حادثة الطفلة (لمى الروقي) ليست الأولى، وقد لا تكون الأخيرة؛ التي كشفت عن وجود خللٍ واضح في جهاز الدفاع المدني، وقصورٍ لا يحتاج إلى دليل في آلية العمل وجودة الأداء؛ فكم من حوادث سابقة باشرها وتقع في نطاق اختصاصاته، وصميم عمله، لم تكن نتائجها بحجم المأمول، وقدر التطلعات من هذا الجهاز الحيوي المهم، المعني بحماية الأنفس والممتلكات وقت السلم والحرب، وإنقاذ المنكوبين ومساعدة المتضررين، بأقصى سرعةٍ وأجود خدمةٍ ممكنة..! الشواهد السابقة و(قضية لمى) الأخيرة، تُثبت أنّ هناك جهوداً تبذل، وأعمالاً تُقدّم، قد تصل في بعض الأحيان إلى بطولاتٍ تُسجّل، وتضحياتٍ تُخلّد، ضحى فيها بعض منسوبي الدفاع المدني بأرواحهم الطاهرة أثناء عمليات الإسعاف والإنقاذ، في أسمى مراتب الشرف والشهامة والبطولة، لكن السمة الغالبة على تلك الأعمال والجهود؛ التخبط والعشوائية، وانعدام التخطيط والتنظيم، وغياب الجودة والاحترافية في أداء الأعمال والمهمات، واستهلاك الوقت والجهد بلا نتائج إيجابية، بل قد تكون (ثقافة الفزعات) هي السائدة، وطريقة العمل كيفما اتفق هي المسيطرة، لتصبح النتائج كما نسمع ونشاهد؛ مجرد تصريحاتٍ للاستهلاك الإعلامي، وإحصاءاتٍ للخسائر وأعداد الضحايا..! ومع ذلك كله، فلا أعتقد أن هناك قصوراً في الدعم الحكومي لجهاز الدفاع المدني، ولا أظن أن هناك ضعفاً في الميزانيات المقدمة له، فما يبدو هو أن هذا القطاع يعاني من مشكلات على صعيد الإدارة والتنظيم، بدءاً بآلية اختيار الأفراد للانضمام إلى العمل في هذا القطاع الحساس، مروراً بالتدريب والتأهيل (النوعي) والخاص، ووصولاً إلى التحديث المستمر، والتدريب على رأس العمل، لتطوير الأفكار وآليات العمل والأجهزة المستخدمة، والاستعداد للمستجدات، واستشراف المستقبل للتعامل الأمثل مع المفاجآت..! ختاماً، أيها المعنيون بشؤون الدفاع المدني؛ (انقذوا) هذا الجهاز العظيم من وضعه الحالي، قبل أن تطالبوه بإنقاذ الضحايا، وإغاثة الملهوفين..!