عندما نتحدث عن الأخلاق، والإنسانية، فإن أول ما يحضر إلى أذهاننا المعاملة الطيبة، الرحمة، الاحترام والشفقة، وعندما يتجرد الإنسان من هذه الصفات، ويكشف عورة حقيقته، ويهتك ستر فطرته التي فطره الله عليها، فإنه يتحول إلى وحش، وصاحب نزعة عدوانية انتقامية، تفتح له الأبواب على مصراعيها ليمارس أحقاده وضغينته وإجرامه، كحال ربة بيت خليجية في بداية عقدها السابع من العمر، تسببت في قتل خادمتها بعد أن حرمتها من الطعام والحرية والسلامة البدنية القضية التي كشفت تفاصيلَها النيابةُ العامة أمام الهيئة القضائية في محكمة الجنايات في دبي أمس، دلت على أن المتهمة مارست الكثير من الحقد والأذى بحق خادمتها قبل وفاتها، إذ دأبت على تعذيبها وضربها، وحجزها داخل غرفتها التي توفيت فيها، حتى أنها طوقت نوافذ وأسوار وأبواب منزلها بالأسلاك الحديدية، ووضعت قفلاً على كل شيء يُفتح سواء كان باب غرفة، أو باب خزانة، أو حتى باب ثلاجة، لتمنعها من الهروب، أو الوصول إلى الطعام، إلى أن هزل جسمها وخارت قواها، وتعفنت أحشائها نتيجة الجوع. ووفق لائحة الاتهام، فإن المتهمة التي أنكرت التهم المنسوبة إليها، حرمت الخادمة من حريتها حتى ماتت، بأن انتهزت فرصة إقامتها معها، ومنعت عنها إمكانية هربها، كونها طوقت نوافذ الفيلا وسورها الخارجي بالأسلاك الحديدية، وأقفلت كافة الأبواب، ومنعت عنها الطعام، حتى ألحقت بها الأذى الجسدي الجسيم، كما دأبت على تعذيبها البدني ما أدى إلى موتها. وأظهرت التحقيقات أن المتهمة صاحبة سوابق إجرامية، إذ سجل بحقها أكثر من قضية في اعتداء في مراكز الشرطة، وتبين أن الكثير من الخادمات اللواتي عملن لديها هربن نتيجة معاملتها القاسية والمهينة، رغم عدم وجود أعمال كثيرة في منزلها الذي تسكنه وحدها. أشار شرطي فحص جثة المجني عليها، خلال التحقيقات، إلى تلقي غرفة العمليات بلاغاً من شقيقة المتهمة في يوم الواقعة، يفيد بوفاة الخادمة المذكورة، ليتبين وجود شبهة جنائية في وفاتها بعد الحضور إلى مسرح الجريمة ومعاينة الجثة، خصوصاً وأنها كانت ممددة على ظهرها، على أرضية الغرفة، وتبدو عليها كدمات ورضوض في جسدها، نتيجة مصادمة واحتكاك لأجسام صلبة راضّة، مرجحاً أن تكون هذه الإصابات قد حدثت في فترات زمنية متقاربة، وسابقة لتاريخ البلاغ بعدة أسابيع، عطفاً على أنها بفعل فاعل. وأضاف إن السبب الرئيسي للوفاة هو التجويع والضرب المبرح، مدللاً على ذلك بالهزال العام المصاحب لضمور شديد في الأعضاء، وخلو جسد الضحية من التغيرات المرضية التي قد تُحدث ذلك، إضافة إلى قلة محتوى الأمعاء، وبعض الأعراض الأخرى المرتبطة بالمراحل النهائية للموت جوعاً. قال شرطي للنيابة إنه بسؤال المتهمة عن الإصابات الظاهرة على جسد الضحية، قررت بأن الأخيرة سبق وأن سقطت على الأرض، مضيفاً أنها كانت تجيب عن الأسئلة وهي مرتبكة وخائفة، وترفض الرد في بعض الأحيان، مثلما كانت ترفض سؤالها عن أي تفاصيل، في وقت لفت فيه إلى أن المتهمة أقفلت جميع أبواب غرف المنزل والدواليب، وبابَي المطبخ والثلاجة، واحتفظت بالمفاتيح بحوزتها. وأضاف خبير بيولوجي لدى إدارة الأدلة الجنائية، أنه بالانتقال إلى منزل المتهمة لاحظ وجود آثار دماء تعود للخادمة، على أرضيات المرافق الخاصة بحجرة الخادمة، وعلى بعض جدران وأرضيات المنزل. المصدر: البيان الاماراتية