تقدم لخطبتها وعمرها 17 عاماً.. سحرها بطيبته الواضحة وأخلاقه الرفيعة وثقافته العالية، ووافقت على الزواج منه على الرغم من أنه يكبرها في العمر بحوالي 15 سنة. بعد الزفاف بأشهر قليلة ظهر على حقيقته، فأتفه الأسباب تجعله يغضب وخلال فترات غضبه كان لا يتحكم في أقواله ولا أفعاله وبعد7 سنوات فقط من الزواج كان قد طلقها ثلاث مرات وعادت إلى منزل والدها وفي يدها طفلان. تزوجت من جديد لكن طفليها لم يتأقلما مع الزوج الجديد فحصلت على الطلاق وقررت أن تعيش لطفليها وعدم الزواج مرة أخرى، وبعد عامين طلب زوجها القديم أن تعود لعصمته فرفضت لكن أمام مصلحة الصغيرين وإلحاح أسرتها وافقت وأنجبت منه طفلين آخرين. خمسة عشر عاماً مرت عليها كالدهر لم تنقطع خلالها المشاجرات بينهما حتى فوجئت به يطلقها، فأقامت دعوى أمام محكمة الأسرة للحصول على نفقة متعة عن سنوات الزواج وطلب مطلقها رفض الدعوى بحجة أنها السبب في الطلاق. نشأت ريهام في كنف أسرة فقيرة كبيرة العدد عائلها الوحيد هو والدها العامل البسيط الذي لا يكفي راتبه لسد الأفواه الجائعة، كما أنه غير قادر على ستر أجسادهم ولا تعليمهم، وبالمثابرة والكفاح وتحدي الظروف الصعبة تمكنت من الحصول على الشهادة الإعدادية ووقتها رفع والدها الراية البيضاء معلناً أنه غير قادر على الاستمرار في الإنفاق على تعليمها. توقفت ريهام عن التعليم على رغم أنفها مع أن المجموع الكبير الذي حصلت عليه في الشهادة الإعدادية كان يؤهلها للالتحاق بالمرحلة الثانوية.. رضيت بنصيبها وظلت تبحث عن عمل ترفع به جزءاً من المسؤولية الملقاة على عاتق والدها، لكن من دون جدوى، وعلى الرغم من أنها لم تكن قد بلغت عامها السابع عشر كانت تحلم مثل كل الفتيات بأن تتزوج من رجل يحبها، وأن تكون لها حياة مستقلة وبالفعل أخبرتها والدتها بأن إحدى معارفهم لديها عريس يود أن يراها، وعلمت بأن العريس كمال يعمل مهندساً في شركة كبرى فوافقت على رؤيته، وكان القبول من أول لحظة من الطرفين، فقد شعرت ريهام بأنها أمام رجل قادر على تحمل المسؤولية يتمتع بلباقة عالية ومثقف ذي خلق إلى جانب وسامته، كما سحرها بطيبته الواضحة وأخلاقه الرفيعة ووعدها بأنها ستكون ملكة متوجة على عرش قلبه، وعلى الرغم من أنه كان يكبرها بأكثر من خمسة عشر عاماً وافقت عليه، كما لم يعترض أحد من أسرتها عليه، خاصة وأنه يمتلك شقة فاخرة. تم إعلان الخطبة وتم إعداد شقة الزوجية في فترة لم تزد على ثلاثة أشهر. شعرت بالراحة تجاه خطيبها فهو عطوف عليها كريم معها يقدم لها الهدايا بمناسبة ومن غير مناسبة، كما قدم لها شبكة ثمينة عبر بها عن مدى إعجابه وسعادته بها فحسدها عليها معظم صديقاتها، كما تم عقد القران والزفاف في حفل زفاف كبير بالنسبة لمستوى أسرتها المتواضع، مما جعل جميع صديقاتها يتملكهن الحسد منها على فوزها بهذا العريس الكامل. بعد الحفل الذي استمر حتى الساعات الأولى من الصباح أمضى العروسان أيام عسل عدة في إحدى القرى السياحية ثم عادا إلى الشقة الفاخرة التي أسسها كمال، وكانت البداية سعيدة والحياة ملأى بالبهجة والسرور، وكل طلباتها مجابة وكأنها ملكة متربعة على العرش، وقدم لها كمال كل ما هو غال وثمين، وسافر معها إلى كل المناطق السياحية التي كانت تود أن تراها، وفي المقابل كانت ريهام هي الأخرى نعم الزوجة وتبذل قصارى جهدها لطاعة زوجها وإسعاده وعاهدت الله منذ اليوم الأول لزواجها على أن تعمل جاهدة كي تسعد زوجها، فكانت زوجة ودودة رحيمة به تتجنب المشاكل معه حريصة على ألا تغضبه حتى يرتقي في عمله، وكانت الطاعة سمة تعاملها معه على الرغم من القيود والتعليمات الكثيرة التي فرضها عليها، فقد كان جوابها الوحيد في كل مرة: سمعاً وطاعة. سارت بهما الحياة في هدوء والسعادة تحلق حولهما، وكانت ريهام زوجة مثالية تدبر أمور منزلها بحكمة وذكاء وتتجنب كل ما يثير زوجها وتحاول بكل جهدها أن توفر له كل سبل الراحة والسعادة ولم تقصر يوماً في واجباتها ومسؤولياتها تجاهه، وصانته في حضوره وفي غيابه وحفظت له كرامته أمام الجميع، وشعرت وقتها بأنها امتلكت كل شيء تحلم به: الزوج والغني والسعادة الزوجية والبيت الجميل واعتقدت أنها ستحيا حياة سعيدة وستنتقل من حياتها البسيطة إلى حياة جديدة مملوءة بالبهجة، وبالفعل تحقق لها كل ما تريد ونقلها زوجها من حياتها المحدودة إلى حياة أكثر انفتاحاً وجلب لها ما لذ وطاب من أنواع الطعام وأغدق عليها الملابس الفاخرة والهدايا الثمينة، لكن دوام الحال من المحال فبعد الزفاف بأشهر قليلة هدأت لهفة كمال عليها وانكشف القناع الذي كان يرتديه ويخفي وراءه أسوأ الطباع وظهر على حقيقته وتغلبت عليه أهواؤه وتغيرت طباعه إلى الضد على العكس مما كان الأمر عليه أثناء فترة الخطوبة حتى إنها لم تعد تعرف متى يكون هادئاً ومتى يثور! فأتفه الأسباب تجعله يغضب وخلال فترات غضبه كان لا يتحكم في أقواله و لا أفعاله، وبالتالي تغيرت الأحوال وانقلبت رأساً على عقب، فقد بدأ يسيء معاملتها ويختلق المشاجرات معها لأتفه الأسباب، وسارت بينهما الحياة كئيبة تخلو من البهجة، والعلاقة بينهما تنحدر إلى الأسوأ وطغى الفتور على علاقتهما وتحولت ابتسامته تكشيرة دائمة، ومع الوقت تطورت ثورات كمال فبعد أن كان يكتفي بإهانتها بلسانه اللاذع وكلماته القاسية أصبح لا يتورع عن ضربها حتى وصلت العلاقة بينهما إلى طريق شبه مسدود وصارت حياتها جحيماً لا يطاق، وخلال ثوراته التي لم تكن تعرف لها سبباً طلقها، وبعد7 سنوات فقط من الزواج كانت قد عادت إلى منزل أبيها وفي يدها الأولى طفلان وفي اليد الثانية وثيقة طلاقها للمرة الثالثة من كمال. اسودت الدنيا أمام عينيها فماذا تفعل شابة في مثل عمرها في ذلك الوقت تحمل على كاهلها عبء طفلين صغيرين تخلى عنهما والدهما بسهولة تامة خلال لحظات غضبه؟ وأصيبت بحالة من الاكتئاب والرغبة في الوحدة والانعزال عن كل الناس. كان المخرج الوحيد من حياتها الكئيبة تلك هو الزواج من جديد، لذلك وافقت على الزواج من أول شخص طرق بابها. لم تطل فترة زواجها الثاني فقد كانت صورة جميع الرجال في نظرها قد اهتزت، كما أن الطفلين الصغيرين لم يتأقلما مع زوجها الجديد، فلم تكذب خبراً وطالبته بالطلاق لكنه رفض في البداية وعندما أيقن من إصرارها على طلب الطلاق كان شهماً ووافق على تطليقها وأعطاها جميع مستحقاتها الشرعية. عادت إلى منزل أسرتها من جديد ومعها وثيقة طلاقها من زوجها الجديد وقررت عدم الزواج مرة أخرى وأن تعيش لطفليها فقط. وبعد حوالي عامين من طلاقها من زوجها الثاني فوجئت بزوجها القديم يطرق بابها من جديد طالباً عودتها إلى عصمته، فرفضته نظراً لتجربتها المريرة السابقة معه لكن كلماته المعسولة أقنعت أسرتها بأنه تغير ورأوا أن مصلحة الصغيرين تقتضي الموافقة على العرض الذي قدمه، وأمام إلحاح أسرتها وافقت وتم الزواج وتحملت طويلاً حتى لا تهدم بيتها مرة أخرى خاصة وأنها كانت قد أنجبت طفلين آخرين. خمسة عشر عاماً مرت عليها كدهر طويل لم تنقطع خلالها المشاجرات بينهما بسبب أحيانا ومن دون سبب غالباً حتى فوجئت به يخبرها بأنه طلقها. لجأت إلى محكمة الأسرة وأقامت دعوى لإلزامه بدفع نفقة متعة عن سنوات الزواج وأصدرت المحكمة حكمها بإلزامه بدفع نفقة متعة تقدر بثلاث سنوات فقط بواقع 700 جنيه شهرياً فاستأنفت ريهام الحكم كما استأنفه مطلقها كمال وطالب بإلغائه بحجة أنها أحالت حياته إلى جحيم حتى اضطر إلى تطليقها. استعرضت محكمة الاستئناف المستندات المقدمة من الطرفين وقضت بتأييد الحكم الابتدائي وقالت في الأسباب: إن الغاية من تشريع المتعة هو جبر خاطر المطلقة وهي تستحق إذا ما توافرت شروطها وهي أن يكون الطلاق ليس بعلم الزوجة أو بسبب منها ويكون تقديرها تبعاً لثراء المطلق وظروف الطلاق ومدة الزوجية وترى المحكمة أن المبلغ المحكوم به مناسب وكاف لجبر خاطرها.