×
محافظة المنطقة الشرقية

معهد واشنطن للدارسات : إيران تهرّب عبوات ناسفة خارقة لدول الخليج

صورة الخبر

انتهاج الضرب كوسيلة تربوية ليس أمرًا جديدًا، بل هو أمر مُتجدِّد. في زمنٍ ليس ببعيد كان الأب يأخذ ابنه للمدرسة ويقول للمدير: «هذا ابني علّموه وهذّبوه، لكم اللحم ولنا العظم». كانت الكتاتيب والمدارس حتى منتصف القرن العشرين لا تخلو من أدوات تُعين المدرِّس على الضرب، كالفلكة، والسلم، بل كان من النادر أن ترى معلّمًا لا يحمل العصا في يده، مُهدِّدًا و»شاحطًا» بها طول الوقت. وإن تردَّد المعلم في تطبيق عقوبة الضرب يحضر الأب للمدرسة ويقوم هو بالعملية أمام الجميع. ثم صار الضرب مسموحًا بعد ذلك بالمسطرة على ظهر اليد، وربما بدت هذه العقوبة بسيطة، لكن الأمر كان يعتمد على قسوة المعلم، ومدى قوة الضربة. كان الضرب شططًا غير مقبول في التربية والتعليم، لكن الذي نعيشه اليوم هو أيضًا مغالاة في النقيض، فالأهل قد أصبحوا خير معين لأبنائهم على المدارس، وعلى المعلّمين، يتحسَّسون من كلمة، ومن صرخة، ومن نظرة حادة. سُلب المعلم كل أدوات التحكُّم في فصله منذ أن سلّم عصاته، والتزم بقرارات منع الضرب، لكنه تدريجيًّا لم يعد يستطيع حتى جرح مشاعر طلابه، ومس أحاسيس أهاليهم المرهفة بهمسة عابرة. كل الأبناء والبنات مصدَّقون عند أولياء أمورهم، وعندما يُبلّغون أهاليهم بأيّ «إزعاج» وقع عليهم، تجد الأهل قد كثّفوا مكالمات الهواتف، ثم اقتحموا المدارس ساخطين، غاضبين، ومطالبين بإيقاع أقصى العقوبات على مَن تطاول على أبنائهم العاقلين، والهادئين، والمؤدّبين. وما لا يُدركه الآباء أن الأبناء قد فهموا قواعد اللعبة، أيقنوا أن الأستاذ لا قيمة له في المنظومة التي هم أساسٌ فيها، فأجادوا استغلال الأوضاع، وراحوا يستفزّون الأساتذة بالإهمال والفوضى والشغب؛ ليندفعوا في لحظة، ويمدّوا أيديهم، فيبدأ التصوير والتشهير، وإثارة الرأي العام، وإهانة المدرس على الملأ، ليراه القاصي والداني، وهو يعتذر ويُقبِّل رأس طلابه مستسمحًا، ومُتذلِّلاً، وواعدًا ألاَّ يُكرِّر فعله الإجرامي، والأهل يتمنّعون ويطالبون بعقوبات أشد، حتى يكون عبرة لغيره. بعد أيام من حادثة ضرب الطالب الموهوب دار على مواقع الإنترنت فيديو لطلاب يتحرَّشون بأستاذهم، يوخزونه في صدره، ويوشكون على ضربه، وهو يُردِّد بمذلَّة: عيب يا واد.. عيب يا حبيبي. نعم! لا هيبة، ولا تقدير، ولا تربية، ولا تعليم!! هذا ليس نداءً لعودة الضرب كوسيلة تربوية، لكن الضرب يعود من تلقاء ذاته، حتّى في وجود قرارات صارمة بمنع الضرب منذ أمد بعيد. كيف نتأكّد أن الضرب، وهو فعل استعبادي مؤلم، ولا إنساني، لن يعود؟ طريقتان سأقترحهما، أولاهما قديمة أيضًا كانت شائعة في مدارسنا، وأدعو هنا إلى تجديدها: العقوبات البديلة التي تعين المدرس من مثل: التذنيب (أيّ الوقوف أمام الفصل لمدة معينة على قدمين، أو على قدم واحدة)، وعدم الخروج للفسحة، ونسخ الجملة المكتوبة على السبورة لمئات المرات.. وغير ذلك من الحلول التي لا تضر بالطالب، وتؤدّبه، وتشعره بالخطأ، وتدفعه للتراجع عنه. أمّا الاقتراح الثاني فهو رادع للمدرس المندفع، الذي يستخدم قوته البدنية لإيلام الطلاب، فهذا النوع العنيف من البشر لا يكفيه قرار يمنعه من ممارسة الضرب، إن لم يتبع القرار قائمة من العقوبات يكون على دراية بها مسبقًا، فنحن لا نريد أن ننتظر كل حالة ضرب تصل إلى الإدارة، أو إلى الوزارة، أو إلى السوشيال ميديا؛ لكي نتحرّك، وندرس ملابسات القضية، ثم نُفصِّـل عقوبة لكل حالة على انفراد. وقبل أن يُفكِّر المدرس في ضرب الطالب حتى ولو بمسطرة على ظهر يديه، فهو يعلم أنه يُعرّض نفسه مثلاً للخصم، أو لتأخير الترقية، أو الحرمان من العلاوة السنوية، أو للفصل.