كل الوطن، أسامة الفيصل، بيروت:بين المساعي المتزايدة لتشكيل الحكومة اللبنانية، وازدياد التوتر الأمني وهاجس اللبنانيين من السيارات المفخخة، بات التساؤل عن أسباب تنامي نشاط تنظيم "القاعدة" وأخواتها في لبنان. وهل يتم تشكيل حكومة جديدة؟! وهل تكون حيادية، أم حكومة أمر الواقع؟! وهل ان التفاؤل بمساعي التشكيل يجب أن يتصدر الأولويات؟!أم ماذا؟! الحكومة والقضايا المبدئية تعتبر مصادر صحفية لبنانية أن موقف تيار المستقبل الذي عبّر عنه الرئيس سعد الحريري واضح من خلال تأكيده لمن اتّصلوا به والموفدين الذين التقوه، على أنّ المسألة الحكومية تتجاوز الصيغ الرقمية سواءٌ أكانت 9+9+6 أو 8+8+8، وتتّصل مباشرة بالقضايا المبدئية التي يجب مقاربتها والإتفاق عليها قبل البحث في الصيغ الشكلية. وبحسب معلومات صحيفة "الجمهورية"، فإنّ "الحريري رأى أنّ الحكومة، أيّ حكومة، يجب أن تتحصّن باتفاق سياسي على مسلّمات جوهرية، خصوصاً أنّ الحكومات السابقة أظهرت هشاشتها، وبالتالي لا يجوز إعادة تكرار هذه التجارب الفاشلة". وأضافت المعلومات إنّ "الحريري متمسّك بإنسحاب حزب الله من سوريا قبل البحث معه في أيّ حكومة". وكشفت أنّ "الحريري أحاط رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بهذا الموقف غير القابل لإعادة النظر"، ودعاهما إلى "حزم أمرهما لتأليف حكومة حيادية". ونقلت الصحيفة ذاتها عن اوساط رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن ان الصيغ المتداولة، لا تختلف عما هو معلن حتى الساعة، إن لجهة ال9-9-6، او ال8-8-8 مع روتوشات بسيطة على كل صيغة، من الوزير الملك الى الوزيرين، وما بينهما من طروحات "الحلول الوسط". لا خروقات فعلية على هذا الصعيد، حتى الساعة. يتحدّث المتابعون عن ان الأمور لا تزال في مرحلة اعلان النيات. لم تصل المساعي الى حدّ تسليم جميع المعنيين بمبدئية حكومة الوحدة الوطنية. على هذا الصعيد، لا يزال تيار المستقبل على تعنّته، وتتماهى معه في ذلك القوات اللبنانية. فيما حزب الكتائب يبدو اكثر ليونة، لا بل اكثر تسهيلاً للطروحات الجامعة. اما في مقلب جنبلاط، فأوساطه تشير الى ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يعرف ان النيران متى اشتعلت ستحرق الجميع، وان جنون المنطقة، يحتاج الى فسحة من التعقّل، تحمي الساحة اللبنانية من مزيد من الفوضى غير البناءة، والتي وإن وقعت، لن يسلم منها احد. من هنا يأتي سعيه المشترك مع بري " حتى لا نقع في المحظور"، لاسيما ان التجارب الماضية، تكفي للقول "إن حكومات الامر الواقع لن تحمل الاّ المزيد من الاصابات للهيكل المتداعي للدولة". ووفق المعلومات، فإن جنبلاط لعب دوراً، في الأيام الماضية، في دق ناقوس الخطر على مسمع رئيس الجمهورية. قيل الكثير خلف ابواب موصدة، فكانت النتيجة الأولية، " منح فرصة سماح للوصول الى التوافق". ولكن عضو كتلة "المستقبل" النائب سمير الجسر أكد في حديث صحفي وجود محاولات لتأليف الحكومة قريباً، موضحاً أنَّ "تيار "المستقبل" وفريق "14 آذار" لم يرفضا أو يقبلا حتى الآن صيغة "8+8+8"، ولا قرار نهائياً بقبول الجلوس مع "حزب الله" في حكومة واحدة، أو رفضه"، مشيراً إلى انّ "الموقف سيتبلور في الأيام المقبلة". سعي جدي للتشكيل وشدد رئيس مجلس النواب نببه بري في حديث لصحيفة "النهار" على وجود "سعي جدي مع تدوير للزوايا من أجل تأليف الحكومة الجامعة والوفاقية"، لافتاً إلى ان "كل العمل يتركز وفق هذه الاجواء". وقال بري: "أرحب بكل شيء ما عدا مسألة العزل لاي طرف. وان محاولة عزل "حزب الله" او اي جهة أخرى من تحت او من فوق او من حولهما امر مرفوض. واثبتت التجارب في لبنان انو ما في حدا بيعزل حدا". وعن تيار "المستقبل" وموقفه من الاتصالات الاخيرة، أجاب بري: "صدرت مواقف ايجابية من بعض الشخصيات في تيار المستقبل واعلنت انها ترفض عزل احد ،هذا الكلام مرحب به ويبنى عليه". وأشارت مصادر في حزب القوات اللبنانية لـ"الأخبار" إلى أن "التركيبات التي نسمع بها لا تعنينا بشيء، لأن هذه التركيبات الاصطناعية والخزعبلات لا تصنع حكومة، وخصوصاً حكومة سيادية فاعلة ومفيدة للناس، ولا تساهم في بناء وطن". لا آمال كبيرة ولا يعلق الكثيرون آمالاً كبيرة على مسعى "تشكيل حكومة وفق صيغة 8-8-8 نظراً الى الهوة الواسعة في مواقف الأفرقاء بحيث لم يعد الأمر مقتصرا على الخلاف العميق بين فريقي 14 اذار و8 آذار بل ان ما يفاقم الأمور مع طي أزمة التأليف الحكومي شهرها التاسع هو التأزم الكبير بين فريق 8 آذار ورئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي يتعرض لحملة شعواء من الفريق الآخر كان آخر نماذجها تحديه من النائب طلال ارسلان الذي حذره باسلوب تهديدي من الاقدام على توقيع مرسوم تشكيل حكومة لا ترضى به قوى 8 اذار في موازاة تحذير "حزب الله" من ان مثل هذا التوقيع سيكون "على حكومة تقسيم لبنان"". وفي المقابل يواصل فريق 8 آذار إطلاق التهديدات المبطنة من مغبة إصدار حكومة كهذه ويتهم الرئيس سليمان بالامتثال لإرادة سعودية لعزْل "حزب الله". حتى ان المصادر لمحت الى استياء بالغ غير معبّر عنه لدى رئيس الحكومة المكلف تمام سلام تحديداً من مواقف يرددها رئيس مجلس النواب نبيه بري في الفترة الاخيرة ويحذر فيها مما يسميه عزْل القوتين الشيعيتين الرئيسيتين حركة "امل" و"حزب الله" من خلال حكومة حيادية وذلك لإسباغ طابع الخلل الميثاقي عنها ودفْع اي شخصية شيعية لا تنتمي الى هذين الفريقين الى عدم القبول بتوزيرها. هذا واكدت اوساط بارزة في 14 آذار لـ"الراي" انها تزمع ابلاغ سليمان وسلام شروطها المعروفة حيال اي تغيير في إصدار حكومة من غير الحزبيين التي تطالب بها هذه القوى ولم تتخل عنها. وهي شروط تتصل بالجوهر السياسي قبل التوزيعة الشكلية للحكومة ولا سيما لجهة التزام حزب الله تنفيذ اعلان بعبدا ببرْمجة انسحابه من سورية. واستبعدت مصادر بارزة في 8 آذار امكان تشكيل الحكومة الجديدة خلال هذا الشهر، وقالت لـ"الراي" انه "ما زال هناك متسع من الوقت امام المساعي لإيجاد مخرج للمأزق الحكومي"، مرجحة "بت هذا الامر خلال الشهر المقبل". ..ويبقى الهاجس الأمني هو شغل الناس الشاغل، ولا سيما في ظل شائعات عن وجود سيارات مفخخة دخلت البلاد، وتنامي نشاط تنظيم "القاعدة" في لبنان...