تسعى كافة المجتمعات بكل أديانها ومعتقداتها إلى حفظ كرامة الإنسان حياً كان أو ميتاً، لذلك قال عليه السلام «كرامة الميت دفنه»، ولكننا رأينا كرامة الموتى تتعرض للاغتيال، فمنذ الوهلة الأولى التي سمعت فيها بخبر الطفلة لمى وسقوطها في بئر، وحتى خبر وصول فرق الإنقاذ في الدفاع المدني ومباشرة الحادثة، توقعت حينها أن الطفلة ستخرج حية، وفي وقت قياسي، كنت قد تكهنت ذلك التكهن بناء على ما أسمعه وأقرأه وأشاهده من تصريحات عن معدات وأجهزة وآلات وآليات ومواد إنقاذية ضخمة كان قد حصل عليها قطاع الدفاع المدني في المملكة بمبالغ ضخمة، ودورات مختلفة لمنسوبيه داخل وخارج المملكة، خصوصاً الدورات التي تختص بالإنقاذ بكل أنواعه، ذلك ما يجعل فرق الإنقاذ في المملكة جاهزة وقادرة على مواجهة أي عائق، وتخطي أي حدث وتجاوز أي حادثة، جعلتني أراهن على خروج الطفلة حية وفي وقت قياسي. ولكني كنت أظن وكنت أظن وخاب ظني، وخسرت الرهان. فقد وهبت المملكة كافة إمكانياتها المادية التي تكفل كرامة الإنسان حياً وميتاً، وقد ظفرت المديرية العامة للدفاع المدني بميزانيات ليست قليلة لتوفير كل المعدات والإمكانيات والمقومات التي تسهل وتسرع من عمليات الإنقاذ المختلفة كونها تتعامل مع أرواح قد جعل الله إحياء وإنقاذ النفس الواحدة تعادل الناس جميعاً ولكن ما حصل في قضية لمى، ومرور أسبوعين كاملين على عجز رجال الدفاع المدني انتشال لمى، يكشف مدى ضعف وتواضع إمكانيات رجال الدفاع المدني الآلية والتقنية والتخطيطية ليكشف نوعاً آخر من الفساد الذي يدفع فيه المواطنون الثمن في حياته ومماته فأي فساد هذا وإلى متى!!!؟ أين تلك الآليات التي نسمع عنها ويُصرح بها!!؟ أين ذهبت تلك الأجهزة السحرية التي تذكرها المديرية العامة للدفاع المدني بين فترة وأخرى وتقوم بشرائها!؟ أين مخرجات تلك الدورات التي تكلفت حكومتنا تموينها ومصروفاتها؟ أين أجهزة الاستشعار والمسح والتدقيق؟ وأين فكر مسيسي هذا الجهاز ورجالاته الذين نسمع ونرى تجاربهم الوهمية في الإنقاذ. وكل هذه الإمكانيات التي استخدمت لانتشال جثة لمى، يرحمها الله بدائية وتتعارض تماماً مع توقعاتنا التي يُفترض امتلاكها من قبل المديرية العامة للدفاع المدني، حسب التصريحات التي أعلنوا عنها من أجهزة حديثة ومعدات وغيرها حتى مقومات الفكر والتخطيط لدى منسوبيها لم تكن واضحة، لتكتمل بذلك منظومة الفساد الكاملة فمن الاستحالة عمل أسبوعين لم يثمر عن شيء. عندما كشفت «الشرق» في عددها يوم الجمعة 3/ 1/ 2014 عن المشاركين في انتشال جثة لمى ذُهلت تماماً خصوصا من تلك الأعداد البشرية المشاركة على سطح البئر وما حولها بينما هم يبحثون عن طفلة داخل بئر.