أعتقد أن احتقار المرأة فكرة جاهلية. وعندما نظن أن الفكرة انتهت بالقضاء على جريمة دفنها وهي حية، نكون قد أخطأنا؛ لأن كل الذي انتهى هو أحد تجليات وصور هذا الاحتقار. يظهر لي أن أحد تجليات احتقار المرأة في هذا العصر، هو فكرة مساواتها بالرجل بشكل مطلق وكامل، ومحاولة إلحاقها به في كل ما يخصه. فهذه الفكرة قائمة على منطق؛ أن المرأة حقيرة حتى تصل إلى مصاف الرجل وتكون مثله. الإسلام حرص على الحدود الفاصلة بين الجنسين. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال رواه البخاري. وقال تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ الله بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا الله مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ الله كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) فالإسلام عندما يفعل ذلك، يريد أن يؤكد أن المرأة قيمتها تنبع من داخلها، من كونها امرأة بخلقتها وطبيعتها التي جبلت عليها، والدور الذي أنيط بها، لا تحتاج حتى تشعر بقيمتها أن تنظر من خارجها وتتطلع إلى غيرها، أو تقيس نفسها بذلك الغير، وهو هنا الرجل بطبيعة الحال. الحفاظ على هذه الحدود الفاصلة، يجعل نوع العلاقة تكاملياً، وقائماً على الاحترام المتبادل، والشعور بالقيمة والأهمية. فهي تقوم بدور يحتاجه الرجل ولا يحسنه، وهو يقوم بدور تحتاجه المرأة ولا تحسنه. أما أن يتطلع أحدهما إلى خصائص ووظائف الآخر، يجعل العلاقة تنافسية يشوبها القلق والخصومة. فإلى المطالبين بأن تكون كالرجل في كل شيء.. وإلى المحتقرين لدورها الطبيعي فيظنون أنها معطلة وعاطلة حتى تفعل كالرجل وتتخلى عن دورها الطبيعي.. وإلى من صدقت كل ذلك وذهبت تبحث عن ذاتها خارج كيانها الأنثوي الرقيق.. أقول: كفوا عن احتقار المرأة والشعور بأنها عار يجب أن يوأد في الرجل.. ولو على الأقل في يومها العالمي! د. سلطان الجعيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز