تعتبر جمهورية الهند من البلدان الآسيوية التي تتميز بطبيعة خلابة وتاريخ عريق لا يجهله أحد، وقد تمكنت هذه الدولة خلال العقود الأخيرة من أن تصبح واحدة من الوجهات السياحية الرئيسية في العالم وذلك بسبب الأماكن الرائعة والقصور والمساجد والأضرحة العديدة التي توجد في مناطق مختلفة من الهند. تنتشر الأبنية التاريخية الجميلة في أنحاء البلاد، ولكن، عندما يأتي الحديث إلى أجمل المباني على الإطلاق، تذهب النتيجة بلا شك، إلى درة الهند الخالدة تاج محل، حيث يقصد أكثر من 3 ملايين شخص في كل عام، مدينة أغرا عاصمة ولاية أتارا براديش، التي ترقد على ضفاف نهر يامونا، وذلك لإمتاع أعينهم برؤية التحفة المعمارية الخالدة التي أنشأها الإمبراطور المغولي شاه جاهان في القرن السابع عشر، بوصفها ضريحاً رائعاً يليق بذكرى زوجته المحبوبة ممتاز محل بعد وفاتها أثناء ولادتها لأحد أطفالهما. ورغم أن جاذبية الضريح متأصلة في تصميمه الهندسي البديع الذي يأسر الألباب، إلا أن هناك أيضاً العديد من العوامل الرئيسية التي تساعد على إضفاء لمسة جمالية مميزة عليه. ربما كون الضريح متناظراً تماماً من جوانبه الأربعة، فإن ذلك زاد في جماله وأناقته، وربما كون البناء نفسه مبني من الرخام الأبيض شبه الشفاف قد زاد من عظمته وسحره، حيث إنه عندما تسطع عليه أشعة الشمس، يصبح المبنى كما لو أنه يحتوي على مصدر داخلي للإضاءة، ويبدو اللون نفسه متغيّراً اعتماداً على أي وقت من النهار تزور فيه الضريح، حيث يأخذ لوناً يميل إلى الوردي مع شروق الشمس، ويتحوّل إلى أبيض ناصع البياض أثناء النهار، ويكتسي بلون ذهبي يميل إلى الأصفر عند غروب الشمس. تم بناء المبنى بأكمله على قاعدة رخامية أخرى ترفعه أمتاراً عدة من سطح الأرض، وتنتصب أربعة مآذن في أركان المبنى، بنيت كلها بحيث تميل قليلاً نحو الخارج، بحيث إنها إذا كان لها أن تقع لسبب أو لآخر، فسوف تسقط نحو الخارج ولا تؤدي إلى تلف المبنى الرئيسي، وزيّنت معظم جدران تاج محل، بمجموعة من الزخارف النباتية المنحوتة على سطح الرخام المرصع بتصاميم معقدة من الأحجار. يوجد العديد من الطرق لاستعراض هذه التحفة المذهلة، لذلك إذا كنت ترغب في العودة من الهند بمجموعة من الصور التي تفخر بها لدرّة التاج، فإليك مجموعة من النصائح التي تعينك على إيجاد أفضل النقاط والزوايا المتاحة لمشاهدة تاج محل: * أولاً من داخل حرم الضريح قد تضطر إلى دفع 750 روبية للحصول على هذا الامتياز، ولكن هذا فقط عندما تكون في الواقع داخل حرم الضريح، حيث يمكنك الحصول على تلك اللقطة الكلاسيكية للتاج منعكساً على بركة اللوتس وهي بركة الماء التي تقع في الحرم. ولكن ما يثير الاهتمام والفضول بشكل أكبر هو أن بقاءك داخل حرم الضريح يتيح لك في الواقع البقاء على صلة وثيقة وحميمية مع واحد من أجمل المباني في العالم، وستشعرك بعظمة المكان ودفئه وستنتابك بعض المشاعر عند تذكرك قصة وفاة الملكة وحب الملك شاه جاهان الكبير لها. * ثانياً نهر يامونا يمر مسار على طول الجزء الخارجي من الجدار الشرقي لمجمع تاج محل، يقود إلى معبد صغير بجانب نهر يامونا، ليعطي الزوار فرصة للنظر إلى التاج من هذه الزاوية غير العادية من الركن الشمالي الشرقي للمبنى، كما يمكن لك أيضاً أن تدفع أجرة قارب يقلّك من هنا إلى منتصف النهر للحصول على نظرة أكثر رومانسية للمشهد. * ثالثاً حديقة المغول توفر حديقة المغول، على الجانب الآخر من النهر مقابل التاج، فرصة للحصول على لقطة من مكان أكثر جاذبية، حيث تخوص الجواميس في الوحل عند حافة المياه، وعلى الرغم من أن السلطات وضعت سياجاً مزعجاً من الأسلاك الشائكة يمتد من الطريق المؤدية من جانب الحديقة إلى النهر وذلك لمنع السياح من المشي على طول ضفة النهر، إلا أن المكان ما يزال رائعاً لالتقاط الصور الأكثر فرادة. * رابعاً عند الفجر إذا كنت تصحو مع بزوغ الفجر، وتملك عدسة تقريب قوية بما يكفي في الكاميرا خاصتك، فإنه يمكنك الحصول على اللقطة الجميلة بشكل لا يصدق لشروق الشمس بين اثنتين من مآذن تاج محل. وسيكون الأمر المثير في قصتك مع المكان، أنك بعد أن تكون قد تنقلت وتجولت كثيراً في مناطق أغرا للعثور على أفضل مكان يمكنك منه تصوير تاج محل، سوف تدرك في نهاية المطاف أنك قد لا تكون محتاجاً لأن تغادر الفندق حيث تقيم، وستجد أن الصورة من على سطح مبنى الفندق، هي واحدة من أجمل اللقطات التي ستأخذها لتاج محل في أي وقت مضى، ومنطقة تاج غانج، المنطقة الرئيسية لإقامة السياح في أغرا، تمتلئ بالمقاهي على السطح، وهذا يعني أنه أينما كانت إقامتك، فإن بإمكانك الذهاب بعيداً بتأملك لهذا المبنى الرائع، دون أن تكون مضطراً لمغادرة المكان الذي تقيم فيه. قلعة أغرا إلى جانب تاج محل، هناك عدد من الأماكن التاريخية الأخرى لتراها هناك، أهمها قبر الملك أكبر، وقلعة أغرا التاريخية الشهيرة، وكل من هذه الصروح المعمارية يمتلك سحراً خاصاً به ويحظى باستقطاب عدد كبير من السياح سنوياً، ولكن المكان الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد تاج محل من حيث عدد الزائرين هو في الحقيقة قلعة أغرا التاريخية. بنيت هذه القلعة في العام 1565 من قبل الإمبراطور المغولي أكبر، وتم إجراء تعديلات عليها في وقت لاحق من قبل شاه جاهان، باستخدام الرخام الأبيض كمادة أولية للبناء. وتشير جدران القلعة العالية التي ترتفع إلى نحو 20 متراً وتمتد إلى نحو 2.5كم وتحيط بها من كل الجوانب تقريباً، إلى أن هذه القلعة ربما تكون قد بنيت في الأصل لغرض عسكري، لكن المؤكّد أنها كانت في البداية قصراً خاصاً للإمبراطور أكبر جرى استخدامها في وقت لاحق كسجن. وعلى الرغم من أن القلعة قد طغت عليها إلى حدّ ما، شهرة ضريح تاج محل القريب، إلا أنه من المؤكّد عدم خلوّها كذلك من السحر الخاص بها كإحدى روائع الهند. ومهما كان الهدف وراء رحلتك إلى الهند، فإن مرورك على تاج محل ورؤيتك لذلك الصرح المعماري المذهل الذي يدل على الوفاء بين الزوجين بقدر دلالته على الإبداع والفن المعماري الرائع، من المؤكد أنه سيمنحك متعة ولذة لا مثيل لها، وسيجعلك تفكر في زيارة الهند لمرة ثانية وثالثة وعاشرة، ربما.