استمع علي قباجه التقتا حركتا فتح وحماس بالدوحة في اجتماعات ماراثونية بهدف التوحد والتعاضد للتوصل إلى صيغة مشتركة بين الفصيلين وطي عشر سنوات من التصدع والتناحر والتصارع والتخوين المتبادل، والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، من مهامها الاساسية تنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الضفة وغزة والقدس، وفتح المعابر مع القطاع. ولكن هل هذه الجولة ستنجح أم ستكون كسابقاتها لا طعم ولا لون ولا رائحة لها، تضيع الأوقات وتبعثر الجهود، وتشتت تركيز الشعب الفلسطيني عن انتفاضته؟. كالمصالحات السابقة، أجريت المشاورات على قضايا نوقشت عشرات المرات، حتى تعبت الآذان من ترداد بنودها، وأعيت المقل من قراءة نصوصها. و مشهد المصافحات الشهيرة في المؤتمرات التي تتلو الاتفاق أصبح مملا، كما أصبح وصالهم في العواصم لا يعني الشعب، ولا يهمه إلى ماذا ستصل، لأن النتيجة عنده واضحة كالشمس.. وهي الفشل بكل ما تحمله الكلمة من دلالات. يتساءل الفلسطينيون عن ضرورة عقد اللقاءات في حين أن التوصل إلى اتفاق حقيقي لردم الهوة بعيد كل البعد عن الواقع والمنطق، فهناك حركتان ببرنامجين مختلفين يسيران بخطين متوازيين لا يلتقيان أبدا، وهناك محاولات حقيقية من كل فريق لاقصاء الآخر، كما ان ما يحدث على الأرض لا يساعد أبدا، فالسلطة تستأثر بالضفة وتوجه الصفعات لخصومها، بينما حماس، ترفض تسليم غزة، والمعابر إلا بشروط. وكلاهما لا يتمسك برؤيته لأنه ببساطة لن يتخلى أي طرف عن مكتسباته ونفوذه على الأرض. في ظل انتفاضة فلسطينية لفظت قوى الفصائل مجتمعة ونحّتها بعيدا، فإن أي محاولة من هذه القوى لتشتيتها تعتبر نوعا من الالتفاف والانتقام من الشعب، لأن هذه اللقاءات ببساطة من شأنها اشغال الشارع الفلسطيني عن بوصلة المقاومة، وتصديه اليومي لهمجية الاحتلال. والشعب كان اذكى ممن كان يفترض أن يكونوا قائمين على المصالحة المزعومة التي يحيط توقيتها عشرات علامات الاستفهام، حيث لم يعرها أدنى اهتمام. الفلسطينيون في ظروفهم الحالية يطالبون الفصائل مجتمعة بالكف عن المتاجرة بحياتهم اليومية وبمعيشتهم وكل ما يتعلق بهم، فهم يحلمون بادارة أو سلطة تعيش همومهم الحقيقية ومعاناتهم وما يتعرضون له من صنوف العذاب على الصعد كافة، لا سلطات تعتاش على المناكفات والتصارع على مصالح فئوية. الشعب الفلسطيني اعتاد على خيبات الأمل من كلا الفريقين، ولا يعوّل آمالا كبيرة على الاتفاق. وبينما هناك وضوح عام بالنسبة لما قد ينجم عن الاتفاق، هناك شكوك حول الظروف التي قادت الى محادثات غريبة لا تزال تفاصيلها مبهمة. فهذه المصالحة ليست سوى مناورة فاشلة ستعمق الازمة التي يمر بها الشعب في ظل خنق الاحتلال له، وقتله وتهويد أرضه ومقدساته من دون أي رادع أو مانع. إذا اردات القيادة الفلسطينية انصاف الفلسطينيين، فلا بد من ارجاع الأمر لهم، بانتخابات عاجلة، يتحمل كل طرف نتائجها، كما لا بد من وقف اجتماعات المصالحة التي لا يتم التوصل بها إلى أي صيغة مشتركة، بل انها تسيء للشعب الفلسطيني، وتضعف القضية النبيلة التي يحملها على عاتقة. فالفلسطينيون ينادون اليوم..كفاكم تضييعا لأوقاتنا، ففلسطين أكبر من مناكفاتكم. Aliqabajah@gmail.com