بيروت: «الشرق الأوسط» تسلم القضاء اللبناني كتابا رسميا من ذوي «أمير كتائب عبد الله عزام» السعودي ماجد الماجد، الذي تبنت مجموعته التفجيرين الانتحاريين اللذين طالا مقر السفارة الإيرانية ببيروت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، يطلبون فيه تسليمهم جثمانه لنقله إلى المملكة العربية السعودية ودفنه هناك. وجاء ذلك بينما يتجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى بيروت الأسبوع المقبل في زيارة هي الأولى له، للاطلاع على ما توصلت إليه التحقيقات في الهجوم الانتحاري المزدوج الذي استهدف سفارة بلاده. وأفاد مصدر في وزارة الخارجية اللبنانية، فضل عدم كشف اسمه: «يجري وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف زيارة ليوم واحد إلى بيروت في 13 يناير (كانون الثاني)، هي الأولى له منذ تعيينه في منصبه» في 15 أغسطس (آب(. وأضاف المصدر أن «ظريف سيلتقي المسؤولين اللبنانيين، ويبحث معهم فيما توصلت إليه التحقيقات في شأن تفجيري السفارة الإيرانية وفي قضية ماجد الماجد»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وفي غضون ذلك، تلقى النائب العام التمييزي بالإنابة القاضي سمير حمود طلب عائلة الماجد لاسترداد جثته بواسطة السفارة السعودية في بيروت، وبدأ دراسته لاتخاذ القرار المناسب في شأنه. وكشف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن القاضي حمود «يتجه إلى الموافقة على تسليم جثة الماجد إلى ذويه، إلا أنه ينتظر تقريرا من لجنة أطباء عينها خلال الساعات الماضية وهي مؤلفة من أطباء شرعيين وأطباء أصحاب اختصاص، وكلفها دراسة ملفات الماجد الطبية في كل المستشفيات اللبنانية التي أدخل إليها وهي مستشفى الحامد في البقاع، والمقاصد في بيروت والمستشفى العسكري التابعة للجيش اللبناني في المتحف (بيروت). وطلب إلى هذه اللجنة إعداد تقرير مفصل بحالته الصحية والأمراض التي يعاني منها، وتحديد أسباب تدهور وضعه الصحي بشكل سريع والأسباب التي أدت إلى وفاته». وأشار المصدر في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «النيابة العامة التمييزية تفضل أن يكون الملف الطبي العائد للماجد كاملا ومتكاملا وأن يكون لدى القضاء أجوبة على كل الأسئلة المتعلقة بوضع الماجد وأسباب الوفاة، حتى لا يكون ثمة مجال للتشكيك أو طرح التساؤلات أو رسم علامات الاستفهام». وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر متابعة أن «التركيز على ملف الماجد الطبي، وإزالة أي التباس قد يكتنف وفاته، جاء بعد اتهامات مبطنة من جهات خارجية، لا سيما من إيران التي شككت على لسان أكثر من مسؤول بملابسات وفاته، وطلبت المشاركة بالتحقيق في أسباب وفاته، باعتبارها معنية بأمره لتبني كتائب عبد الله عزام التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا مقر سفارتها ببيروت». وأكدت المصادر المتابعة ذاتها أن «لبنان يرفض أي اتهام يطاله أو يطال مؤسساته لا سيما مؤسسة الجيش اللبناني، والإيحاء بأن هناك من عمد إلى تصفية الماجد من أجل إخفاء اعترافاته أو ما يحمل من أسرار». وكانت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، التي أعلنت بدء الترتيبات لزيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت، كررت أمس التأكيد أن بلادها تحتفظ بحقها في المشاركة بالتحقيقات مع أفراد آخرين من التنظيم المسؤول عن تفجير سفارتها في بيروت». وكان اسم الماجد (مواليد 1973) مدرجا على لائحة من 85 اسما لمطلوبين من السلطات السعودية للاشتباه بصلاتهم بتنظيم القاعدة. كما أصدر القضاء اللبناني حكما بحقه في 2009 بتهمة الانتماء إلى تنظيم «فتح الإسلام» الذي قضى عليه الجيش اللبناني بعد معارك طاحنة استمرت ثلاثة أشهر في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في 2007. من جهة أخرى، توقعت وكالة أنباء فارس الإيرانية، شبه الرسمية والمقربة من الحرس الثوري الإيراني، أسبوعين داميين في لبنان وحتى موعد انعقاد مؤتمر «جنيف 2» للسلام والمقرر في 22 يناير (كانون الثاني) الحالي. ونشرت وكالة «فارس» تقريرا يستشرف الوضع الأمني في لبنان، ذكرت فيه أنه «ليس من العبث القول إن الساحة اللبنانية يمكن أن تكون خلال الأسبوعين المقبلين على الأقل مسرحا لأحداث دموية ومواجهات ودخول عناصر انتحارية»، معتبرة أن «الشرارة الأولى لهذه المرحلة انطلقت بالتفجير الإرهابي الذي وقع أمام السفارة الإيرانية في بيروت». وأفاد التقرير - التحليل الذي نشرته الوكالة أول من أمس، بأنه «يبدو أن أمام لبنان أسبوعين حافلين بالخطورة إلى حين موعد انعقاد مؤتمر جنيف 2 في شأن الأزمة السورية، نظرا لما لهذه القضية من انعكاسات وتأثيرات كبيرة على لبنان». ونقل عن مراقبين قولهم إن «الأيام المقبلة ستكون في غاية الخطورة، الأمر الذي يستدعي من القوات العسكرية والأمنية اللبنانية أن تكون على أهبة الاستعداد وبصورة مستمرة».