×
محافظة المنطقة الشرقية

المواجهات تتسع بسوريا و«داعش» تهدد بوقف قتال الأسد

صورة الخبر

* يواجه الاتحاد الإفريقي مأزقًا صعبًا وهو يتأهب للدخول على خط المفاوضات الدائرة في أديس أبابا لوقف الحرب الأهلية في جنوب السودان وحسم الموقف السياسي من "الشرعية" التي يمثلها سلفاكير والانقلاب الذي يمثله رياك مشار! والحق أنني أشفق كثيرًا على هذا الاتحاد الخصب الذي لم يتلوث بعد بالإملاءات الأمريكية أو الأوروبية أو الروسية أو أية إملاءات دولية خارجية! لقد جاء الاتحاد الإفريقي بديلًا مناسبًا وقويًا لمنظمة الوحدة الإفريقية التي ترهلت حتى بات شأنها شأن جامعتنا العربية الآخذة في الترهل حد الموت. ويضم الاتحاد -لمن لا يعرف- جميع دول القارة باستثناء المغرب التي تعارض عضوية الصحراء الغربية باعتبارها الجمهورية الصحراوية الديمقراطية.. ومع ذلك تعاملت المغرب كدولة إفريقية كبرى بعقلانية شديدة مع الموقف وسمحت لنفسها بالاستفادة من خدمات الاتحاد. عدا ذلك مضى الاتحاد الإفريقي في التدخل الفاعل في كل صراعات القارة معلنًا مواقف صريحة وواضحة وبعيدة عن الاستقطاب العالمي أو الاستعمار العالمي بالمعنى الأدق والأوضح! أعود إلى مشكلة جنوب السودان باعتبارها إشكالية كبرى أمام الاتحاد الذي رفض الاعتراف بالانقلابات وبالتغيرات الأخرى في كل من غينيا ومدغشقر وارتيريا وموريتانيا وتوجو. الحال في جنوب السودان يختلف قليلًا أو كثيرًا فقد وقف الاتحاد قبيل مشكلة الجنوب موقفًا صارمًا في دارفور وأرسل قوات قوامها 7 آلاف جندي لحفظ السلام هناك لحين حسم المشكلة.. لكنه في هذه المرة سيجد نفسه أمام معضلة رئيس يُعوّل على الولايات المتحدة أكثر مما يُعوّل على الاتحاد، ودولة جاءت على رغبة الغرب أكثر مما جاءت على هوى أبناء السودان الكبير! في المقابل، نائب رئيس ساهم في تأسيس الحركة الشعبية لتحرير السودان "ممن؟!" ويرى طوال الوقت منذ أن كان الانفصال حلمًا أنه الأولى بقيادة أي كيان منفصل حتى ولو كان قرنق نفسه!! كنت ألتقي مشار كثيرًا في أديس أبابا بصحبة ياسر عرمان، ونيال دينق، ودينق آلور وكوستي مانيبي... وكان الرجل واضحًا وصريحًا وهو يقول لي مستنفرًا إياي في ذلك الوقت ومستحضرًا ضحكات "وقهقهات" الحاضرين من فرط انزعاجي ورفضي للانفصال: يومًا ما ستأتي لمقابلة الرئيس رياك مشار"! في ضوء ذلك، لم أستبعد بعدها أن يروي عن قرنق قوله إن رياك مشار طعن الحركة في ظهرها حينما كنا على وشك الانتصار"! الأغرب من ذلك أن زوجة مشار السيدة انجليليا تبنج ظلت لفترة طويلة وزيرة دولة للطاقة في جمهورية السودان "الأصلية"، وهكذا فأنت الآن أو كل الاتحاد الإفريقي الآن في مأزق الصلح والإصلاح بين انفصاليين انفصلوا عن الانفصال، وانقلابيين انقلبوا على الانقلاب وما أكثر المفارقات في جنوب السودان الذي تركه العرب والمسلمون وثنيًا وهو على بعد مسافات قليلة منهم! لقد بدأت مفاوضات السودان مع جنوب السودان أو قل مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" مبكرًا، ومنذ الإطاحة بالرئيس جعفر نميري.. وفيما كان الصادق يدخل والميرغني يخرج.. والترابي يناور والبشير يحارب كانت الإرساليات المتوالية تُشكِّل كيانًا جديدًا وغريبًا هو الآن دولة جنوب السودان! وفيما ظن الجميع أن الجنوب سيشهد تنمية وازدهارًا واستقرارًا هبت رياح الانقلاب التي يهواها مشار وتداعى الطامعون من الجيران وغير الجيران، وعاد رياك مشار يحمل السلاح من جديد! كعادته يتسق مشار مع نفسه، حيث يرى أن سلفاكير هو رئيس الدولة هو من اصطنع كذبة الانقلاب، وأنه لم يبدأ بالانقلاب كما يروج الآن على جميع المستويات، وهو يرى كذلك أن التدخل الأوغندي في الشأن الجنوبي واضح ولا يحتاج إلى دليل.. ومن فرط وضوحه وفيما كان سلفاكير يتعهد لأمريكا بالإفراج عن 11 معتقلًا من مساعدي مشار باستثناء ثلاثة ستتم محاكمتهم، كان مشار يضع الثلاثة المطلوبين في صدارة وفده للمفاوضات التي ستبدأ في أديس أبابا!! لقد أدمن مشار التمرد منذ بروزه على ساحة الكفاح المسلح، فهو قد انقلب على رفاقه، وانشق عنهم عام 1991م مؤسسًا "مجموعة الناصر"، ثم عاد فأسس الحركة الموحدة عام 1992م قبل أن يعود ليعلن حركة "استقلال جنوب السودان" عام 1995م.. وفي عام 1997م اتفق رياك مشار مع الرئيس عمر البشير على إنشاء مجلس تنسيق الولايات الجنوبية، وأصبح رئيسًا له، وظن البعض أنه استراح وأراح وأقلع عن الانقلابات المتوالية قبل ان يفاجئهم ويفاجئ مساعديه بالاستقالة والانضمام للجيش الشعبي لتحرير السودان! لقد كان لمشار منذ عرفته في بداية التسعينيات هدفًا واحدًا لا يحيد عنه وهو رئاسة دولة منفصلة تمامًا عن السودان ومستقلة عنه، فلمّا تحقّق له ما أراد ذهب بنفسه إلى مقر الأمم المتحدة في يوليو 2011م ليرفع علم الدولة على مبنى المنظمة هناك في نيويورك! وأعود فأقول: إن مهمة الاتحاد الإفريقي أصعب كثيرًا من أية مهمة أخرى.. ليس لكمية السلاح الموجودة في يد كل طرف، ولا في حجم المشكلات والخلافات السياسية أو الاقتصادية، وإنما لأنه باختصار أمام رئيس يرى أنه الشرعي، وأنه يواجه تمردًا وانقلابًا، فيما يرى الطرف الثاني أنه الأصل!. دعك من الخلافات حول النفظ وعدد المعتقلين، والخلاف حول الدستور.. لقد سمعتها من مشار عام 1991م، وها أنا أسمعها الآن مرة أخرى وهو يقول: "شعبنا لن يتحمل سلفاكير عامًا آخر"، وتلك هي المشكلة!. sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain