الغشاشون جلست في مقهى شعبي في أحد مراكزنا التجارية وطلبت الكنافة رغم أن شكلها ولونها لايوحي بأنها جيدة ولكن قلت لنفسي: قد أكون مخطئة فالمكان عامر بمرتاديه والطاولات لا تكاد تشغر وكما عرفت أن هذه الأطباق يتعاونون فيها مع سيدات وآنسات من بيوتهن فلنشجعهن.. تذوقتها فإذا هي ليس لها من الكنافة سوى الاسم فقط!! كمية هائلة من الصبغة والدهن والسكر ونوع رخيص من الأجبان التي تستخدم لعمل الساندوتش!! سألت نفسي ما هذا؟ ما الذي يحدث لقيم تتهاوى يوماً بعد آخر! أين الأمانة والإخلاص وعدم بخس الناس حقهم؟ قيم هي حق لله نؤديه فيما بيننا لتستقيم الحياة التي قسمها الله لنا بين العبادات والمعاملات ولكن بعضنا مازال يركع الركعات في المسجد ثم يخرج ليغش ويمعن في الغش!! أينما التفت ستجد من يغش الناس ويأكل أموالهم بالباطل في كبائر الأمور وصغائرها. استشرى هذا الداء كما لم يستشر من قبل؛ غش تجاري وغش تعليمي وغش صحي. والأسوأ من كل هذا هو ما يبررون فيه لأنفسهم هذا الغش فبعضهم يمارسه ضد الآخرين استغباء لهم، وهناك من يعده قدرة على التوفير ومهارة في التجارة، وبعضهم يستغل حاجة الناس فيغريهم بالسعر الزهيد ليجذبهم إلى السموم، فمن أين نبدأ؟ أمن عند أولئك الذين افتتحوا المطاعم ليبيعوا للناس لحوم الكلاب والقطط!! دون أن يعبأوا بما يتعرضون له من تسمم أو أمراض قد لا تظهر عليهم بشكل سريع، أم نتحدث عن التاجرات الصغيرات اللاتي بدأن حياتهن التجارية بمهارة الغش المتواصل فتلك تبيع كنافة بالفستق وأخرى بالزعفران؛ هكذا تسميها وهي في الحقيقة كنافة بالصبغات التي يلذعك مذاقها السيئ فهي تضع المزيد منها من أجل ان تغش الناس فاللون الأخضر يوحي للناس بأنها غنية بالفستق واللون الأصفر يوحي بالزعفران وقد ينخدع بهذا كثير من الناس الذين لا يحسنون التذوق ويخدعهم الشكل الجميل فيدفعون ثمناً مبالغاً فيه يزيد من أرباح من يغشهم!! ترى هل هي مبتدئة وممن لم يولدوا وفي أفواههم ملعقة من ذهب؟ ربما هي كذلك وتحتاج أن ترفع أسعارها لتقف على رجليها في السوق ثم تتراجع عن الغش؟ لا أظن ذلك فما يحدث أنها ستزداد رغبة في جمع المال فتغش وتغش أكثر تماماً كما تفعل ابنة رجل الأعمال التي تحضر المنتديات واللقاءات التي تتحدث على منابرها لتقدم نفسها كتاجرة شابة مناضلة في الوقت الذي تثير تساؤلات حول كثير مما تبيعه للناس حتى وصلت قطعة الكعك التي بحجم كف الطفل إلى خمسة وثلاثين ريالاً وكأنها تنافس بالسعر فقط المقاهي التي اعتادت ارتيادها في باريس ولندن وفنادق النجوم الخمسة التي تسكنها!! ما هذا؟ من الذي جعل صغيراتنا من شابات الأعمال يدمن هذا الغش المروع فينتقين أسوأ وأرخص المواد ويقمن ببيعها للناس بأسعار الأجود والأفضل!! من علمهن أن التجارة شطارة بالغش؟ ومتى سيتنبهن لما يفعلنه بأنفسهن وبالناس؟ الهياط بالحيوانات من الذي قال إن الحيوانات المتوحشة متوحشة فعلاً؟ من الذي يقول إن مكانها الصحاري وحدائق الحيوانات؟ الحدائق المجهزة بشباك عالية وحراس أشداء يحملون البنادق المحشوة بالمخدر ليطلقوها على حيوان تنتابه حالة من التمرد على قفصه. فنحن لدينا شباب استطاعوا أن يحولوا تلك الحيوانات المفترسة وآكلة اللحوم إلى حيوانات أليفة يدخلونها بيوتهم تلاعب أطفالهم وتسبح معهم في المسابح ويستعرضونها ويزايدون في أسعارها ويدعون ما شاء لهم أن يدعوه من قوة وقدرة ووفرة في المال وهم لا يدرون في أي لحظة سينطلق ذاك الحيوان الذي لا يستأنس فهذا يخالف طبيعته التي خلق عليها ونتائج ذلك الترويض الأحمق قاتلة وأحداثها تتزايد، فبعد الخادمة التي توفيت في الكويت خرج أحدهم يتمشى ليروع الناس في القصيم وآخر في الدمام وها هو الثالث يلتهم أحد الذين اعتادوا على وهم ترويض الحيوانات المتوحشة ليأتي صديقه ويجده ميتاً بعد افتراس حيوانهم المدلل له!! هذه الحوادث ليست الأولى من نوعها فقد سبق أن قتلت تلك الحيوانات أشخاصاً أفنوا أوقاتهم في تدريبها والاستعراض بها في صالات السيرك ولكن في لحظة ما يقرر الحيوان ان يفترس صاحبه، فإلى متى يستمر هذا الهياط مع من ليسوا في مهارة المدربين ولكن ميولهم الاستعراضية تخدعهم فيدفعون الثمن غالياً. ولكن موضة اقتناء الحيوانات تزداد وتتوسع فالحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب ما عادت تسكن حدائق البيوت، بل تعدتها بثقة ودلال وصارت تتمرغ على المقاعد الوثيرة ووسائد الأسرة المريحة وتلتقط لها الصور في السرير وفي المطبخ استعراضاً لجانب لم أفهمه بعد ولا أستطيع فهمه فالجميع يظهر أناقة واهتماماً بتفاصيل النظافة وحسن المظهر ولكنهم لا يهتمون للعاب الحيوانات التي تسيل في كل مكان وفروها المتطاير ومواضع الإخراج من أجسامها وهي تلامس مواضع نومهم وأكلهم. من قال إن الحيوانات الأليفة مكانها غرف النوم والصالونات؟ والغريب أن بعضهم قد يتأففون من رائحة البشر أو منظر إنسان مهلهل وينسون ذلك الحيوان الذي يستغل للهياط مهما كان المبرر، فهي عادة مجلوبة وليست مألوفة وهي قذرة مهما بدت نظيفة وراقية و(كيوووت).