استمع ابن الديرة منذ انطلاق مصطلح التوطين في بلادنا ومطالبات الصحافة والمجتمع نحو تكريسه مستمراً، حيث يشتمل التكريس، بالضرورة، على تحديد المفهوم وأهدافه وآلياته، وقبل ذلك وبعده وضع خطته أو استراتيجيته، وذلك نحو تحقيق الالتزام أو أكبر قدر منه. اليوم، تبدو المسألة أوضح وأقرب من أي يوم مضى. لدينا قطاع للتوطين مدمج في وزارة الموارد البشرية والتوطين، ونحن نفهم أن التغيير ليس رمزياً، وإنما هو حقيقي وملموس، وأن المقصود به تغيير واقع التوطين في دولة الإمارات تغييراً جذرياً. المقصود الاشتغال، منذ اليوم، في قضية التوطين، على هدى، أي في ضوء خطة، والخطة تعني المنطلقات والآليات والغايات. الخطة لا تعني الغفلة أو الإهمال أو الاعتماد على المصادفات، وتعني العمل على إنجاح عنوان التوطين بتسخير كل الإمكانات المعنوية والمادية الممكنة، مع التذكير الواجب بأنه لا خطة توطين منفصلة عن مشروع التعليم، أو مشروع تغيير التعليم إذا شئتم، نحو خدمة المشروع الوطني لدولة التنمية المستدامة والسعادة والتسامح والشباب، الدولة التي تخطط لتكون حكومتها من أفضل خمس حكومات في العالم في العام 2021، وهو العام الذي نحتفل فيه بوصول مسبار أمل الإمارات إلى المريخ، وذلك بعد عام على استضافة دبي والإمارات لإكسبو 2020. الإمارات هي دولة الاستحقاقات والتحديات والرهانات الكبرى والمهمة، وعنوان التوطين عنوان أساسي ضمن ذلك العنوان العام، فماذا ننتظر من الحكومة ومن وزارة الموارد البشرية والتوطين الآن وفي المرحلة المقبلة؟ الكثير، لكن علينا أن نكون موضوعيين وعقلانيين في طرح الفكرة والمطلب، منطلقين أولاً من مبدأ أن التوطين ليس مزحة أو نزهة. هو سؤال مجتمع وقضية وطن، ولذلك لا بد من مناقشته وتزيين حواره بالصدق والشفافية. أولى الإشكاليات أن المصطلح غير محدد، فماذا نعني حين نقول التوطين، وهل ندرك الفرق بين توظيف المواطنين والتوطين؟ وإذا كانت وزارة العمل السابقة وزارة اتحادية مثالية لجهة أنها مؤسسة اتحادية صميمة تدير قضية العمل التي هي، في الوقت نفسه، قضية اقتصادية على المستويين الاتحادي والمحلي بالكامل، فإن من الإشكاليات الحاضرة والمرتقبة أنها ستظل كذلك بالنسبة لقطاع الموارد البشرية، فيما تعنى بقطاع التوطين مؤسسات ومجالس محلية شريكة، فكيف نضمن أن تكون الوزارة الاتحادية المظلة الوطنية الفاعلة والمؤثرة والحقيقية في قضية التوطين نظراً وتطبيقاً؟ نريد لوزارة الموارد البشرية والتوطين النجاح في ملف التوطين، كما نجحت تحت تسميتها السابقة في تحسين وتطوير ملف العمالة الأجنبية بدءاً بحماية الأجور، وليس انتهاء بتطوير الاستقدام وحماية المناقلة، لكن نلفت النظر هنا، يجب أن نلفت النظر هنا، أن المسألة يجب أن تتجاوز دمج هيئة توظيف وتنمية الموارد البشرية الوطنية تنمية في الوزارة أو تحقيق تبعية الهيئة للوزارة، فتجربة الهيئة حتى الآن محدودة وأقرب إلى التعثر حتى لا نقول الفشل، وحتى عندما تمثلت كل المؤسسات والهيئات والمجالس الاتحادية والمحلية في إدارة تنمية، فإن ما رأيناه لم يتعد التنسيق الشكلي، والمطلوب في المرحلة المقبلة كثير وأكثر بكثير. نقطة أخيرة: التوطين واحد، وهو متمم للتعليم والتدريب، فهل نحن بصدد خطة موحدة لتوطين القطاعين الحكومي والخاص، مع تحديد النسب والأرقام المعقولة والمقدور عليها، ومع وضع برنامج يتيح المساءلة: ثواب كل متقن وعقاب كل مقصر؟ ebn-aldeera@alkhaleej.ae