تبدو تصريحات المشرف العام على معرض الرياض الدولي للكتاب، التي أدلى بها قبل أيام وفحواها أن البرنامج الثقافي سيكون غير مسبوق، أشبه بالتطلعات أو أقرب إلى الأمنيات، منها إلى واقع ترسخه الأفعال، وليس مجرد أقوال تلقفها مثقفون طالما عبروا عن رغبة في ألا يكون معرض الرياض، الذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وينطلق غداً، مجرد سوق لبيع وشراء الكتب، إنما تظاهرة ثقافية تمزج بين توفير الكتب لمحبيها وتنظيم فاعليات ثقافية متنوعة ومميزة، لجهة الأسماء والمواضيع، تظاهرة تتحول إلى منصة للكتاب الجديد وللأفكار النوعية والثقافات المختلفة ومنتجيها. فالبرنامج الثقافي الذي أعلنه أمس في مؤتمر صحافي ظهر، كما عبر عدد من المثقفين في مواقع التواصل الاجتماعي، عادياً حتى بالنسبة لدورات سابقة، فضلاً عن توقيت انعقاد المؤتمر، الذي لم يسبق انطلاقة المعرض سوى بيومين، ما يكرس صورة المعرض منذ أعوامه الأولى، أي التأخر في تشكيل اللجان ما يعني أيضاً تأخراً في إعلان فقرات البرنامج، إلى قبيل الانطلاق. يبدو الإيقاع البطيء لأعمال اللجان، وتأخير إعلان التفاصيل كافة، مشكلة مزمنة، عجز المعرض في إيجاد حل لها. وكشف المؤتمر الصحافي الذي عقده المشرف على وكالة الشؤون الثقافية في الوزارة الثقافة والإعلام سعود الحازمي، غياب الرواية عن لائحة الفائزين بجائزة الكتاب، كما غابت المرأة عن لائحة الفائزين. ومن الفعاليات ندوة عن وزير الخارجية الراحل الأمير سعود الفيصل، إضافة إلى عروض سينمائية. وعلى رغم كل ما سبق، يبقى معرض الرياض، الذي تشارك فيه 500 دار نشر تم اختيارها من 1300 دار نشر تقدمت للمشاركة، أضخم معرض عربي، وما يزال مناسبة يستميت الناشرون العرب في المشاركة فيها، ولم يعد أمراً جديداً تكرار القول إنه يعوضهم خسائر العام. ولعل الجديد في المعرض، الذي يقام في مركز المعارض الوطنية، هو قياداته الشابة، بدءاً من مدير المعرض سعد المحارب، إلى رئيس اللجنة الإعلامية سعيد الدحية الزهراني، ورئيس اللجنة الثقافية الدكتور خالد الرفاعي، ورئيسة لجنة جناح الطفل سميرة السجا، الأمر الذي يدفع بالتطلعات إلى مستوى أعلى، فالشباب دوماً ما يقترنون بالحيوية والحماسة إلى الأفكار الجديدة، لذلك يستحق هؤلاء القيادات الشابة الدعم والتشجيع. وتحل دولة اليونان ضيف شرف المعرض، الذي سيظهر بهوية جديدة تأخذ مساراً مغايراً للهويات السابقة، كما أوضح المشرف على وكالة الوزارة للشؤون الثقافية بوزارة الثقافة والإعلام سعود الحازمي، لتحمل هوية «وسط الرياض التاريخي» معبراً عنها من خلال مسميات الممرات والبوابات والمداخل الرئيسة والتصاميم ومنصات التوقيع، إضافة إلى شعار المعرض «الكتاب ذاكرة لا تشيخ»، وذلك لأهمية الكتاب كذاكرة للأمة والإنسانية. وكان الحازمي قال إن برنامج الأنشطة المصاحبة للمعرض هذا العام، «يعد الأعلى على المستويين، الفعاليات والمشاركين مقارنة بالأعوام السابقة، إلى جانب أسماء جديدة لم يسبق لها المشاركة». ويتضمن البرنامج الثقافي معرضين فنيين يتناولان عاصفة الحزم. وجاء اختيار عدد من المسرحيين لتكريمهم من معرض الرياض، ليثير جملة من التساؤلات، وصفت بـ«المريرة»: «أين المسرح الذي يكرمه معرض الرياض للكتاب؟ لم تدعم وزارة الثقافة والإعلام المسرح السعودي على نحو كاف، فكيف تكرمه اليوم»؟ ومع ذلك، هناك من رأى في التكريم بادرة إيجابية تحمل الاعتراف بهذا الفن الذي يواجه تحديات صعبة. وتم إعلان تسع فعاليات مخصصة للشباب وقضاياهم.