بعد كوارث الثورات العربية التي سُمّيت خطأ ربيعاً أتوقع أن نرى وضعاً أفضل كثيراً هذه السنة، فتجري أنهار السمن والعسل في كل بلد عربي، وتفلس اسرائيل وتباع في مزاد يرسو على قطر. أحاول استدراج القارئ ليبقى معي، فأنا لا أتوقع شيئاً غير مزيد من «الهباب» الذي نحن فيه. ثم أزيد بسرعة مطمئناً القارئ فأنا لم أكن يوماً «بصّارة برّاجة» ولا أملك كرة بلورية، ولا توجد هذه الكرة. وقد توقعت يوماً أن تنتهي الحرب الأهلية اللبنانية خلال ثلاثة أشهر فاستمرت 15 سنة. ما جعلني أعود الى التوقعات رغم سجلي غير الناصع فيها، هو أن كل جريدة على جانبَي المحيط الأطلسي سجلت ما يتوقع العاملون فيها لسنة 2014، وقرأت ما يراوح بين المعقول والشطط. وهكذا أدلي بدلوي بين الدلاء وأبدأ بالأمة التي جعلت الفشل إسماً آخر لها. - ستستمر المأساة السورية ولن يوقفها جنيف-2 أو 3 أو عشرة. وأدين الطرفين النظام والمعارضة الارهابية من القاعدة وأمثالها، وأتمنى سقوطهما. - مفاوضات السلام بين الفلسطينيين واسرائيل لن تبدأ وإذا بدأت ستفشل لأن في اسرائيل حكومة يمينية متطرفة تحتل وتقتل وتدمر بحماية أميركية. - ليبيا لن تصبح ديموقراطية هذه السنة. - السودان انقسم في سودانين، ودولة جنوب السودان قد تنقسم في دولتين ليصبح عندنا سودان مثلث. - الحرب الأهلية في العراق ستستمر بإعلان أو من دون إعلان وحكومة بغداد لا تستطيع وقفها وربما لا تريد. - مصر أم الدنيا إلا أنها أمٌ عاقر إذا لم يُقضَ على الارهاب، وإذا لم تنتقل الى نظام ديموقراطي أول مؤشر عليه إقرار الدستور الجديد في 14 من هذا الشهر، ثم انتخاب رئيس وبرلمان قبل انتهاء الربيع. - إيران والدول الست لن تصل الى اتفاق نووي نهائي، وربما رأينا نكسة، مع الخلاف العميق الواسع بين ما تريد إيران من الاتفاق وما تريد الدول الغربية تحديداً بالنيابة عن اسرائيل. - الخلافات الأخرى هي بين إيران ودول الخليج العربية، وأقول من منطلق الولاء إن ايران معتدية، وأزيد من منطلق المنطق إن الخلافات هذه لا تفيد سوى اسرائيل. - أميركا تجاوزت أسوأ مراحل الأزمة المالية ومشروع الرعاية الصحية الممكنة (بمعنى الممكن تحمل نفقاتها) قد يشارك فيه سبعة ملايين أميركي مع نهاية التسجيل في 31 آذار (مارس). غير أن التاريخ الأهم يبقى الانتخابات النصفية في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) فهي ستحكم اداء باراك اوباما في سنتيه الأخيرتين في الحكم. في أهمية ما سبق ان الادارة الأميركية تفاوض حكومة أفغانستان على استمرار الوجود العسكري الأميركي حتى 2024، أو ما بعدها، والحرب في أفغانستان هي اليوم أطول حرب خاضتها أميركا منذ استقلالها، واستمرار الدور الأميركي هناك يعني مزيداً من الخسائر في الأرواح والمال. - البرازيل تستضيف كأس العالم في كرة القدم هذه السنة، وتجري انتخابات رئاسية في تشرين الثاني، وهناك تظاهرات نظمت وأخرى متوقعة، إلا أنها تظل دون ما وصل اليه مستوى العنف في روسيا مع تعرض فولغوغراد الى هجومين إرهابيين متتاليين. وروسيا تستضيف الألعاب الاولمبية الشتوية في السابع من الشهر القادم وسنرى إن كان الارهاب سيضرب مدينة الاستضافة سوتشي. بدأت بدولنا العربية وأختتم بها، فالمنطق يقول إن الأحوال السيئة ستستمر، وإن الوضع سيزداد سوءاً في بلدان عربية عدة، فلا سمن ولا عسل. ثم أحاول أن أغلب الأمل، وأقول إنه إذا تحسّن الوضع في مصر، فقد يتحسن في بلدان مثل ليبيا وتونس، غير أن تحسنه في سورية يحتاج الى معجزة من حجم توراتي وقد ولّى زمن المعجزات. khazen@alhayat.com