أوضحت في المقالين السابقين أن ما دفعني للكتابة في هذا الشأن هو ما يُعانيه المواطنون من تباطؤ في الإجراءات والوقت لاستخراج تصريح بناء فيلا أو عمارة سكنية، أو استخراج كروكي لأرض يملكها المواطن، ناهيك عن الحفر في الشوارع، والصيانة للإنارة والحدائق وغيرها من معاناة، إلا أن الأمر الذي أوقعني في الحيرة وأنا أتابع إنجازات الأمانة، أنني أجد في ذات الوقت نقدًا موجَّهًا لها باستمرار، فسألت نفسي كيف حققت أمانة جدة عددًا من الجوائز ومن جهات محايدة في ظل تلك الشكاوى؟! لقد أتاح لي معالي الأمين الاطلاع على سير العمل بإدارات الأمانة والاجتماع بمسؤوليها، وللأمانة، ما رأيته هو عكس ما يُسطِّره بعض الكُتَّاب، وما سمعته من المواطنين، وإني وجدت الإشكالية في كون الغالبية لا تبحث عن المعلومة من مصدرها، بل يكتفي بعض الكُتَّاب بتوجيه النقد دون التقصي، ويكتفي المواطن بالتالي بقراءة ما يُكتب، وما يتناقل في المجالس والمنتديات، وهو بخلاف ما يسير عليه العمل حقيقةً، فالمعاملات من لحظة ورودها وتنقلاتها بين الإدارات في الأمانة تسير إلكترونيا، ولقد استفسرتُ عن بعض المعاملات، ورأيت جميع الإجراءات المتخذة حيالها إلكترونيًا، وتنقلاتها بين الإدارات.. فقد اجتمعتُ مع مدير رخص البناء، والمشروعات الريادية، والكروكيات، والمكاتب الهندسية، وأطلعت على سير العمل بها، وتمحورت أسئلتي حول التأخير في استخراج تصريح فيلا أو عمارة سكنية؟ فجاءت الإجابة بأن بعض المواطنين تنقصهم المعلومة الدقيقة، مع بيانهم لي الطريقة التي تسير فيها الطلبات، خصوصًا بإدارات الرخص، فهي تسير وفق توجيهات معالي الأمين والوكيل بتسهيل إجراء استصدار رخص البناء للفلل والعمائر السكنية، وقد تم تنفيذ وتطبيق نظم البناء الجغرافي، وتعتبر أمانة جدة أول الأمانات التي عملت بهذا النظام، وهو نظام إلكتروني يقوم بدراسة المشروع بدون تدخل أي مهندس بالقسم، فيدرس النظام نسبة البناء، عدد الأدوار، عدد مواقف السيارات، معامل البناء، الارتفاعات، الارتدادات، إلخ. وهذا النظام يحدُّ من الأخطاء البشرية، ولا يمكن لأي مكتب هندسي أن يورد لنا أي مخطط مُخالف للاشتراطات، فالجهاز وبشكل إلكتروني يرفض ذلك قبل صدوره من المكتب الهندسي، هذا النظام مكّننا من إنجاز أكثر من 90% من المعاملات التي قُدِّمت لنا العام الماضي، والبالغة 11566، والمرفوضة 10%، وعدد الوحدات السكنية في عام 1436هـ المصرح بها بلغ 118381، وتعتبر أمانة جدة الوحيدة على مستوى الأمانات التي تصدر الإحصائيات إلكترونيًا، ناهيك عن أن العمر الزمني لاستخراج تصريح البناء هو خمسة أيام حسب ما رأيت إلكترونيًا، فالتأخير يعود في رأيي الشخصي للمكاتب الهندسية، والأمانة تقوم بمنح المكتب الهندسي شهرًا لإكمال المخطط المعتمد للمواطن، ولن تستقبل أي معاملة أخرى له حتى اكتمال المخطط وحصوله على التصريح. وتصديقا لما سمعت عن كثير من المكاتب الهندسية، يأتي تأكيد نائب رئيس لجنة المكاتب الهندسية بغرفة جدة عبر جريدة المدينة 13/2/2016 حينما صرح بأن 80% من المكاتب الهندسية بجدة خدماتها متدنية، لعدم وجود مقياس واضح كون المواطن لا يستطيع معرفة التفاصيل الدقيقة حول استخراج الخرائط. ناهيك أن هيئة المهندسين وعبر جريدة المدينة بتاريخ 12 /2 /2016 دعت المكاتب الهندسية إلى الالتزام بقواعد المهنة بالإضافة إلى السعي لتنمية القدرات. وخلاصة القول: إن على من يرغب في استخراج رخصة بناء يلزمه الدخول لموقع الأمانة (مقياس وأداء المكاتب الهندسية) للاطلاع على كفاءة المكتب الهندسي من عدمها، كما عليه أخذ المعلومة من مصدرها «الأمانة»، وأن يتبع الخطوات الصحيحة بكل دقة في سبيل الحصول على معاملة مكتملة الشروط، سريعة الإنجاز. Hussain1373@hotmail.com