الرز تلك الوجبة الرئيسة على موائد الطعام أو حتى على الأرض حول العالم.. نردد دوما.. أو هكذا علمونا حين كانوا يحكون لنا في المدرسة عن الأغذية والنبات والمأكول الأول في العالم.. فالرز يتصدر ذلك.. وكان الوجبة الشعبية لكثير من مجتمعات العالم الذين تفننوا في تجهيزها وإعدادها بطرائق متنوعة، وأساليب شهية.. وغطى على كل صناعات الأطعمة فكان الأمن الغذائي يبدأ بعد الماء بالرز.. الرز فقط.. حتى لو كان أبيض بلا ملح.. ففاخرت بلدان كثيرة بأنها تقدم الرز كوجبات شهية تبهر الآخرين.. وأطلقوا عليها مسميات متعددة بحسب مقادير الطبخ فيها.. وبحسب نكهة المحتويات.. وبسبب اليد التي تصنعها.. هكذا الرز رافقنا في حياتنا الاجتماعية والأسرية والشخصية والصحية.. وأصبح وأمسى أيقونة من أيقونات التراث، وطابعا تقليديا لا يمكن الاستغناء عنه.. الصدمة.. المفاجأة.. لم يدرسونا.. ولم يذكروا لنا.. ولم يفهمونا.. ولم يعلّمونا أن الرز دخل عالم السياسة، وولج من أبواب العلاقات الدولية الواسعة وحتى الضيقة.. ولم يخبرونا أن الرز صار من حيثيات ومعطيات الدبلوماسية والشؤون الاستراتيجية.. بالشعبي «لخمونا» حين صاروا يتحدثون عن بلادنا أنها منتج للرز ونحن الذين كنّا نعتقد أننا مستهلكون لذلك الرز.. «ومطاعم البخاري والبيشاور» أكبر شاهد.. سقط كثير من التساؤلات، وتتابع مزيد من الاستفهامات ما الذي يحدث وما الذي يحصل؟ هي الحقيقة لقد دخل الرز كتصنيف اصطلاحي في علم السياسة قبله من قبله ورفضه من رفضه، وتوجب على طلاب السياسة ومنسوبيها أن يضعوا هذا اللفظ في قوائم التحليل والطرح السياسي لديهم.. حتى ان فلسفة المصالح المشتركة في علم السياسة تبدلت إلى فلسفة الرز المدفوع.. والرز الاغاثي.. والرز المشترك.. ومساعدات الرز.. وتحولت البوصلة عند كثير من دول العالم وخصوصا عند بعض الدول العربية من كون الهند موطن الرز وأكبر منتج له إلى أن المملكة هي موطن أصلي تم اكتشافه لذلك.. هكذا وضعوا وطننا المعطاء كمنتج للرز الحديث بمعناهم الغبي.. والذي فسرته أطماعهم وعاهاتهم الجشعة.. وليتهم كانوا يستوردون بل كانوا يتوسلون ويتسولون «يشحذون» يقفون على الأبواب.. وحين نبادرهم بالجزاء الوفير من «الدعم» وهو الرز الذي زعموه، ويشبعون تجدهم بالنكران يتوارون عنّا بسرعة.. ثم يبحثون ينتظرون عن أكياس أخرى يستغلون كرم بلادنا وسياسة المنح المسبغ، وثقافة السخاء بلا مقابل.. منذ تأسيس هذا البلد الشامخ وسياسته هي العطاء لكل من يقصدنا، ومنح كل من يلجأ إلينا بلا تفرقة.. ذهب دعمنا المسمى «الرز» لكل بلاد العالم لكن دون تصدير مدفوع بل كان عونا لكثير من الدول ومؤسساتها المختلفة، ولم نختم على ذاك أو ذلك الدعم بختم المصالح والمقابل كان عطاء غير منقطع وبدون مردود.. وبشهادة مؤسسات الأمم المتحدة وصناديق المساعدات وزخم من الجهات تمثل السخاء، وحل العطاء.. فتحت مدارس وبنيت مساجد ومراكز ومدن وبيوت، وتم إعانة لاجئين، وإيداع أموال باردة في حسابات بنوك مركزية لتحريك الساكن الاقتصادي ورواكده، ومنع كساده، وتم صرف إعانات ومعونات بدون ديون، أو بجدولة مريحة قد تنتهي بالتلاشي.. ولم يبالِ وطننا السخي بصناعة محتوى إعلامي للدعاية، «والشو» فمساعداته وبذله لم يكن للصوت الإعلامي ولم يكن ليقال: «شوفوني» كدول لا تبذل معشار عشر ما نبذل وتصنع مواد إعلامية تصل بكذبها وتضخيمها إلى المريخ. صدقتم سيقول البعض هذا ما جنينا بعد هذا السخاء.. هجمات إعلامية منظمة من كل صوب وفي وسائل مختلفة ومن أقرب وأبعد الناس عنّا حملات حملت التشويه والتقليل والافتراء.. وقوبلت بالجحود والنكران والنفاق والخذلان.. بلدان كنّا نظنها بيننا وداخلنا اظهرت حقيقتها الكامنة وحرقت كل شيمة.. وقتلت كل وفاء.. فصرنا اليوم ننتظر خذلانا جديدا من دولة ما هنا أو هناك . لكن غشانا الاطمئنان.. فذلك الشعور وصل للقيادة الرشيدة الواعية المتابعة الصابرة الضابطة قبل أن يصل إلينا كبسطاء متعجلين فتمت المبادرة باستبدال سياسة الرز المأكول المذموم إلى سياسة الحزم، والرشد، والترشيد، وفرز لمن يستحق ومن لا يستحق.. فكان رزنا لنا بعد ذلك.. تركناهم وسنترك غيرهم لـلـ «اندومي» وغيره ليعرفوا من نحن..