الأطفال في بداية مراحلهم العمرية فضوليون بطبيعتهم، ويتعلمون القيام باكتشافات مهمة بأنفسهم، وتهتم كل أم بإتاحة الوقت والزمان والمكان لطفلها لتنمية قدراته على اكتشاف الأشياء، وفي ظل هذا الاهتمام والمتابعة، كون المنزل البيئة الأكثر أماناً، إلا أنها ربما تشكل خطراً كبيراً يلحق الضرر به ويصل إلى حد حدوث الإصابات، في حالة قلة انتباه الأهل أو إهمالهم، وحول هذه المخاطر التي يواجهها الأطفال من الولادة وحتى سن الخامسة وتزايدها كلما زادت قدرة الطفل على الحركة، وكيفية تجنبها ناقشت الصحة والطب مجموعة من الأطباء الاختصاصيين في طب الأطفال. يحذر الدكتور أشرف الدميري استشاري طب الأطفال من أن الخطر يكمن مع بداية حركة الطفل، بعد إتمامه شهره الرابع، وتعرضه للسقوط والإصابات بسبب عدم توازنه مثل وضعه على سرير أو كرسي من دون حواجز، وحدوث بعض الرضات في عضلاته أو كسور في العظام، ويغيب عن الأهل أن الطفل لديه حب استطلاع وشغف نحو كل شيء حوله ومن بينها المواد الضارة مثل كيماويات تنظيف المنزل والعقاقير التي تستخدمها الأسرة للتنظيف ولا يحرصون على إبعادها عن متناول الأطفال، وربما ينجذب إليها الطفل ويعتقد أنها نوع من الحلوى لتشابه الألوان بينهما ويتناولها بجرعات زائدة والتي تُحدث تسمماً في الحال، أو التقاط وبلع قطع معدنية وبقايا تكسير الألعاب الخاصة به، وعن المخاطر التي يتعرض لها الطفل في خارج المنزل يضيف د. الدميري حوادث السيارات، ومخاطر انتقال العدوى خلال ارتياد الأماكن المزدحمة لأن الفئات العمرية الصغيرة تعد أكثر حساسية نحو المتغيرات المناخية وعرضة لانتقال الفيروسات المنتشرة في الجو. ونصح د. الديميري بضرورة الحفاظ على نظافة المنزل ومحتوياته للوقاية من الجراثيم المسببة للأمراض، وعند الخروج يترتب على الأهل الحرص على حماية الطفل والسيطرة على تحركاته لأنه لا يدرك خطورة ما حوله، مع مراعاة اختيار مناخ الخروج إلى المنتزهات، ومراقبة الأم للطفل بداخل البيت وعدم تركه بمفرده على طاولة أو سرير من دون حواجز واقية في الشهور الأولى وإذا اضطرت أن تجلسه على كرسي فيجب وضع طوق أو حزام حوله، وعند شراء الألعاب يترتب اختيار ما يناسب الفئة العمرية للطفل، وغير مسموح نهائياً دخوله بمفرده إلى المطبخ أو الحمام نظراً لوجود مواد التنظيف وما شابه ويجب وضعها في أماكن بعيدة ومغلقة جيداً ضماناً لعدم وصوله إليها. وشدد على اختيار الطعام الذي يعود بفائدة صحية والابتعاد عما لا يفيد في بناء جسم صحي، مع الابتعاد عن تولي الخادمات مسؤولية الأبناء فيجب أن تشرف الأم على كل كبيرة وصغيرة، مع الحرص على متابعة إعطاء الطفل جميع التطعيمات الخاصة به لتحصينه من أمراض كثيرة مع مراعاة الكشف الدوري للطفل على الأقل مرة واحدة شهرياً مع الطبيب الخاص به، لمعرفة إذا كان معدل النمو يسير بشكل مستقيم وطريقة آمنة من دون انحناءات أو تعطيل، لتدارك المشكلات قبيل حدوثها ولتعلم الأم التي تنجب لأول مرة أنه لا توجد قاعدة ثابتة لجميع الأطفال فكل طفل مختلف عن غيره ولكل طفل حالة خاصة به ولا نستطيع تعميم أو تشخيص طعام أو دواء من دون مراجعة المختص. أبانت الدكتورة رشا الصغير اختصاصية طب الأطفال، أن المخاطر التي تواجه الطفل تكون أكثرها من أول فترة الحبو وحتى 5 سنوات حيث يستطيع الاعتماد على نفسه ويكتشف كل ما يحيط به، وأولها وأهمها دخوله المطبخ والحمام واستخدام الغاز في محاولة منه لتقليد الكبار، ومن الحالات الخطرة والأكثر شيوعاً تناول الأهالي للمكسرات ثم ترك قشورها أمام الطفل، وكذلك قطع مكعبات الألعاب الصغيرة والتي يبتلعها وتدخل إلى مجرى النفس مما يسبب الاختناق والوفاة بسبب صعوبة إخراجها ونضطر أحياناً للجوء إلى العمليات الجراحية، ونفس الحال مع الأدوية التي تتواجد في غير أماكنها بالخطأ وعند تناولها وقد تودي بحياته، وهناك حالات السقوط من أعلى السرير أو الطاولات في المنزل، أو ذهاب الطفل إلى أماكن الألعاب ذات المساحات الضيقة المكتظة بالأولاد مما يجعلهم مؤهلين لتناقل الأمراض المعدية والفيروسات، ومع غياب الأمهات ووجود الخادمات في معظم البيوت حالياً يتوغل الإهمال، والمتضرر الوحيد مع الأسف الطفل. ومن المخاطر المهمة التي نبهت إليها ترك الطفل لفترة طويلة مع الأجهزة الإلكترونية منذ حداثة عمره، ما يقلل من قدرته على التواصل مع المحيط المجتمعي، وتدريجياً نجد الطفل يركن عقله جانباً ويصير متلقياً فقط لما يقدم له عبر شاشة الأجهزة الإلكترونية، ويفقد تفاعله اللغوي والعاطفي، ما ينتج عنه اكتساب الطفل عادات سيئة مثل عدم الحركة والكسل ويكون عرضة للسمنة المبكرة. وأكدت على عدم ترك الطفل الذي يعتمد على المشاية في الأشهر الأولى بمفرده من دون مراقبة أو قريباً من الدرج وإن أمكن في بعض المنازل تركيب باب عال على السلم لحماية الطفل وعدم تخزين المواد السامة في مكان تحفظ فيه مواد الطعام، ولابد من الاهتمام بالنظافة العامة وإبعاد الطفل عن كل ما يحاول اكتشافه مسبباً له خطورة مثل الغاز والكهرباء ومواد الاشتعال، وأهمية مراعاة النظام الغذائي لجميع أفراد الأسرة والابتعاد عن الوجبات السريعة والعصائر الخارجية والاستعاضة عنها بوجبات تحضرها الأم ووقاية أولادها مما تسببه هذه الوجبات وأهمها السمنة المبكرة، وهناك قاعدة تقول الطفل البدين يساوي كهلاً بديناً وأشارت الصغير إلى ضرورة الاحتراس من مخاطر العولمة المسيطرة على حياتنا، وأن تكون الأم على مستوى المسؤولية بشكل كبير، وتوفير وقت كاف للطفل للحديث واللعب معاً، واتباع سياسة التكوين وليس التلقين، فطفل اليوم يفتقد والدته ويستعيض عنها بالإلكترونيات مما يعرضهم للانفصال المجتمعي، ولتعلم كل سيدة مدى احتياج أبنائها للتواصل اللغوي والتفاعلي والعاطفي لإنتاج شخصية سوية وإيجابية. وتقول سرار العلي طبيبة الأطفال: لكل فئة عمرية مخاطرها وتبدأ من حديثي الولادة حتى إتمام عامه الأول، وحينها يكون الطفل تحت مراقبة دائمة من شخص بالغ وخاصة خلال النوم لأن أي حركة تلقائية يمكن أن تسقطه أرضاً، وعندما يمسك الطفل بالأشياء ويضعها في فمه يكون عرضة للاختناق، كما يجب تهيئة الطفل في الجلوس لأنه لا يتحكم في توازنه وربما يتعرض للسقوط مرات ومرات، ثم ننتقل للمرحلة الأدق في حياة أطفالنا وهي بداية المشي والشعور بالاستقلالية وحب الاستطلاع والذهاب إلى فتح كل الأماكن المغلقة واكتشافها وإدخال كل شيء إلى فمه على الفور ما يسبب مشكلات عدة بالأنف والفم، وينتقل في سن ثلاث سنوات إلى مرحلة الاعتماد على نفسه وتقليد الآخرين، كالصعود والهبوط على الدرج واعتلاء النوافذ والنظر منها بشكل عشوائي ومن دون رقيب، ووضع أطرافه في مصادر الكهرباء، والإصرار على تناول الطعام بمفرده واستخدام أدوات المائدة الحادة والخطرة والتي ربما يؤدي سوء استخدامها عن جهل إلى الجروح. وشددت العلي على أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الأم، فعليها وضع جميع الأدوات الحادة في مكان آمن وبعيد عن عيون صغار السن، وعدم إعطاء الأطفال عند تناول الطعام شوكة أو سكيناً مع تعليمهم طريقة الأكل السليمة بأدوات غير حادة، ومنع استخدام أدوات التنظيف في وجود طفلها منعاً لانزلاقه بها أو تناوله إحداها، وعند الذهاب إلى الحدائق أن تلقي نظرة علي الألعاب الموجودة وتتأكد من خلوها من أي فجوات تعرض الطفل للسقوط أو الحوادث ولا تترك طفلها يلعب مع فئات عمرية بعيدة عنه سواء أصغر أو أكبر، وبالنسبة إلى الأم العاملة التي تودع طفلها بحضانة فعليها دراسة المكان جيداً قبل إرساله إليها من حيث التدقيق على النظافة العامة للمكان، ومدى الاهتمام بنظافة الطفل نفسه، والمساحات المتوفرة للعب، وتكون الأرضيات آمنة مانعة للحوادث، ومراعاة أن تكون الوجبات التي تقدم للطفل صحية ومفيدة. ومن ناحية أخرى نصحت العلي بتفادي خواطر حوادث السيارات، وأن ننتبه لمكان ركوب الطفل بالسيارة ونتبع القوانين، فمن الولادة لعمر سنة يوضع الطفل في كرسي مواجه لمؤخرة السيارة، ومن سنة إلى أربع سنوات يوضع الطفل في كرسي مواجه لمقدمة السيارة، ثم يوضع للطفل حزام الأمان الضروري. وركز د. أحمد توفيق اختصاصي طب الأطفال على المخاطر التي تحيط بفئة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من سنة إلى ثلاث سنوات، وخاصة أن تلك المرحلة العمرية لا تستوعب ما تفعله، ومع خروج الطفل من البيت إلى الحضانة والاختلاط مع غيره ومعرفة عادات جديدة واكتساب معلومات وخبرات طفولية من الآخرين في نفس عمره، وغالباً ما تكون المخاطر المحيطة به ناتجة عن شغفه الأكبر بمفاتيح الكهرباء والأجهزة والأسلاك، والعبث بالمواد الكيماوية القابلة للاشتعال ما ينتج عنه الحروق أو الاختناق، وكذلك السماح بالدخول إلى الحمامات وتركهم في حوض الاستحمام أو المسابح من دون مراقبة ما يهدد بتعرضهم للأذى وحوادث الغرق في المنزل، وأيضاً حالات سقوط للأطفال من الشرفات أو الأسطح العالية، ومن المخاطر التي استجدت في عصرنا وعلى سبيل المثال جلوس الأطفال ساعات مطولة أمام الأجهزة الإلكترونية مما يسبب عدم التركيز والتوتر الدائم، ومشكلات بصرية والسمنة التي يصعب تحجيمها عند الأطفال وتتطلب مجهوداً عالياً ووقتاً طويلاً حتى نستطيع النجاح في علاجها. وحول مواجهة هذه المخاطر يقول د. أحمد توفيق: علينا التدقيق في حماية أطفالنا وملازمتهم طوال الوقت، والحفاظ على نظافة المنزل من الجراثيم والميكروبات التي تساعد على نقل أمراض كثيرة نحن في غنى عنها، ومنع التدخين نهائياً في داخل المنزل لتسببه بتأثير سلبي للغاية، ووضع جميع المستحضرات المنزلية بعيداً عن متناول أيدي الأطفال، ولا نترك الطفل يلعب بمفرده في الشرفات بلا مراقبة، والتخلص من أي مقعد أو قطعة أثاث يستطيع الطفل تسلقها بالقرب من نافذة مفتوحة ربما يتسلقها الطفل ويسقط، والتأكد من تركيب حواجز على النوافذ المنخفضة التي يمكن للطفل الوصول إليها وخاصة في الطوابق العلوية، وعدم ترك أسلاك كهربائية مكشوفة. وأشار إلى وجوب اختيار حضانة على مواصفات عالية من النظافة والتأكد من خلوها من أطفال لديهم أمراض ناقلة للعدوى، فمعظم رواد عيادات الأطفال سببها أمراض معدية، وعلينا الخضوع للبرامج التوعوية التي تضعها وزارة الصحة للحضانات والمدارس وتطبيقها، وعلى الأم الانتباه لأبنائها عند بداية كل موسم لأن تغيير المناخ يأتي معه بالكثير من الأمراض الموسمية، وعلينا تفادي مخاطر الأجهزة الحديثة، لأن الشيء الذي لا يستخدم في مكانه يسبب أضراراً، ولن نستطيع منع أطفالنا عنها ولكننا ننادي بالحد من ساعات استخدامها وتقنينها، فالتكنولوجيا ضرورة في حياتنا ولكن درهم وقاية خير من قنطار علاج.