تلقى مشروع إصلاح الدستور الفرنسي الذي اقترحه الرئيس فرنسوا هولاند بعد اعتداءات باريس، ضربة اليوم (الخميس) مع تصويت مجلس الشيوخ على توسيع إسقاط الجنسية. وتبنى مجلس الشيوخ الذي تهيمن عليه المعارضة اليمينية هذا الإجراء المثير للجدل، لكن بشروط مختلفة عن الجمعية العامة حيث الغالبية يسارية مثل الحكومة. ولإقرار إصلاح دستوري، على المجلسين المصادقة على النص بالصيغة نفسها. ويتحتم نظرياً إعادة عرض النص على النواب ليعتمدوا الصيغة نفسها التي تبناها أعضاء مجلس الشيوخ، وهو أمر مستبعد. وبعد ثلاثة أيام على اعتداءات باريس التي أوقعت 130 قتيلاً في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، دعا هولاند إلى تعديل الدستور لإدراج فيه حال الطوارئ وتوسيع إسقاط الجنسية ليشمل كل الأفراد الذين يحملون جنسية مزدوجة ويثبت ارتباطهم بالإرهاب، حتى الذين ولدوا في فرنسا. واثار هذا الإجراء الأخير نقاشات محمومة في صفوف الطبقة السياسية، وأدى إلى استقالة وزيرة العدل كريستيان توبيرا المعارضة لإجراء اعتبرته «غير فعال» وتمييزي للفرنسيين من أصول أجنبية. وتبنى النواب في النهاية هذا الإجراء بعد سحب الإشارة إلى حاملي الجنسية المزدوجة لتهدئة انتقادات نواب اليسار. لكن أعضاء مجلس الشيوخ أعادوها إلى النص لأنه من غير المقبول أن يصبح أفراد من دون جنسية. لكنهم تبنوا المادة حول حال الطوارئ بالصيغة نفسها مثل أعضاء مجلس الشيوخ. وقال مسؤول اشتراكي كبير إن الإصلاح الدستوري قد يستمر مع هذا الإجراء فقط. وقال رئيس الوزراء مانويل فالس إن «هذا القرار لا يجب أولاً أن يتخذ اليوم»، وهو «يعود إلى رئيس الجمهورية». وأكد: «لكننا ما زلنا بعيدين عن هذه الفرضية». من جهة ثانية، نزل آلاف الشبان من جديد إلى الشارع اليوم في جميع أنحاء فرنسا، احتجاجاً على إصلاح لقانون العمل اعتبروه مسرفاً في الليبرالية، في تظاهرات ترافقت مع إغلاق جامعات ومدارس وتخللتها حوادث في باريس وعدد من المدن الأخرى. وهتف المتظاهرون في باريس: «لن نكون ضحايا من أجل أرباب العمل» و«إلى الشارع الآن حتى لا نكون في الشارع بعد ثلاثين عاماً»، وذلك بعد ثمانية أيام على تعبئة أولى شارك فيها أكثر من 200 ألف شخص. وفي رين، غرب فرنسا، التي تضم إحدى الجامعات الأكثر انخراطا في السياسة في فرنسا، رفع المتظاهرون شعارات معادية لحزب الرئيس فرنسوا هولاند مرددين «الحزب الاشتراكي، حزب العبودية». وكان هذا النهار بمثابة اختبار جديد للحكومة الاشتراكية التي أدخلت تعديلات كبرى على مشروع قانون العمل لتهدئة الاحتجاجات المتزايدة في صفوف ناخبيها قبل عام من الانتخابات الرئاسية. وعلى رغم أن بعض النقابات كانت رحبت بالتنازلات التي عرضها رئيس الوزراء مانويل فالس الإثنين الماضي، إلا أن النقابة الطلابية الاولى وهيئات من المدارس الثانوية أصرت على مواصلة التعبئة ولا تزال تطالب بسحب المشروع بالكامل. وجرت تظاهرات في جميع أنحاء فرنسا، وقام طلاب بإغلاق مدارسهم قبل التظاهر. كما أغلقت بعض الجامعات في باريس وليون وبوردو، وأصيبت طالبة بجروح طفيفة لدى تدخل قوات الامن في جامعة «ستراسبورغ». وعلى هامش التظاهرات، هاجمت مجموعات صغيرة من الشبان قوى الأمن، فيما قام بعض مثيري الشغب بأعمال تخريب. وفي باريس، أُوقف ثلاثة متظاهرين وأصيب شرطيان بجروح طفيفة في أحداث مماثلة. وفي مرسيليا، جنوب فرنسا، وقعت مشاجرات عابرة بين مئة شاب بعضهم ملثمون، وشرطيين أمام مركز للشرطة. ويهدف مشروع القانون بحسب الحكومة الى تشجيع التوظيف لمكافحة البطالة المرتفعة التي تزيد نسبتها عن 10 في المئة. غير أن منتقديه يعتبرون أنه يخدم مصالح أرباب العمل وقد يضع الموظفين في أوضاع أكثر هشاشة. ويعرض مشروع القانون خلال مجلس الوزراء في 24 آذار (مارس).