جنودنا البواسل وضعوا أرواحهم على كفوفهم، وقدَّموها فداءً للوطن، رفعنا الشعارات لهم، ونظمنا الأشعار من أجلهم، ونُظِّمت الحملات لدعمهم المعنوي والنفسي، لما يُقدِّمونه من أجل حماية البلاد، وتوفير الأمن والأمان للعباد. أبدعنا في الكلام والأقوال، وتفاخرنا بأفعالهم. يكمن السبب باعتقاد البعض بأنه هذا هو ما يُمكن تقديمه لا أكثر، وهذا ليس بصحيح. فما وقفتُ عليه، بَعَثَ في داخلي استغرابًا ودهشة.. هل يُعقل أن تُقام دعوى ضد أحد المُكلَّفين على الحدود، ونحن على علم بما يُواجه في الوقت الحالي هناك؟. للأسف هناك مَن جُرِّد من المشاعر، وتناسى أنهم يُقدِّمون أرواحهم وأجسادهم دروعًا لحمايتنا، ومثل هؤلاء اعتبروا هذا إجراءً عاديًّا تجاه المُكلَّفين على الحدود، ورفع الدعاوى ضد أحدهم ليس له علاقة بمكان وجوده حاليًّا. مع علم المدِّعي علم اليقين بأن المُدَّعى عليه مُكلَّف لأداء مهمّة عظيمة على الحدود، أين الأفعال من مواقف كهذه؟ أين الشُكر والعرفان لهم امتنانًا لدورهم المهم؟ هل أصبحنا قوم أقوال بلا أفعال؟ أخصُّ بموضوعي هذا ولا أعمم، ولكن هذا الفعل موجود، ولم أتوقع، أو أُخمِّن حُدوثه، فقد استغل المدّعي بُعد المدَّعى عليه وانشغاله ليرفع دعواه ضده، مع الإصرار على الطلب، ورفض الإمهال أو التأجيل لحين عودته. إن الواجب يُحتِّم علينا الوقوف مع المُكلَّفين والمُجنَّدين، سواء على الحد الجنوبي أو غيره، مهما كانت المهام المُكلَّفين بها، «قائد أو جندي أو طبيب».. وغيرهم، لنكن معهم قلبًا وقالبًا، وندعمهم نفسيًّا ومعنويًّا، ليتمكَّنوا من الوصول للنصر بروحٍ معنويةٍ عالية. لذلك يجب أن تكون مؤازرتنا لهم بحجم التضحية المُقدَّمة منهم، فهم عنوان التضحية والفداء، فكم منهم راح شهيد الواجب. يحق لكل شخص رفع الدعاوى والمطالبة بحقوقه، لا خلاف على هذا المبدأ، ولكن خلافي على التوقيت، لذلك أتمنى أن يُنظر في إصدار تعميم يخص وقف الدعاوى المقامة ضد المُكلَّفين ولو بشكلٍ مؤقت، وتأجيل النظر فيها إلى حال عودتهم لديارهم، فيُغنيهم تركهم لأهاليهم وأبنائهم، فكيف يُصبح بهم الحال عند تبليغهم بضرورة حضور موعد جلسة بالمحكمة، وقد تكون الدعوى المقامة بغير وجه حق. واجبنا اليوم أن نسأل الله العلي العظيم لهم التوفيق والثبات، وأن يُمكِّنهم وينصرهم ويُسدِّد رميتهم.