لـ حدود الهوية سؤال، هو سؤال عن مكانة الهوية في ظل عصر مفتوح، تتمازج فيه الثقافات، وتتلاقح.. يضعف بعضها، وتتلاشى أخرى. فأين نحن في ظل هذا الواقع المفتوح؟ ذلك ما يحاول معرض حدود الهوية أن يجيب عنه، ففي هذا المعرض، الذي افتتح تحت رعاية الفنان الشيخ راشد آل خليفة، بـ مساحة الرواق للفنون، مساء السبت (5 مارس)، ضمن مهرجان ربيع الثقافة، يقدم عدد من الفنانين من مختلف البلدان العربية، أعمالهم التي تعرض رؤيتها بأشكال ومواد مختلفة. سمر.. الموناليزا بثوب النشل! في عملها المعنون بـ لوحات عالمية، عمدت الفنانة البحرينية (سمر م.) إلى إلباس الموناليزا ثوب النشل البحريني، وذلك في محاولة منها لملء الفراغ الذي خلفه عدم الالفتات للفن البحريني لوقت طويل.. فالعمل يجيب على سؤال كيف ستبدو الموناليزا البحرينية لو تقرر أن رسمت على يد فنان بحريني في القرون السالفة؟ ان هذا الخيال الذي تذهب باتجاهه الفنانة سمر، يوضح الصورة بتفاصيلها، فيخلق باتقان، صورة للموناليزا بثوب النشل البحريني، ومن خلفها تبدو واحة من النخيل! السامري.. أأحرار بعد؟ الفنانة السعودية نوف السامري، تتساءل في عملها الذي يحمل عنوان هل نحن أحرار بعد؟ عن ما إذا كنا أحراراً بالفعل، أم أن سلوكنا الخاضع لتناغمات كثيرة يسمى حرية؟ ففي عملها المتنوع الألوان، والمتداخل بشخوص مجهولة الملامح، كموجٍ بشري، نجد التناقضات والتشابهات، تلك التي لا تخرج عن التصرف وفق الأغلبية العامة، التي تحرم المجتمع من الألوان المتعددة والرؤى المختلفة. سارة.. النساء يتشابكن الأيدي كأنهن بلورات ثلج، يتشابكن الأيدي بحركات أشبه ما تكون بالهندسية.. هن نساء الفنانة البحرينية سارة القائد، التي عنونت عملها بـ ليلة الخميس، إذ تستوحي العمل من تظاهرة لنساء كن يتظاهرن مطالبات بالتغيير، وكن يتشابكن الأيدي مشكِّلات سلاسل بشرية متلاحمة، هذا التشابك حفر في ذاكرة سارة، لتخلق منه تشابكا على مختلف الأصعدة، تشابكا بالرؤوس، بالشعور، بالأقدام، بالأجساد... حتى تكاد تعتقد بأنك تنظر لمكونات خلية حية، تحت المجهر! حسين.. تقليد إلزامي / وعز.. جسد يتمزق! في عمله المعنون بـ صورة يحاول الفنان السعودي حسين إسماعيل أن يصف لنا وصفاً بصرياً لهويتنا مع التقاليد الإلزامية، فيما يذهب الفنان أحمد عز، لكشف مشاعر الغضب من تفشي فايروس الإيبولا القاتل، وكيف أنه يمزق جسد العالم، ويقسمه إلى نصفين، بشر يعاملون كالنفايات، وآخرين ينظفون هذه النفايات ببدل واقية، ومحمية! سيما وضريح الألوان / عيسى وانعكاسات الهمجية! الفنانة السعودية سيما عبدالله تشارك بعمل يحمل عنوان ضريح الألوان، ويتوزع العمل على ست قطع، تناقش فيها الصراع بين التناقضات والعلم والدين، إذ يمثل العمل التركيبي قصة الإنسانية، وما ارتكز عليه الفكر لزمن طويل من كون العالم يتكون من أربعة عناصر هي الماء والتراب والنار والهواء، حيث تستكشف من خلاله الصراع المستمر في مجتمع يسعى لتحقيق التوازن. فيما يذهب الفنان البريطاني / البحريني، عيسى سوان، إلى طرح عمل تركيبي بعنوان انعكاسات الهمجية يتساءل من خلاله عن طبيعة الفهم الخاطئ للثقافة العربية والإسلامية. الضامن.. حرب وحب / العبيدة.. حول الشماغ! بعنوان حرب وحب يتقصى الفنان السعودي جاسم الضامن أثر إزالة حرف الراء، وأثر هذه الإزالة، التي تبين العداء بين الكلمتين، إذ يتصور عالم تتمحور فيه هويتنا حول الحب، فيما يطرح الفنان مشعل العبيدة، المولود في أمريكا، الشماغ كتعبير ثقافي، يمثل هوية الشرق الأوسط، إذ يطرحه بصور مختلفة، وفي مواضع مختلفة، متسائلا هل تشعر بما أشعر بتعمرك هذا الشماغ؟ سكنة.. الجنين موضوعاً / شرابي.. الخوف من المجهول في عملها التركيبي، المعنون بـ الشاهد تتناول الفنانة السعودية سكنة حسن، موضوع الجنين البشري، وما يتعرض له من التهميش والعنف في بعض الأحيان، كعمليات الإجهاض، وغير ذلك من تهميش لحقوقه، وتصور من خلال عملها خمس أجنة، تعبيرا عن الخمسة أشهر الأخيرة التي يبعث الجنين حيا (مرحلة بث الروح) في هذا الكائن، تقول سكنة أغلب هذه المخلوقات تتعرض للعنف بمجرد أن يتضح جنس الجنين لدى الأب باستنكاره لنوع جنسه بالرغم من أنه هو المسؤول عن نوع جنس الجنين، وتضيف اقسى من ذلك هم اجنة ضحايا الحروب والخطيئة والتدخين والضرب والتعنيف والطلاق والكثير من ما يتعرض له من العالم الخارجي الذي لم يدركه بعد. أما الفنانة اليونانية / الفلسطينية جنين شرابي، فتعنون عملها بـ الجيران، حيث توصِّف من خلاله كم المأساة التي حملتها الجدران الفاصلة على مر الأزمنة، من جدار برلين مروراً بالجدار الإسرائيلي الفاصل، وصولاً إلى جدران بيوتنا، ومدارسنا، وأراضينا، لتقول بأنه كلما تقوت هذه الحوائط، ضعفت الروابط الإنسانية. المصدر: سيد أحمد رضا - تصوير: حميد جعفر