في لعبة الأذكياء والدهاء الشطرنج، يتم التضحية بالجندي أو البيدق من أجل هدف أسمى، وهو الانتصار أو كش ملك، كما هو متعارف عليه، وهذا بالضبط ما حدث في انتخابات الفيفا، حيث تم التضحية بالجنود العرب، من أجل وصول الملك الجديد للفيفا. الآن، بعد أن انتهت انتخابات الفيفا، من الواجب أن نسأل أنفسنا: ما الدرس الذي تعلمناه على المستوى الخليجي والعربي؟. ففي انتخابات مايو الماضي، وقف عدد من الأفراد العرب المؤثرين ضد المرشح العربي، متحالفين مع بلاتر، ثم عادوا هم أنفسهم للتحالف ضده، وأنزلوا ممثلاً عنهم للانتخابات، لكنهم حافظوا في نفس الوقت على نفس السلوكيات التي أكسبتهم عدم رضا من الكثيرين، وخصوصاً في الشارع الكروي الخليجي، فهل ترى كان مقبولاً استرضاء العالم كله، وفي المقابل استعداء الخليج، ثم مطالبته بالتأييد؟. كما يبدو أن البعض لم يفهم فكرة الانتخابات ابتداء، خصوصاً على مستوى دولي، فهي تقوم على الاقتناع، فإذا لم تقنعني بأنك قادر على تحقيق مصالحي الكروية والنهوض بالرياضة العالمية، هل تتوقع مني أصوت لك، لأنك رفعت الصوت؟، هذه ليست انتخابات جمعية تعاونية يا فلان. وما غاب عن الجميع، أن وصول مرشح عربي لقمة اتحاد الكرة العالمي، كان فيه من الفوائد لنا جميعاً، ما يستحق منا أن نترك الأجندات الشخصية والصغيرة وننحيها جانباً، وأن نوحد جهودنا ونضع أيدينا بأيدي بعض. الآن، هناك فرصة قادمة، تتمثل في منصب الأمين العام للفيفا، والمرشح له إداري مغربي، وهناك مناصب رياضية كثيرة ستتاح في هذا الاتحاد أو ذاك، وقد كان للعرب رئاسات ناجحة لاتحادات دولية في مراحل سابقة، مثل الاتحاد الدولي للفروسية (سمو الأميرة هيا بنت الحسين)، والاتحاد الدولي للسباحة (الجزائري مصطفى عرفاوي) وغيرهما، ولكن إذا استمررنا بالتعامل مع المواقع الدولية بالطريقة التي تعامل بها البعض في انتخابات الفيفا، فربما يجدر بنا توديع هذه المناصب، حتى لا نحرج أنفسنا في الانتخابات وما بعد الانتخابات. انتخابات الفيفا رسالة، تذكرنا جميعاً أننا نحتاج لفهم لغة انتخابات العالم، وأن نتذكر أهمية العمل الجماعي الموحد، وأن ننحي الاعتبارات الفردية والشخصية جانباً، من أجل تحقيق الهدف الأسمى، وهو مصلحة الجميع ككتلة رياضية عربية. لكن لعل أهم درس في رأيي، هو ما يلخصه المثل الشعبي الإماراتي: كفٍ صفعني نفعني وكفٍ سهّاني لهّاني فهل نتعلم الدرس؟ وكل منصب دولي وأنتم بخير.