نصت رسالة الدعوة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى المدعوين الى مؤتمر «جنيف 2» المقرر في 22 الشهر الجاري وحصلت «الحياة» على نسخة عنها، على أن هدف المؤتمر تنفيذ بيان جنيف الأول وتشكيل هيئة حكم انتقالي «تسيطر» على الأمن والجيش. جاء ذلك في وقت أعلن النظام السوري رفضه تشكيل هيئة حكم انتقالي وفق ما ورد في بيان جنيف الأول للعام 2012، مع التمسك ببقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم وعرض نتائج المؤتمر الدولي على استفتاء عام، مع إعطاء الأولوية لـ «محاربة الإرهاب». وهنأ وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل رئيس «الائتلاف الوطني السوري» أحمد الجربا بإعادة انتخابه، وقال: «أشير إلى التصريحات غير الموفقة لبعض الأطراف الدولية، التي لا تصب في خدمة الجهود الرامية لإنجاح مؤتمر جنيف2 المزمع لحل الأزمة السورية، ونخشى أن يكون هدف هذه التصريحات إخراج المؤتمر عن مساره الهادف إلى تطبيق توصيات مؤتمر جنيف 1». وجدد التأكيد على العناصر التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر أصدقاء سورية الأخير في لندن، و «أبرزها أن يفضي المؤتمر إلى عملية سياسية قوامها تشكيل حكومة انتقالية واسعة الصلاحيات، وألا يكون للأسد أو أي من رموز النظام ممن تلطخت أيديهم بالدماء أي دور فيها. والعنصر الثاني والمهم: بأن يكون الائتلاف الممثل الشرعي والوحيد لأطياف المعارضة السورية كافة». وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) نقلت عن وزير الإعلام السوري عمران الزعبي قوله في مؤتمر صحافي: «نفهم بشكل جيد أنه يجب أن يكون هناك في المستقبل السياسي حكومة وحدة وطنية وحكومة موسعة، لكن لا يوجد شيء اسمه هيئة حكم انتقالي»، مؤكداً أن الأسد «باق رئيساً للجمهورية بانتخابات... دستورية شرعية يشارك فيها السوريون وتعبر عن إرادتهم». ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قوله خلال لقائه نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في طهران، إن بلاده «لا تقبل أي شرط مسبق لحضور جنيف2، وستكون مستعدة للمشاركة الرسمية والكاملة لحل الأزمة السورية إذا دعيت في شكل رسمي للحضور». وفي نيويورك، شدد الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة الدعوة التي وجهها للمشاركة في المؤتمر، على أن «الهدف من المؤتمر هو مساعدة الأطراف السوريين في إنهاء العنف والتوصل إلى اتفاقية شاملة لتسوية سياسية تطبق بالكامل بيان جنيف1 وتحفظ سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها». وأرسل بان الدعوة إلى ٣ منظمات إقليمية و٣٠ دولة بينها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، إضافة إلى المملكة العربية السعودية وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة وعمان ومصر والجزائر والمغرب، والدول المجاورة لسورية، باستثناء إسرائيل، وهي الأردن ولبنان والعراق وتركيا. ولم تدع إيران إلى المؤتمر. وأكد بان في نص الدعوة أنه يتطلع إلى «تلقي تأكيد الحضور من الدول المدعوة مع لائحة بأسماء الوفد والمستشارين في أقرب وقت»، مشدداً على أن «تأكيد الحضور سيعتبر التزاماً بأهداف المؤتمر المحددة أعلاه، عملاً ببيان جنيف١ وخصوصاً ما يتضمنه من المبادئ والأسس لعملية انتقال بقيادة سورية». وذكّر المدعوين أن بيان جنيف1 «يتضمن مبادئ وأسساً لعملية انتقال يقودها السوريون من خلال خطوات أساسية تبدأ بالاتفاق على هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة بالتوافق المتبادل». وأضاف: «كما ينص بيان جنيف1، فإن الخدمات العامة يجب أن تصان أو ترمم، وهو ما يتضمن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والاستخباراتية» وأن «كل المؤسسات الحكومية ودوائر الدولة يجب أن تعمل بشكل مهني بناء على معايير حقوق الإنسان، بقيادة تنال الثقة العامة تحت سلطة هيئة الحكم الانتقالية». وأكد بان أنه «واثق من أن المشاركين الدوليين الذين سيجتمعون في مونترو في ٢٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٤، سيقدمون دعماً ذا معنى لمفاوضات بناءة بين الطرفين السوريين في جنيف»، وأنه «واثق من أن كل الحاضرين سيفعلون ما في وسعهم لتشجيع الطرفين السوريين على التوصل إلى تسوية شاملة والتطبيق الكامل لبيان جنيف١ ضمن إطار زمني معجل». إلى ذلك، قالت مصادر مطلعة لـ «الحياة»، إن أزمة كبيرة عصفت باجتماعات الهيئة العامة لـ «الائتلاف» المعارض، بعد تلويح نحو ثلاثين عضواً بالانسحاب من التكتل المعارض، الأمر الذي اعتبره أعضاء في الهيئة السياسية مقدمة لدفع بعض الأطراف إلى تشكيل كيان مواز لـ «الائتلاف» يضم جسماً عسكرياً بالتنسيق مع «الجبهة الإسلامية»، التي تضم ستة من أكبر التنظيمات الإسلامية. وزادت هذه الأزمة من التعقيدات التي واجهها «الائتلاف» في شأن اتخاذ قراره النهائي من المشاركة في مؤتمر «جنيف2»، بعد إعلان «المجلس الوطني السوري»، أحد الكتل الرئيسية في «الائتلاف»، قراره مقاطعة المؤتمر والتلويح بالانسحاب من التكتل المعارض إذا قرر المشاركة. في غضون ذلك، استمرت المواجهات بين «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) وكتائب اخرى، وافاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن هذه الاشتباكات التي بدأت يوم الجمعة الماضي أسفرت عن مقتل 274 قتيلاً بينهم 46 مدنياً. ودعا زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني في تسجيل صوتي إلى وقف المعارك الدائرة في شمال سورية وشمالها الشرقي منذ يوم الجمعة الماضي، لكنه انتقد «داعش»، قائلاً: «السياسة الخاطئة التي تتبعها الدولة في الساحة كان لها دور بارز في تأجيج الصراع». وفيما أعلن «المرصد» أن عدد قتلى الغارات التي يشنها طيران النظام السوري على حلب منذ منتصف الشهر الماضي، ارتفع إلى 600 شخص بينهم 172 طفلاً، أفيد بأن 19 شخصاً بينهم طفلان وثلاث سيدات قتلوا امس «جراء قصف على منطقة السوق الشعبي في حي الفردوس والصالحين». إلى ذلك، أعلنت البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، أنه «تم نقل أول كمية من مواد كيماوية ذات أولوية من موقعين (في سورية) إلى مرفأ اللاذقية (غرب) للتحقق منها ومن ثم تم تحميلها على متن سفينة دنماركية» أمس، مشيرة إلى أن «السفينة غادرت مرفأ اللاذقية الآن إلى المياه الدولية وستبقى في عرض البحر بانتظار وصول مواد كيماوية إضافية إلى المرفأ». وأضاف البيان أن «قطعاً بحرية تابعة لجمهورية الصين الشعبية والدنمارك والنروج وروسيا الاتحادية ستوفر الحماية البحرية» لعملية النقل.