد في صالة نقابة العمال في الرميلان والتي كان يستعملها حزب «البعث» الحاكم في سورية، المؤتمر الأول لـ «نظام الإدارة في روج آفا» وهو الاسم الذي يطلقه الأكراد على مناطق ذات غالبية كردية قرب حدود تركيا، وكان «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» بزعامة صالح مسلم أعلن فيها قبل أكثر من سنة الإدارات الذاتية وضمّت إقليمي الجزيرة وعين العرب (كوباني) شرق نهر الفرات قرب العراق وتركيا وعفرين غرب نهر الفرات قرب حدود تركيا. وقال مشاركون في المؤتمر إنه ضم «ممثلين من جميع المكونات من كُرد وعرب وسريان آشور كلدان ويزيديين وشيشان وتركمان وقيادات عسكرية من الفصائل الثورية الموجودة في روج آفا وشمال سورية»، إضافة إلى ممثلي «مقاطعات روج آفا الثلاث ومدن وبلدات مناطق الشهباء وشيوخ عشائر المنطقة». وبعد مناقشات لوثائق في المؤتمر، أكد سيهانوك ديبو، مستشار الرئاسة المشتركة في «حزب الاتحاد الديموقراطي» الحزب الكردي الأهم في سورية، أنه «تم إقرار النظام الفيديرالي في روج آفا»، مشيراً إلى أنه «تم الاتفاق على تشكيل مجلس تأسيسي للنظام ونظام رئاسي مشترك». ووفق مسودتي وثيقتي «المجلس التأسيسي» اللتين حصلت عليهما «الحياة» وتقعان في سبع صفحات، فإن معديهما يتحدثون عن خلفيات تاريخية مروراً بـ «النضال ضد النظام» قبل سنوات وانتفاضة آذار (مارس) قبل عشر سنوات والثورة السورية في ٢٠١١ حيث بدأ الأكراد خلالها بالسيطرة على مناطق سورية في شكل تدريجي وملء فراغ خروج القوات النظامية وصولاً إلى المعارك التي خاضتها «وحدات حماية الشعب» ضد «داعش» بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركا خصوصاً «ملحمة تحرير كوباني» في بداية العام الماضي. وبعدما لفتت الوثيقة إلى «الدمار الذي سببته الدولة القومية»، أضافت أن «الحل الواقعي هو نموذج الأمة الديموقراطية والفيديرالية الديموقراطية». وأشارت إلى أن «النظام الاتحادي لروج آفا يهدف إلى تطوير الحقوق والحريات الأساسية (...) وتحقيق سورية ديموقراطية اتحادية عوض أسلوب الإدارة المركزية مع أخذ كل الخصائص الجغرافية والتاريخية والديموغرافية والاقتصادية والثقافية وطلبات الشعب في الاعتبار لدى تشكيل فيديراليات ديموقراطية». وتابعت أن النظام يهدف إلى «إقامة مناطق الإدارة الذاتية الديموقراطية التي تدير وتنظّم نفسها وفق مبادئ الإدارة الذاتية» وأن «النظام الاجتماعي الاتحادي ينظم على أساس المجالس للمكونات ويحقق مشروعيته من خلال الانتخابات». وإذ تؤكد أن «الدفاع المشروع هو في خدمة الوطن والشعب (...) ويمكن كل الشعوب التي تعيش في سورية تكوين علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وشراكات ديموقراطية مع من تراه مناسباً»، فإن التقديرات تفيد بأن «وحدات الحماية» تضم ٥٠ ألف مقاتل وهناك خطة لرفع العدد إلى مئة ألف يشكّلون «درع حماية الشمال» السوري على أمل بأن تكون هذه الدرع جزءاً من «جيش سورية الجديد». وأضافت الوثيقة: «لدى تطبيق الفيديرالية في سورية وفق التنظيم الإداري السياسي والاجتماعي الجديد، يجب النظر في قضايا الأقاليم الراهنة والوضع الاجتماعي في إطار الوحدة السورية». وقال الدار خليل أحد القادة الأكراد إنه «يبارك مشروع النظام الفيديرالي روج آفا» التي تشمل أقاليم كوباني والجزيرة وعفرين ومناطق سيطرت عليها «قوات سورية الديموقراطية» مثل بلدة الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي. وقال مسؤول كردي رفيع المستوى إن الفيديرالية «ليست حكماً ذاتياً للأكراد فقط، إنما يشارك فيها كل المكونات من العرب والسريان والكرد ... وهذا شكل ديموقراطي للحفاظ على وحدة سورية ونحن ضد التقسيم». وشجع الأكراد تشكيل مجلس مدني في تل أبيض قرب حدود تركيا وفي الشدادي قرب حدود العراق، على أمل بأن يكونا جزءاً من الفيديرالية على أساس المكوّنات وليس الجغرافيا، الأمر الذي لا يوافق عليه مسؤولون في دمشق ومعارضون. وبدا في وثائق الحكومة السورية و «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة أن هناك اتفاقاً على نقطة واحدة وهي رفض الفيديرالية والتقسيم مع قبولهما «الإدارات المحلية ومبدأ اللامركزية» في مقابل خلافهما على بقية الأمور السياسية. ويدفع الطرفان باتجاه إقرار مبادئ فوق دستورية تتضمن «اللامركزية»، الأمر الذي كان موجوداً في الوثيقة السياسية التي قدمتها الهيئة التفاوضية إلى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا. وكان الموقف من الفيديرالية بداية ظهور الخلاف بين «المجلس الوطني الكردي» و «الائتلاف الوطني السوري» المتحالفين ضمن «الهيئة التفاوضية». وفور إعلان الفيديرالية، أمس، سارعت الحكومة السورية إلى إعلان رفضها لها مثلما فعل «الائتلاف الوطني السوري» القريب من أنقرة. ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر في وزارة الخارجية السورية إن دمشق «تحذّر أي طرف تسوّل له نفسه النيل من وحدة أرض الجمهورية العربية السورية وشعبها تحت أي عنوان كان بمن في ذلك المجتمعون في مدينة الرميلان» في محافظة الحسكة. وزاد المصدر: «طرح موضوع الاتحاد أو الفيديرالية سيشكّل مساساً بوحدة الأراضي السورية (...) ولا قيمة قانونية له». وشدد على انه لن يكون للإعلان «أي أثر قانوني أو سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي طالما أنه لا يعبّر عن إرادة كامل الشعب السوري بكل اتجاهاته السياسية وشرائحه المتمسكين جميعاً بوحدة بلادهم أرضاً وشعباً». وأكد «الائتلاف» في بيان أن «لا مكان لأي مشاريع استباقية تصادر إرادة الشعب السوري»، وحذّر «من أي محاولة لتشكيل كيانات أو مناطق أو إدارات تصادر إرادة الشعب السوري». وشدد على أن «تحديد شكل الدولة السورية، سواءً كانت مركزية أو فيديرالية، ليس من اختصاص فصيل بمفرده أو جزء من الشعب، أو حزب أو فئة أو تيار»، بل سيتم ذلك «بعد وصول المفاوضات إلى مرحلة عقد المؤتمر التأسيسي السوري الذي سيتولى وضع دستور جديد للبلاد». وأكد «الائتلاف» انه «لن يقبل أي مشروع يقع خارج هذا السياق، ويصر على وحدة سورية أرضاً وشعباً»، في وقت قال مسؤول تركي كبير لـ «رويترز» إن تركيا تعارض أي خطوات منفردة لإقامة كيانات جديدة في سورية على أساس عرقي. وقال: «انسحاب روسيا الجزئي قد يلطّف الأجواء هناك. ينبغي أن تظل سورية واحدة من دون إضعافها وينبغي أن يقرر الشعب السوري مستقبلها بالاتفاق وبموجب دستور. أي مبادرة منفردة ستضر بوحدة سورية». وكان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو سعى خلال زيارته الى طهران لتنسيق المواقف ضد مساعي الأكراد إلى اعلان «فيديرالية» خصوصاً بعد دعم روسيا مثل هذا الخيار وفتح مكتب للإدارات الكردية في موسكو. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر للصحافيين الأربعاء إن واشنطن لن تعترف بمنطقة موحدة وتتمتع بحكم ذاتي تعلنها المجموعات الكردية في سورية. وأضاف: «كنا واضحين جداً لجهة أننا لن نعترف بمناطق ذات حكم ذاتي في سورية». وتابع: «هذا أمر ينبغي أن تتم مناقشته والموافقة عليه من جميع الأطراف المعنية في جنيف ثم من الشعب السوري نفسه»، في إشارة الى مفاوضات السلام الجارية في سويسرا بين ممثلين عن النظام والمعارضة السوريتين برعاية الأمم المتحدة.