أن أقول بأن الرئيس الأمريكي «باراك حسين أوباما» هو شخص متقلب في آرائه وتوجهاته.. وخاصة بعد ما نشرته على لسانه مجلة «ذا أتلاتنك» مؤخراً تجاه بلادي.. فهذا ليس بالأمر الجديد، ولا الغريب؛ لكن الغريب هو ما يعبر عنه تساؤلنا المنطقي جداً: لماذا يضطر رئيس «أقوى دولة في العالم» - كما يحلو لأوباما أن يردد دوماً (لدرجة تلفت الانتباه) واصفاً بلاده بهذا الوصف- لماذا يضطر لهذا الأسلوب المخادع؟! لماذا لم يمتلك الجرأة والشجاعة لقول ما قاله مؤخراً، ووجهاً لوجه أمام قادتنا طيلة فترتي رئاسته التي استمرت ثماني سنوات؟ وهل هذا الأسلوب صفة فردية تعكس شخصية «ضعيفة» و»مهزوزة»؟ وكيف لنا أن نتعاطى مع هذه التصريحات؟ فعلى طول فترتيه الرئاسيتين، كان دائماً ما يعرب «حسين أوباما» عن «تقديره للدور الرائد للمملكة العربية السعودية الحليف الإستراتيجي التاريخي والقديم للولايات المتحدة الأمريكية في الحفاظ على السلام والأمن الإقليمي ومساندتها الإنسانية للمشردين من النزاعات في سوريا والعراق، ومساهمة المملكة في التحالف الدولي للتصدي لتنظيم داعش»، مثنياً هو ذاته على ما تبذله في «تقويض الأفكار المتطرفة بما فيها فكر داعش وإزالة الشرعية عنه»، وجهودها الناجحة والملموسة التي تبذلها في مكافحة الإرهاب في العالم، واصفاً علاقة بلاده بالمملكة بعلاقة «الصداقة الاستثنائية» ومتعهداً بـ»الاستمرار في بنائها»، وداعياً إلى إنشاء «مجلس التعاون الأمريكي الخليجي» مؤكداً استعداد بلاده لـ»استخدام كل عناصر القوة» لحماية أمن دول الخليج العربية من التهديدات، وأن لدول الخليج الحق في القلق من إيران والتي يصفها هو نفسه بأنها «الراعية للإرهاب» في المنطقة والعالم! هذا الكلام يردده الرئيس الأمريكي طيلة فترة السبع سنوات الماضية من الفترة التي اعتلى فيها كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.. ثم ها هو وقبيل انتهاء فترتي رئاسته يصرح للإعلام بتصريحات مخالفة تماماً لما ظل يردده في العلن، فهل تغيرت الحقائق؟ أم هل اكتشف «أوباما» أمراً جديداً؟ أم هل تغيرت سياسة المملكة؟! الواقع يقول بأنه لا هذا، ولا ذاك، وأن أوباما بآرائه وكأنه يعلن أن السياسة الأمريكية فقدت مصداقيتها، ليس فقط في العالمين العربي والإسلامي.. بل أيضاً في العالم أجمع.. وهو ما عكسته التصريحات الغاضبة التي خرجت من لندن و باريس، وبرلين، وغيرهم من العواصم المهمة تجاه السياسات الأمريكية خلال فترة حكم الرئيس الديمقراطي «المهزوز» أوباما. مقالة صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل - الرئيس الأسبق والأقدم للرئاسة العامة للاستخبارات، وسفيرنا السابق في واشنطن- الأخيرة؛ ردت وبكل شمولية ووضوح على ما ذكره «أوباما» بشأننا.. وهي مقالة وافية وكافية، تناولتها الصحافة الأمريكية بإيجابية عالية، وتناقتلها وسائل الإعلام الدولية على نطاق واسع، وبالتالي لا قول لي ولا لغيري بعد ما ذكره سموه الكريم.. إلا أني في مقالتي أتناول هذا الموضوع من زاوية أخرى.. ألا وهي «كيفية التعاطي مع هذه التصريحات الأخيرة».. وهنا أشدد على ثلاث نقاط أساسية. النقطة الأولى: أن تصريحات أوباما الأخيرة مقصودة، وليست اعتباطية، وتستهدف إيجاد رد فعل سلبي من المملكة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، وهنا ينبغي علينا كسعوديين أن نتعامل بايجابية، ونعطي أوباما عكس ما يريده، وما يتوقعه.. وهو مزيد من التقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية - حليفتنا التاريخية والإستراتيجية- ومع شعب الولايات المتحدة الأمريكية، الصديق التاريخي، ومع الرئيس الأمريكي القادم، خاصة وأن كلاً من وكالة الاستخبارات الأمريكية، والبنتاغون، ووزارة الخزانة الأمريكية، وغيرهم من مراكز صنع القرار في أمريكا؛ يعلمون جيداً من الصديق ومن العدو. النقطة الثانية: أن ما ذكره «أوباما» ورغم أنه «الرئيس الأمريكي».. إلا أنه في الواقع لا يعكس وجهة نظر جميع مراكز صنع القرار الأمريكي. النقطة الأخيرة: وهي ما تطرق لها سمو الأمير الخبير تركي الفيصل في مقالته؛ من أن ما ذكره «أوباما» يعكس فشله وفشل إدارته الذريع فيما أرادوا تنفيذه من مخططات تستهدف الأمة العربية والإسلامية، وأن حاجز الصد الذي أفشل تلك المخططات الفوضوية الشريرة هي وبكل فخر؛ بلادنا المملكة العربية السعودية، وأشقاؤها المخلصون من دول مجلس التعاون ومصر والأردن والسودان والمغرب، وجميع دول التحالف الإسلامي الذين يصلون إلى 30 دولة وتزيد، وبالتالي فإن ما ذكره يأتي ضمن سياق تنفيسه عن فشله الذريع كأسوأ رئيس أمريكي مر على البيت الأبيض.. إلى اللقاء.