انتقد مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، بعض الدول الكبرى التي تقدم مصالحها على مظالم الشعوب المشردة والمنكوبة، رغم دعواهم بأنهم أهل عدل وإنصاف واحترام لحقوق الإنسان. وتطرق المفتي في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، إلى السياسة العالمية لدى بعض الدول الكبرى، وقال إنهم يظهرون للناس أنهم أهل عدل وإنصاف واحترام لحقوق الإنسان والوقوف مع المظلومين، ومساعدة المنكوبين وغير ذلك مما نسمعه، ولكن في الواقع "خلاف ذلك". وقال: "فترى أولئك القوم عندما تأتي مصالحهم لا يبالون بالمظلومين ولا بمشردين هدمت بيوتهم.. فمصالحهم الخاصة مقدمة على كل شيء (..) هم أعداء الإنسان بالواقع يشعلون الفتن ويمدون الحروب ويمدون هؤلاء بالأسلحة لأجل أن يضرب الناس بعضهم لبعض وأن تشغل الأمة بنفسها ويدمرون بعضهم". وحذر الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ خلال الخطبة، من "غش الوطن" بالدعوة إلى الفوضى والبلبلة والاضطرابات والمظاهرات والاعتصامات والتي تكون مدعاة لسفك الدماء وانتهاك الأعراض ونهب الأموال، مشيراً إلى أن أعداء الأمة يزينون لضعفاء البصائر الفوضى والاضطرابات كي تفقد الأمة قوتها واقتصادها. وعلى الصعيد المحلي، اعتبر آل الشيخ أن "الشهادات المزورة" هي من ضمن عوامل غش البلد، وخصوصا تلك التي تفضي بصاحبها للحصول على وظيفة وتسلم منصب بشهادة كاذبة ومزورة، لافتا إلى أن ذلك الأمر يعظم في مسائل الطب تحديدا لما في هذا المنحى من إضرار بالأمة وإلحاق الأذى بها. وأضاف متابعاً: "ومن أنواع الغش، غش الرعية لراعيهم، بما ينشرون عن عيوب الراعي والنقائص والتحدث بذلك، من غير إظهار المحاسن والفضائل، وإنما يشتغلون فيما يرونه عيوباً كي يشوشوا على الناس، وينشروا البلبلة بين المجتمع، فهذا كله من الخطأ، وينافي حقيقة المحبة والموالاة لله والنصيحة الشرعية المطلوبة في أدائها ووسائلها المعروفة". وأشار إلى أن "من الغش كذلك غش من تولى أمراً من أمور الأمة فخان في أمانته ولم يتق الله، فالمسؤول عن أي مؤسسة مسؤول أمام الله عن تقصيره"، لافتا إلى أنه سيساءل يوم القيامة عما إذا كان أدى عمله بالوجه المطلوب وعما إذا كان وضع في المناصب من هم أهلا لها أم لا؟. ولفت مفتي عام المملكة إلى أنه من الغش "غش المقاولين والمنفذين للمشاريع العامة والخاصة، فإن الواجب على كل مقاول، أن ينفذ المشروع على حسب المواصفات المعروفة التي وقع عليها والتزامها، فيؤديها كما التزم بذلك، أما أن تلتزم بمواصفات معينة وعند التنفيذ تخل بذلك فيقع الخلل ويستبين النقص والضرر لتلك الخيانة والتواطؤ على الرشوة بين المنفذ وبين صاحب المصلحة العامة والخاصة وكل هذا خلاف المشروع وكله غش وخيانة". ونبه المفتي إلى خطأ من يعتقد أن الغش يقع فقط في عمليات البيع والشراء، لافتاً إلى أنه مفهوم أوسع وأشمل وهو يعرف بأنه مخالفة الواقع سواء كان ذلك بالأقوال أو الأفعال، ومن صوره "غش العقيدة، وترويج البدع والضلالات، ومنه أيضاً الغش بالعلم بأنه يدعي العلم والمعرفة وهو خلاف ذلك، ومن صوره أيضاً محاولة طمس هوية الأمة وتغريبها ونقل الآراء والأفكار البعيدة عن دينها، ومن الغش المحرم غش البيع والشراء يكون ذلك بالكذب وعدم تبيين الحقائق وإخفاء العيوب الموجودة، وكذلك الغش بالسلع من حيث مصدرها فيخدع الناس بأنها سلعة طيبة بشعاراتها وهو كاذب في ذلك".