لا تزال العادات والأعراف التي ما زال يشتهر بها المجتمع المديني في موسم رمضان تفوح بعبق التاريخ، وتمتزج ببساطة الماضي في روحها وبكرم الحاضر في عطائها، فمن يزور المدينة المنورة يلحظ السباق المحموم من الأهالي لإطعام الصائمين وتقديم وجبات الإفطار لهم في مداخل المدينة وطرقاتها، إضافة إلى المساجد والمنازل. وأوضـــــح مدير إدارة الساحات في المسجــــد النبوي عبدالعزيز الردادي لـ «الحياة» أن كثيراً من العوائل والأهالي يتهـــــافتون على المسجد النبوي داخله وخارجه من أجل الظــــفر بموقع منـــــاسب لتقديم سفرة رمضانية لتفطير الصائمين، لافتاً إلى أن الإقبال على الساحات يبدأ مع دخول صلاة العصر، استعداداً لإعداد السفر وملئها بالمشروبات والمأكولات. من جهته، بين المسن حسن الأحمدي أن جميع سكان الحي كانوا يتجمـــــعون حول السفرة لتناول الطعـــــــام كعائلة عائلة، وطعامهم موزع بينهم، إذ الإفطار بالتناوب بين المنازل في الحي وهو ما يسمى بـ «الشــــــبة»، بينما تتجمع نساء الحي في منزل من تكون عليها إعداد الإفطار من صلاة الظهر، موضحاً أنه كان لرمضان حالة فريدة في المدينة المنورة، فالأقارب والأصدقاء في المدن الأخرى كانوا يأتون ليقضوا رمضان في المدينة المنورة، إذ كانت أبواب البيوت مفتوحة على مصراعيها لاستقبال الزوار وإطعام الأهل والجيران. بدوره، أفاد المسن معتوق عبدالقادر بأن الطقوس والعادات الرمضانية المعتادة تبدأ مع إعلان رؤية هلال رمضان من خلال المدافع المتناثرة على الجبال في المدينة المنورة، مضيفاً «هناك عادات ما زالت تتوارثها الأجيال في المجتمع المديني، إذ إنه وبعد الإعلان عن دخول الشهر تســــــمع الأناشـــيد والأغاني الصبيانية التي يرددها أطفال المدينة في رحلة الإعلان عن قدوم الشهر، بينما تدهشك المسيرة التي تنفذها مجموعات من الأطفال مرددين العبارات والأناشيد المشهورة لدى أهالي المدينة آنذاك». وقال المسن حامد الحربي: أجواء رمضان في السابق كانت مليئة بالروحانية والأجواء الأسرية، إذ كانت البـــيوت مفتوحة للزائرين لــــتناول الإفطار في المنازل، كما كانت التجمعات بين أهالي الحي للإفطار على سفرة واحدة بالتناوب وكـــــنا نسميها «الشــــبة»، مبيناً أنه كان للمسحـــــراتي دور كبير في رمضان، من خلال جولاته الميدانية على الشوارع، إذ إن عباراته ما زال يتردد صداها في أذني وهو يردد «وحد الدائم يا نايم».