قرأت في جريدتنا هذه أنه (سيصدر) قريبا نظام عقوبات لجريمة التفحيط. وقرأت أيضا أن التفحيط سيتحول من مخالفة إلى جريمة. وسبق أن قرأت في قوانين المرور لعدة دول فلم أجد كلمة مقابلة لكلمة تفحيط سوى كلمة استهتار في القيادة. وهذا يؤكد أن التفحيط منتج سعودي صرف وسيكون قانون التفحيط الجديد قانونا طليعيا يميز المملكة عن غيرها من بلدان العالم. فنحن من اخترع المشكلة ونحن من تركها ثلاثين سنة تنمو مع جميع الاتجاهات وأخيرا نحن من اخترع قانونا إذا قدر له التطبيق بلا واسطات. في كل بلاد العالم الذي سافرنا لها لم نسمع صرير الكفرات على الاسفلت. عرفنا هذا الصرير من الأفلام البوليسية الأمريكية. ولكن المتعة السخيفة التي يجلبها للشاب المراهق دفعت شباب ومراهقي السبعينيات والثمانييات من القرن الماضي إلى تعمد إحداثها. في بداية الأمر صرنا نسمعها عند إشارات المرور كتعبير عن البهجة. من الطبيعي أن أي ظاهرة لا يتم التصدي لها تتطور ثم تتطور وهكذا وصلنا إلى ما نعرفه اليوم من كلمة تفحيط. تجمع جماهيري وتلاعب خطر بالسيارة تم دمجه (على المدى الطويل) مع أعمال إجرامية إضافية. إذا صدر هذا القانون فيجب أن ترفع ملايين العوائل في المملكة اسمى آيات الشكر للصحافة السعودية وكتابها الذين سعوا دون كلل أو ملل لإصداره. على أني كأب لعائلة سوف أتأخر قليلا في شكري. كما نعرف إصدار القانون شيء وتطبيقه شيء آخر تماما خاصة إذا اسند أمر تطبيقه إلى جهاز المرور الحالي. نحن نعرف أن جهاز المرور الحالي ينقسم إلى قسمين. القسم الأول يتكون من الرجال والعتاد والمباني، والقسم الثاني شركة ومجموعة من الكاميرات يطلق عليها ساهر. السؤال إلى أي من القسمين سوف تسند مسؤولية تطبيق قانون التفحيط؟ القسم الأول (الرجال والعتاد والمباني) يفترض أن تكون وظيفته التصدي لكل شيء يتعلق بالمرور باستثناء قطع الإشارات والسرعة. إذا أخذنا تجربته مع إدارة الرخص. هل إدارته لهذه المهمة تؤهله لتسلم مهام جديدة؟ من يذهب إلى إدارة المرور في شمال الرياض سيجد الجواب مبعثرا أمامه مع السيارات المبعثرة في الشوارع والسكيك المحيطة. أما من يتباعد عن هذا الموقع فبامكانه أن يذهب إلى مبنى المرور في الملز. أول شيء ستلاحظه أن كل الذين يأتون لطلب الرخصة يقودون سياراتهم أمام المرور بدون رخص، وحتى إذا فشلوا في اختبار الرخصة (وهذا نادر) يعودون وراء مقود سياراتهم فالرخصة في المملكة في الواقع يمكن تلخيص وظيفتها في قولنا (سبحان الله وش يدريك يتليقف واحد ويسألك عنها). كل موظف في المرور يعرف هذه الحقيقة. وهذه الحقيقة لا يعززها سوى حقيقة أخرى تلخصها لنا مكاتب المرور ومقاره. فالأماكن الأكثر فوضى مرورية في الرياض هي الشوارع المحيطة بمكاتب المرور سواء في شمال الرياض أو الملز أو الناصرية. إذا عدنا بهذه الحقيقة إلى قانون التفحيط الجديد سنجد صعوبة في تحديد كيفية تطبيقه لذا أؤجل شكري لزملائي الكتاب على جهودهم في فرض قانون التفحيط إلى أن نرى المرحلة الثانية الأخطر والأهم (التطبيق).