قبل عام من الآن، حل اليوناني دونيس بديلاً للروماني ريجيكامب بعد إقالته من تدريب الهلال على إثر خسارة الفريق للمباراة النهائية في بطولة كأس ولي العهد من أمام الأهلي، وحظي دونيس بإشادات كثيرة حينها بعد النقلة النوعية في أداء الفريق، إلا أن الحال اليوم لم تعد كالسابق، فابن الإغريق أصبح يعوم وسط سيل من الانتقادات التي لا تتوقف. وأمام التعاون مؤخرا، خسر الهلال ثلاث نقاط مهمة في مسيرته نحو تحقيق لقب دوري المحترفين السعودي الغائب عن خزائنه منذ سنوات، لكن تعثر الأهلي بالتعادل أمام النصر أبقى الفريق الأزرق متصدرًا في خدمة جليلة قدمها غريمه التقليدي. تعثر الهلال أمام التعاون بالخسارة وقبلها بالتعادل أمام الفتح كان أمرا مقبولا في ظل انحصار المنافسة بينه وبين فريق الأهلي الذي يتعثر هو الآخر ويفرط للمرة الثانية في انتهاز الفرصة والإطاحة بالهلال من الصدارة، إلا أن قدوم الاتحاد بقوة نحو المنافسة يجعل الأمر خطيرا على مستقبل صدارة الهلال. الأصوات المطالبة بإقالة المدرب باتت تتعالى نظير ما يقدمه اليوناني الذي حضر في بداية عقده كمدرب مؤقت حتى نهاية الموسم، إلا أن المستويات المميزة وتحقيقه لبطولة كأس الملك قادته للبقاء موسما إضافيا نجح في انطلاقته بتحقيق لقب كأس السوبر وضمها إلى بطولة كأس الملك التي كانت جميعها أمام الغريم التقليدي النصر، إضافة إلى اعتلائه حاليا لصدارة لائحة الترتيب بفارق نقطة عن فريق الأهلي. ويقف دونيس أمام استحقاق هام وحاسم يجمعه اليوم بنظيره الأهلي على نهائي كأس ولي العهد وهي البطولة التي بعثرت أوراق الفريق في الموسم المنصرم وقادت رئيسه الأمير عبد الرحمن بن مساعد ومدربه للابتعاد. ولم يحتمل دونيس سؤالا وُجّه إليه خلال المؤتمر الصحافي بعد نهاية مباراة فريقه أمام التعاون ليخرج غاضبا من قاعة المؤتمر. وكان أحد الإعلاميين سأل دونيس: «كيف ترى مستقبلك مع الهلال بعد هذه الخسارة؟»، وهو الأمر الذي أثار غضب دونيس وقاده لعدم إكمال المؤتمر. ورغم المستويات المتذبذبة للفريق الأزرق خلال المباريات الأخيرة من دوري المحترفين السعودي، فإن اليوناني أكد أنه يملك فريقًا قويًا وقادرًا على تجاوز تبعات الخسارة من أمام التعاون قبل نهائي كأس ولي العهد. وفي كل، فإن الأمر الذي لا يمكن التقليل منه أو تغافله هو الغضب الجماهيري العارم من المدرب والمتصاعد جولة بعد أخرى نظير المستويات الفنية المتواضعة لبعض لاعبيه، وخصوصا الكوري كواك تاي هي وسلمان الفرج إضافة إلى تدني نتائج الفريق كخسارته أمام التعاون وتعادله أمام الفتح وفوزه بصعوبة أمام فريق الرائد. بعيدًا عن رد فعل الجماهير التي قد تتغير عطفا على تحقيق الفوز، يظل السؤال القائم حاليا: هل يستحق اليوناني دونيس الإقالة والإبعاد من تدريب الهلال في منتصف الموسم الحالي؟! وحتى تكون الإجابة أكثر دقة، يجب وضع المدرب وعمله الفني في ميزان الأرقام منذ قدومه في الموسم الماضي وحتى الفترة الحالية التي خاض فيها 17 مباراة على صعيد دوري المحترفين السعودي. تسلم دونيس زمام القيادة الفنية مطلع شهر مارس (آذار) الماضي وقاد الهلال في 46 مباراة بمختلف البطولات التي شارك فيها وتمكن من تحقيق الفوز في 34 مواجهة في حين خسر 7 مباريات وتعادل في 5 منها، محققا خلالها بطولتي كأس الملك والسوبر، في حين قاد فريقه لنهائي كأس ولي العهد ويحضر في صدارة دوري المحترفين إضافة إلى بلوغه دور نصف نهائي دوري أبطال آسيا في النسخة السابقة. وبصورة تفصيلية أكثر، فعلى صعيد دوري المحترفين السعودي في موسمه الماضي بدأ اليوناني دونيس في الإشراف على فريق الهلال مع انطلاقة الجولة الثامنة عشرة التي واجه فيها الفريق الأزرق نظيره الخليج ونجح في كسب نقاطها بعد فوزه بهدف يتيم دون رد سجله البرازيلي تياغو نيفيز مع اللحظات الأخيرة من عمر المباراة ليحقق انتصاره الأول مع الفريق بعد أيام قليلة من الخسارة في البطولة الآسيوية من أمام السد القطري. بعدها واصل اليوناني دونيس قيادة الهلال لانتصارات متتابعة على صعيد الدوري، إذ نجح في تجاوز الفتح ثم الشباب والتعاون والفيصلي والاتحاد قبل أن يتعادل مع الرائد وبعدها يخسر من أمام النصر الذي حقق لقب البطولة قبل أن يختتم الدوري بانتصار عريض أمام فريق هجر بخمسة أهداف مقابل هدف يتيم. في دوري الموسم الماضي لم يتمكن دونيس من قيادة فريقه للمنافسة على اللقب في ظل التركة السلبية التي خلفها الروماني ريجيكامب وفقدانه لمزيد من النقاط التي رجحت كفة النصر ووصيفه الأهلي، لكن اليوناني نجح في تحسين مركز فريقه بانتزاع المركز الثالث من نظيره الاتحاد بعدما كان الهلال يحضر في المركز الرابع. وفي البطولة الآسيوية أشرف دونيس على فريقه في 11 مباراة موزعة بين دور المجموعات ودور الـ16 التي كانت في الموسم الماضي وبين الأدوار المتقدمة التي كانت في انطلاقة الموسم الحالي، إذ حقق اليوناني على الصعيد الآسيوي خمسة انتصارات مقابل ثلاثة تعادلات ومثلها ثلاثة إخفاقات. وودع الهلال البطولة القارية رغم اقترابه من التأهل للمباراة النهائية بعدما خسر أمام مضيفه فريق أهلي دبي الإماراتي في اللحظات الأخيرة في نصف نهائي البطولة وهي المباراة التي بعثرت أوراق المدرب مع أنصار ناديه في الموسم الحالي. ونجح المدرب الجديد للفريق الأزرق في قيادة فريقه لمعانقة لقب بطولة كأس الملك بعد فوزه على غريمه التقليدي النصر في ركلات الترجيح بعد مباراة ماراثونية حملت معها أحداثًا لا تنسى، يأتي أبرزها هدف المدافع محمد جحفلي الذي غير مسار البطولة من فريق النصر إلى أدراج فريقه الهلال في الثواني الأخيرة من عمر المباراة النهائية. وفي بطولة كأس الملك نجح دونيس في قيادة فريقه لتحقيق خمسة انتصارات ومعانقة اللقب، بعدما واجه في الدور الأول فريق الجيل ثم هجر وبعدها الفيصلي بدور ربع نهائي، قبل أن يلاقي فريق الاتحاد بدور نصف نهائي البطولة وينجح في تجاوزه برباعية مقابل هدف ليطير لملاقاة النصر ويتمكن من تجاوزه عن طريق ركلات الترجيح بعدما تعادل الفريقان بهدف لمثله في الأشواط الأصلية والإضافية ويحقق لقب البطولة. ومع انطلاقة الموسم الحالي واصل دونيس نجاحاته مع فريق الهلال وتمكن من قيادته لتحقيق لقب كأس السوبر السعودي الذي جمعه بغريمه التقليدي النصر في العاصمة البريطانية لندن، والتي كسبها الهلال بهدف يتيم دون رد حمل توقيع البرازيلي كارلوس إدواردو الوافد الجديد لصفوف الفريق. أما على صعيد دوري المحترفين السعودي فيحضر الهلال حاليا بصدارة لائحة الترتيب برصيد 40 نقطة وبفارق نقطة يتيمة عن فريق الأهلي الذي يحضر ثانيا وبفارق خمس نقاط عن فريق الاتحاد الذي يملك في رصيده مباراة بذات الجولة الأخيرة أمام القادسية لم يلعبها بعد. في النسخة الحالية للدوري لعب الهلال تحت قيادة مدربه اليوناني دونيس سبع عشرة مباراة تمكن خلالها من تحقيق الانتصار في 13 مباراة منها، في حين خسر ثلاث مباريات وتعادل في مباراة يتيمة أمام فريق الفتح، إلا أنه لا يزال محافظًا على بقائه في قمة الترتيب. بطولة كأس ولي العهد التي خسرها فريق الهلال أمام الأهلي في الموسم الماضي أزاحت الرئيس عن منصبه ومنحت المدرب الروماني ريجيكامب ورقة المغادرة عن قيادة الفريق، فهل تكون هذا الموسم ورقة تأكيد بقاء لليوناني دونيس أم مغادرة بلا رجعة عن صفوف الفريق رغم النتائج الإيجابية التي يحققها الفريق تحت قيادته وفقًا للغة الأرقام؟!